صوت مجلس الشورى أمس (الثلثاء) بالموافقة على دراسة مقترحين لتعديل نظام الجنسية العربية السعودية، قدمه أعضاء في المجلس خلال الدورة الشورية الماضية، بقي منهم في التشكيل الحالي، لطيفة الشعلان، وعطا السبيتي، وخرج كل من ثريا عبيد، ووفاء طيبة، وهيا المنيع. ويتوقع أن تعود لجنة الشؤون الأمنية في جلسة أخرى خلال الأسابيع المقبلة، لعرض دراستها التفصيلية للمشروعين تحت قبة المجلس. وكان المفاجئ في مناقشة أمس، التأييد الكبير من الأعضاء الذين داخلوا على تقرير اللجنة الأمنية التي درست المقترحين، وأوصت بـ«الملاءمة». واقتصرت المعارضة على مداخلات العضوين فهد العنزي ومحمد العلي. وقال الأول إن «الأبناء ينسبون لآبائهم، وأن منح المرأة جنسيتها لأبنائها ليس خياراً مترتباً على خيارها بالزواج من أجنبي». في حين أخذ العلي منحى آخر، وهو وصف ما سيترتب على الموارد الطبيعية في المملكة من ضغط بسبب تجنيس أبناء المواطنات، وقال: «إننا نعيش في بلد صحراوي ومصادر المياه محدودة، وإن الزواج بسعودية سيكون هدفه الوحيد حصول الأبناء على الجنسية السعودية، التجنيس سيسبب التصحر والجفاف». بدورها، قالت عضو لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية لطيفة الشعلان لـ«الحياة»: «أشعر وزملائي بارتياح للمرحلة التي قطعها ملف أبناء المواطنات داخل المجلس». وأضافت «مشروعي وزملائي عن تجنيس أبناء المواطنة والجنسية هو عقد ورابطة سياسية، وحديث البعض عن النسب في هذا السياق أمر يدعو للرثاء قبل الدهشة، فهل طالب مشروعنا بنسبة الأبناء إلى أمهاتهم، بدلاً من آبائهم». وفي المنحى ذاته، قالت العضو إقبال درندري في مداخلتها: «إن الأم هي من ترضع طفلها حب الوطن وهي مربية الأجيال وتأثيرها أقوى من الأب فكيف يحرم أبناؤها الجنسية»، مبينة أن العالم «فهم ذلك المعنى ومنحها هذا الحق، وهو ما أدركته وعملت به جميع الدول المتقدمة، ولسنا أقل منها». وثنى على كلامها زميلها عبدالله الحربي، الذي قال إن «هذا الموضوع يلقى عناية كبيرة من الدولة، وشكلت وزارة الداخلية فريق عمل لدرس تعديل نظامي الجنسية والأحوال المدنية، وسيساعد المقترحان المقدمان من الزملاء بعد دراستهما، اللجنة المشكلة من الداخلية في إجراء التعديلات المناسبة على نظام الجنسية». وأضاف الحربي أن «الإقامة للابن بكفالة الأم السعودية مرهون في الأم وهي على قيد الحياة فقط، وبوفاتها يسقط حقه في الإقامة، وتبدأ رحلة البحث عن كفيل ومن لا يجد يعامل معاملة الوافد، ويتم ترحيله إلى بلد الأب، وهذا بمثابة الحكم عليه بالاغتراب عن بلده الذي نشأ وتعلم وتربى فيه». واعتبر الحربي تأشيرة الخروج والعودة «عبئاً مادياً وقيداً على الأسرة التي لا تستطيع الحراك من دونها، ذهاباً وإياباً، وفي حال دراسة الأبناء خارج المملكة، تضطرهم إلى العودة للمملكة للدخول قبل انتهاء التأشيرة، وترك التزاماتهم الدراسية، وكذلك الإشكالية نفسها لتجديد الإقامة». وأضاف أن التربية والنشأة في المملكة والارتباط في أسرة الأم والمجتمع السعودي «تنمي لدى الأبناء الارتباط والانتماء والولاء، وخصوصاً بعد قرار معاملتهم معاملة السعوديين في التعليم، ويبقى الإشكال بعد تخرجهم من الجامعات، إذ يعاملون معاملة الوافدين، وتواجههم كثير من العقبات لاستكمال دراساتهم العليا، على رغم تفوقهم». وافتتح فيصل آل فاضل مداخلته بالتذكير أن المقترحين قدما قبل عامين، وأن التأخير في عرضهما «غير مفهوم». واستطرد بالقول إن «المقترح هو حق من حقوق الإنسان في التجنيس، سواء من كان من أبناء الأمهات السعوديات أو الآباء السعوديين، وهذا المقترح يصب في مكافحة التمييز». وأيدت العضو نورة المساعد، وهي متخصصة في علم الاجتماع وعضو في لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس، مقترح تعديل نظام الجنسية العربية السعودية وما تقدمت به اللجنة الأمنية من مبررات وتوصيات بالموافقة على دراسة المقترح، مشيرة إلى أن غالبية دول العالم تسمح بتجنيس الأبناء من الآباء والأمهات، مشيرة إلى أن هناك تمييزاً في السماح للرجل فقط بتجنيس أبنائه من دون المرأة. إلى ذلك، ردت العضو إقبال زين العابدين درندري على رافضي تجنيس أبناء المواطنات، بأن لديهم هاجس أن هؤلاء سيقاسمونهم رزقهم، وأن الموافقة على المقترح قد تزيد البطالة، مذكرة إياهم بأن «الإيمان الحقيقي يقتضي أن نوقن بأن الرزق من عند الله، وهو الذي يقبض الرزق ويبسطه، وكل يأتي برزقه».
مشاركة :