العيش في المرتفعات... هل يؤثّر في صحّتك العقليّة؟

  • 2/9/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يشكّل الانتحار أحد أهمّ أسباب الموت في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ويتوقّع أن يسبب في السنوات العشرين المقبلة وفاة نحو مليونَي شخصٍ سنويّاً في العالم، متصدّراً المرتبة 14 بين أسباب الموت العالميّة. تشير دراسة جديدة إلى أن العيش في المرتفعات أحد أسباب الإقدام على الانتحار. تكثر العوامل المعروفة بأنها تدفع المرء إلى الانتحار، من بينها الشيخوخة، والمرض، والطلاق، والدخل المحدود، وتعاطي الممنوعات. كذلك تُضاف إلى اللائحة: الأمراض النفسيّة، واضطرابات المزاج، ونقص الدعم الاجتماعي. في دراسات عدة حول الانتحار في الولايات المتّحدة الأميركيّة، تبين أن الاختلافات الجغرافيّة تؤدي دوراً في هذا المجال، إذ تبيّن ارتفاع معدّلات هذه الظاهرة في القسم الغربي من البلاد. تتوسّع دراسة أخيرة في هذه النتائج، مشيرةً إلى أنّ الأميركيّين الذين يعيشون في مقاطعات تكثر فيها المرتفعات معرّضون للإقدام على الانتحار. مرتفعات وصحّة طالما ارتبط العيش في المرتفعات بالوقاية من بعض الأمراض، من بينها داء الشريان التاجي، والسكتة الدماغيّة. ولكنه في الوقت ذاته، يُعزّز الإصابة بالمشاكل النفسيّة كنوبات الهلع. وتشير دراسات سابقة إلى ارتباط وثيق بين الانتحار والمرتفعات، وأظهرت إحداها علاقة إيجابيّة وقويّة بين متوسّط ارتفاع الولاية ومعدّل الانتحار. مثلاً في «يوتاه» يبلغ متوسّط المرتفعات الجغرافيّة نحو 6000 قدم، ونسبة الانتحار أعلى بـ70% من المعدّل. كذلك بيّنت دراسة أخرى أنّ الولايات ذات أعلى المرتفعات تعاني ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الانتحار مقارنةً بالولايات الأقلّ ارتفاعاً. ولوحظت النتائج ذاتها في حالات الانتحار ذات الصلة بالأسلحة الناريّة، كذلك غير المرتبطة بها. توضح الدراسات أنّ المرتفعات عامل خطر يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب والانتحار. مع هذا، لا يعطي متوسّط مرتفعات الولاية فكرة دقيقة عن العلاقة بين الانتحار والارتفاع. فالأخير قد يختلف كثيراً ضمن الولاية الواحدة، فلا يمثّل متوسّطها الارتفاع في كلّ مكانٍ منها. مخاطر في الولايات المتّحدة كجزءٍ من المشروع، درس الباحثون المقاطعات الأميركيّة الـ364، وارتفاع كلٍّ منها، بحثاً عن احتمال وجود رابطٍ مهمٍّ بين المرتفعات والانتحار، معتمدين متوسط ارتفاع كل مقاطعة استناداً إلى العدد الإجمالي لشبكات طولها وعرضها 30 متراً. كذلك نظر الباحثون في بيانات الانتحار التابعة للمركز الوطني للإحصاءات الصحّيّة والخاصّة بكلّ مقاطعة أميركيّة بين 2008 و2014. وحصلوا على حسابات متوسّط خطوط العرض في كلّ مقاطعة من المسح الجيولوجي الأميركي. يُذكر أنّ التحاليل لم تشمل ألاسكا وهاواي لأنّ المعلومات الرقميّة حول مرتفعاتهما ليست متاحة بالكامل. وجد الباحثون أنّ لكلّ زيادةٍ في الارتفاع قدرها 100 متر، ارتفع معدّل الانتحار بنسبة 0.4 لكلّ مئة ألف. كذلك توصّلوا إلى أنّ المقاطعات ذات معدّل الانتحار الأعلى من المتوسّط تسكن فيها عموماً نسبة أقلّ من السكّان الأميركيّين المتحدرين من أصلٍ أفريقي، وارتفاع عدد المسنّين الذين تخطوا 65 عاماً، والمدخّنين، وقلّة الدعم الأسري والاجتماعي. رابط واضح تشير النتائج إلى ضرورة إجراء مزيدٍ من الدراسات لاكتشاف إلى أيّ مدى يُعتبر الارتفاع عاملاً محفّزاً على الانتحار، ما يسهم في فهم الأطبّاء أسباب الانتحار أيضاً. راقب الباحثون العوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والديموغرافيّة والسريريّة المتعدّدة، كمعدّل البطالة ونسبة السكّان إلى أطبّاء الرعاية الأوّليّة، ولكن لم تغيّر هذه العوامل النتائج. إذاً، لماذا تشهد المقاطعات المرتفعة، الموجودة بشكلٍ أساسي في الجزء الغربي من البلاد، مستويات انتحارٍ أعلى مقارنة بغيرها؟ يكمن أحد التفسيرات المنطقيّة في نقص الأوكسجين الذي يصل إلى الأنسجة، والذي يؤدي إلى استقلاب السيروتونين، فئة من النواقل العصبيّة المرتبطة بالسلوك العدواني والانتحار. كذلك تشير دراسات عدة إلى أنّ نقص الأوكسجين يزيد اضطرابات المزاج، خصوصاً لدى من يعانون عدم استقرارٍ عاطفي. مع هذا، في ظلّ غياب مزيدٍ من الدراسات السريريّة، يصعب تحديد أيّة آليّة بيولوجيّة تتأثّر بالارتفاع بشكلٍ دقيق.

مشاركة :