فتوى تحريم الحرقة تثير غضبا شعبيا في الجزائر

  • 2/9/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر يصدر فتوى تحرم الحرقة بعد ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة في المنطقة.العرب  [نُشر في 2018/02/09]هم ضحايا أولئك الذين يصورون لهم أوروبا جنّة فوق الأرض الجزائر- تشهد الجزائر جدلا وغضبا على مستوى الأوساط الرسمية والإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب فتوى للمجلس الإسلامي الأعلى تُحرم الهجرة غير الشرعية، أو ما تُعرف بـ"الحرقة" باللهجة العامية. حيث راي جزائريون أن الأولى تركيز الجهود على محاربة الفساد وتحريمه أولا باعتباره أحد أهم اسباب "الحرقة". ففي 24 يناير الماضي قال بوعبدالله غلام رئيس المجلس، إن "الهجرة غير الشرعية حرام شرعا، وتؤدي بالنفس إلى التهلكة، لكن قضية تحريم الحرقة لا تكفي، وإنما يجب دراسة الظاهرة التي انتشرت، مؤخرا، بشكل رهيب، خاصة وسط الشباب". وجاءت هذا الفتوى بعد ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين، عبر البحر المتوسط، نحو أوروبا، في الأشهر الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية تعانيها الجزائر منذ أكثر من ثلاث سنوات؛ جراء تهاوي أسعار النفط عالميا. الوزارة تؤيد ثم تتبرأ وقال نور الدين محمدي، مدير التوجيه الديني بوزارة الشؤون الدينية، عقب نشر الفتوى، إن الوزارة تؤيد فتوى المجلس الإسلامي الأعلى بتحريم "الحرقة". وتابع أن النصوص الشرعية كلها تحرّم الإلقاء بالنفس إلى التهلكة وإذلال نفس المسلم. وقال محمد عيسى وزير الشؤون الدينية، في تصريحات أخرى إن "المجلس الإسلامي هو أعلى سلطة إفتاء في الجزائر، وعلى الجميع الامتثال لهذا الحكم الشرعي (فتوى تحريم الحرقة)". وعقب انتقادات واسعة في الصحف المحلية لهذه الفتوى، تبرأ الوزير الجزائري منها على حسابه بموقع "فيسبوك". وكتب عيسى "بعد أسبوع كامل، لم نقرأ في الصحف إلا انتقادا للأئمة بسبب فتوى لم يُصْدِروها وهجوما متناغما على أسرة المساجد بسبب خُطَبٍ في هذا الموضوع لم يلقوها". وتابع "تناغمت أقلام بعض إخواننا في الإعلام ضدّ خطر أسلمة ممنهجة للمجتمع الجزائري أصبحت تهدِّدُ الجمهورية، وتعالت نداءاتهم بأن فتاوى التكفير قد عادت بفتوى الحرقة". وتحت وطأة الانتقادات أيضا، خفف رئيس المجلس الإسلامي الأعلى من خطابه، حيث قال إن "هؤلاء الشباب هم ضحايا أولئك الذين يصورون لهم أوروبا جنّة فوق الأرض". ودعا بوعبدالله غلام الله، يوم 4 فبراير الجاري، إلى "ضرورة مكافحة كل ما من شأنه تقسيم الجزائريين خاصة الطوائف والتيارات الدينية، التي تعمل لصالح الخارج ضد البلاد". فوضى أم صراع ؟ ووفق عدّة فلاحي، المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية الجزائرية، فإن "فتوى الحرقة تدل على الفوضى الحاصلة في المؤسسة الدينية بالبلاد، والتعاطي مع الشأن الذي يشغل الرأي العام فيما يتعلق بالفتوى". وقال فلاحي "لو أن المؤسسات الدينية خاطبت الرأي العام والصحافة الأولى بالمعلومة عبر قنوات رسمية ما وقعت فوضى ولا تأويلات". واعتبر أن "ما حدث دليل على أن المؤسسة الدينية غير قادرة على القيام بواجبها في هذا الميدان، لذلك ساد اللغط والصراع بين الوزارة الوصية والمجلس الإسلامي الأعلى". وشدد على أن "الإعلام الديني لا يزال بعيدا عن اهتمام المؤسسات الدينية، التي دائما ما تتباكى على أنّ المرجعية الدينية في خطر".. ولفت إلى أن "الوزير أشار ضمنيا في آخر تصريحاته إلى أن إطارات سابقة بوزارته التحقت مؤخرا بالمجلس الإسلامي الأعلى هي سبب الصدام بين الهيئتين". ووصف المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية هذا الأمر بـ"الخطير بعدما تحول إلى صراع مصالح". فيما قال محمد طيبي، وهو مختص جزائري في علم الاجتماع، إن "فتوى تحريم الهجرة السرية لم تُصدر المصوّغات والحيثيات الشرعية والإسنادات الخاص بها". وشدد طيبي على أن "هذه الفتوى تشوبها عيوب كثيرة، من حيث المساند والنطق ومشروعيتها". واعتبر أنها "تبقى مجرد رأي، لأنّها صدرت عن مسؤول، وليس رجل دين". غضب إلكتروني ومنذ نشر هذه الفتوى تتصاعد حالة من الغضب بين نشطاء جزائريين فيسبوك وتويتر ويوتيوب. فعلى تويتر، قال الناشط يوسف علي "المجلس الإسلامي الأعلى يصدر فتوى تحرّم الحرقة، وقد نسي تحريم الحرقة بجواز سفر دبلوماسي". وعلّق آخر يدعى "فتوى الوزارة صحيحة ولا جدال فيها، لكن حرّموا الفساد أولا". الحكومة تنفي مسؤوليتها ورفض أحمد أويحيى رئيس الحكومة الجزائرية، السبت الماضي، تحميل الحكومة مسؤولية زيادة عدد "الحراقة" بين شباب الجزائر مؤخرا. وخلال اجتماع مع أعضاء المكتب الوطني لحزبه التجمع الوطني الديمقراطي بالعاصمة، قال أويحيي إن لفقر والظروف الاجتماعية الصعبة لم تكن يوما سببا مقنعا للانتحار غرقا في قوارب الموت. وفي المقابل حمل المسؤولية للعائلات ودعا " الأمهات والآباء توعية أبنائهم وإقناعهم بأن العيش في أوروبا مجرد وهم". حجم الظاهرة ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين. ومطلع الشهر الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أن قوات خفر السواحل أنقذت، خلال يناير الماضي، 250 مهاجرا غير شري من الغرق عبر السواحل الجزائرية. وقبل أيام، قالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إن خفر السواحل منع محاولة 3109 أشخاص من ركوب البحر سراً نحو أوروبا، بينهم 186 امرأة و840 قاصراً، وهو عدد قياسي. كما أفادت المنظمة بإحباط محاولات 1206 أشخاص للهجرة غير الشرعية، عام 2016. وأعلنت شرطة مدينة كاغلياري الإيطالية، عام 2017، أن أعداد المهاجرين الجزائريين الذين وصلوا إيطاليا، خلال 2016، بلغ 1133 مهاجرا. ولا تعكس تلك الأعداد الحجم الحقيقي للظاهرة، إذ هناك من يفلتون من الرقابة البحرية يقدر عددهم بالآلاف. واحتلت الجزائر المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وفق تقرير نشرته في أبريل 2015 منظمة ألجيريا ووتش (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لتسيير التعاون العملياتي بشأن الحدود الخارجية، فرونتاكس.

مشاركة :