باريس مدينة الخلاص للفنانين المنفيين

  • 2/10/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مركز استقبال في العاصمة الفرنسية باريس يقدّم منذ أكتوبر الماضي يد العون لمئتي فنان منفيّ، عبر مساعدتهم في الانطلاق في عملهم من جديد.العرب  [نُشر في 2018/02/10، العدد: 10896، ص(24)]الفنانة الأفغانية كوبرا خادمي تبدأ حياة جديدة في باريس باريس – قبل سنوات، أراد رجال رجم الشابة كوبرا خادمي وقتلها في شوارع كابول، منذ ذلك الحين أدركت هذه الفنانة ألا خيار أمامها سوى مغادرة بلدها. أوتيت كوبرا خادمي قدرا كبيرا من الشجاعة جعلها تمشي وحيدة في العاصمة الأفغانية المكتظة مرتدية درعا على صدرها وأسفل جسمها للتنديد بالتحرش بالنساء في الشوارع. وقد اضطرت في ذلك اليوم إلى الهرب في سيارة أجرة. وتروي “كان عليّ الاختباء في كابول إلى أن تمكنوا من إخراجي” من أفغانستان للذهاب إلى فرنسا. وعلى غرار كوبرا خادمي، أدرك الشاعر السوداني عبدالمنعم رحمة أن إقامته في بلده صارت مستحيلة. فقد حكم عليه القضاء في الخرطوم بالإعدام مرتين بسبب انتقاده للسلطات. وتكتمل حلقة البؤس هذه مع المخرج السوري سامر سلامة الذي كاد فيلمه عن مخيّم اليرموك في دمشق يكلّفه حياته، فحطّت به رحاله لاجئا في باريس. وهؤلاء الفنانون الثلاثة يقيمون في مركز استقبال يقدّم يد العون لمئتي فنان منفيّ، منذ أكتوبر الماضي. لا يدعي هذا المركز أنه يملك الحلّ السحري لهؤلاء الفنانين المنفيين، لكنه على الأقل يقدم المساعدة لهم لينطلقوا في عملهم، بحسب جوديت دوبول وهي واحدة من مؤسسيه. وتقول “فرنسا بلد جذّاب للفنانين الذين يجدون أنه من السهل العمل فيه، بخلاف ألمانيا حيث يقتصر الأمر على منظّمات الفن البديل أو تلك التي تتلقى المساعدات من الدولة. أما في فرنسا فهناك الكثير من الاحتمالات بين هذين الخيارين”. وتضيف “لطالما كانت باريس مكانا يلجأ إليه الفنانون المنفيون. في العشرينات قصدها الروس، ثم الفنانون الذين فرّوا من الحرب الأهلية في إسبانيا ليلتحقوا ببيكاسو”. في الأيام الماضية، قدّمت وزيرة الثقافة فرنسواز نيسين دعما للمركز باستقبالها فنانيه، في وقت تحضّر الحكومة مشروع قانون “اللجوء والهجرة” الذي تندد به المنظمات الحقوقية لكونه ينطوي على تشدد مع اللاجئين. ودعي 15 فنانا، منهم كوبرا ومنعم رحمة، لعرض أعمالهم في الوزارة. وقد تمكنت كوبرا من الاندماج بشكل جيد في المجتمع الفرنسي منذ وصولها قبل عامين إلى باريس حيث تابعت دراستها الجامعية وحصلت على وسام تكريمي. وتقول كوبرا “أمشي كثيرا في باريس، وفيها أفكّر بفنّي”. ولا تقتصر رغبتها في المشي على العاصمة، بل جابت مناطق في جبال البيرينيه لتستعيد رحلة هرب الفيلسوف الألماني فالتر بنيامين من فرنسا حين وقعت تحت نير الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية. وهي تتمتع اليوم بشهرة كبيرة في فرنسا، وقد دعيت لتقديم عرض في المتحف الوطني لتاريخ الهجرة في باريس. لكن الأمور ليست على هذا النحو من السهولة للشاعر السوداني البالغ من العمر 57 عاما والذي ما زالت عائلته عالقة في إثيوبيا.فهو يبذل جهودا كبيرة لحماية زوجته وأولاده الأربعة من “الأذرع الطويلة” للاستخبارات السودانية. لكن ذلك لم يثنه عن إصدار كتاب بالتعاون مع عشرة رسامين فرنسيين يصف فيه الظروف التي يمرّ بها اللاجئون، والشروع في كتابة قصائد أخرى وروايته الثالثة. أما سامر سلامة، فقد أنهى في فرنسا فيلما عن مخيم اليرموك “194، نحن ولاد المخيم” وصار يُعرض في مهرجانات أوروبية. لكن هذا المخرج البالغ من العمر 32 عاما يشكو من أن التكيّف مع مجتمعه الجديد لم يكن أمرا سهلا.

مشاركة :