حمزة عليان | بعد تعيينه رئيسا لهيئة الإذاعة والتلفزيون، كان السؤال هل سيربحه الإعلام السعودي الرسمي وينجح في مهمته الإدارية الجديدة، أم خسره المشاهد كأفضل مقدم برامج حوارية وكاتب ساخر طيلة سنوات مضت؟ ومن هنا كان «وجهاً في الأحداث» الرهان على الشريان سيبقى قائماً بإحداث نقلة تطوير فعلية في جهاز إعلام حكومي، نظراً لما يمتلك من خبرات ميدانية متراكمة في الكتابة والعمل التلفزيوني والصحافي، لكن المراقبين يتريثون في التقييم باعتبار أن الإعلام الرسمي متشابك ضمن منظومة عمل بيروقراطية ومراكز تصنع القرار. انقسم الرأي حول مهمة الشريان الجديدة.. فئة وجدت فيه مخرجاً مناسباً لضخ دماء جديدة في جهاز إعلام رسمي، وبالتالي لديه الكفاءة التي ستجعل منه نجماً في رسم نهج متجدد. وفئة وضعت اسمه كموظف كبير في مؤسسة تحكمها اعتبارات وقواعد وسياسات دولة لن يكون من السهل أن يحدث فيها تغييراً جذرياً. مخزون الشريان الإعلامي يمنحه القدرة على إمساك الملفات الصعبة، وتاريخه الصحافي جعله على مسافة قريبة جداً من كبار صانعي الإعلام، وهو من النوع الذي لا تستهويه الشعارات ولا التشبه بالمدارس الإعلامية الغربية، فعينه دائماً على الداخل السعودي. يدرك الشريان سقف الحريات الذي يتحرك من خلاله، وعنده مرآة كاشفة لخريطة الإعلام العربي وعلاقتها بالحكومات والأنظمة، ويعرف تماماً كيف يشتري البعض ويبيعه، وليست لديه أوهام باللعبة الخارقة التي يجيدها آخرين بالتسويق والترويج في عالم الميديا والإعلام الجديد. لغته المباشرة التي اجادها في برنامجه التلفزيوني «الثامنة» خلقت له شعبية جمعت معظم فئات المجتمع، وقدمته إلى الجمهور كإعلامي محاور يتحدث لغة محكية وعلى الطريقة النجدية تحاكي همومهم وقضاياهم وبأسلوب مثير ومؤثر جدا. أبناء جيله أخذوا مناصب قيادية، واسندت إليهم وظائف قيادية عليا كوكلاء وزارات أو رؤساء تحرير صحف، إلى أن جاءه الدور ليتولى هذا الموقع ويتساوى مع اقرانه من حيث مستوى الوظيفة والدور. وصفه البعض بأنه «شريان الصحافة والإعلام» بعدما ضخ فيهما روحه وأسلوبه المتميزين بالبساطة والمباشرة، وآخرين قالوا عنه «كبريت الصحافة»، فقد أشعل الكثير من القضايا وكانت له فيها مواجهات «نارية»، لا سيما أولئك المشتغلون بالصحوة والدعوة والخطابة. اشتغل بالكتابة والصحافة منذ الصغر، درسها في الجامعة، ومارسها في الميدان، تنقل في عدة مواقع، من مراسل إلى أستاذ محاضر، ومن كاتب إلى مدير تحرير، ومن مقدم برامج إلى قيادي في مؤسسات إعلامية مشهورة. عمل في الصحافة المكتوبة، والفضائيات، والنشر الإلكتروني وكتابة المسرحيات والبرامج الإذاعية، أي أنه ينطبق عليه «مسبِّع الكارات» وابن مهنة شرعي ومخضرم. عندما ودَّع جمهوره التلفزيوني قال عبارته ببساطة وعفوية «استروا ما واجهتوا»، وتلك سمات شخصيته التي لم يتبدل فيها أو يتغيَّر بحسب اتجاهات الريح والمناصب. يكتب بشكل مباشر مقالته اليومية، كما يتحديث نفس اللغة في التلفزيون وللمشاهدين وعلى اختلاف مستوياتهم، لديه الجرأة بأن يقول ما لا يستطيع الآخرون أن يقولوه، على الرغم من القيود السياسية والدينية والاجتماعية السائدة ومعرفته بالخطاب الإعلامي وأسلوب الصحافة الدعائي أحياناً كثيرة. و«نصفها بحر متلاطم من الدعاية وقليل من المعلومات» كما قالها في حوار صحافي معه. الشريان، وضع تحت المجهر منذ اللحظة التي اعتلى فيها عرش الإذاعة والتلفزيون، هل سيبقى على رؤيته للإعلام العربي الرسمي الذي قال عنه يوماً «إنه يمثل حكومات وليس دولا وإنه إعلام موجه، حتى صحف المعارضة في بعض الدول العربية تعارض على طريقة الطفل الذي يشاغب، لكنه لا يستطيع أن يخرج عن طوع أهله»! الآن، داود الشريان على المحك، هل سيستجيب لقناعاته والأفكار التي كان يطرحها في مناسبات ولقاءات مختلفة، وعلى مدى ثلاثين عاماً مضت، خصوصا ما يتعلق منها بالحريات الإعلامية وقوائم الممنوعات التي خاض من أجلها المعارك، أم أنه سيلتزم الصمت؟ السيرة الذاتية ● داود عبدالعزيز الشريان ● مواليد 1954 مدينة القصيم، المملكة العربية السعودية. أنهى المرحلة الثانوية في مدارس الرياض ونال شهادة الليسانس في الصحافة من جامعة الملك سعود عام 1977 ثم حصل على دورة في اللغة الانكليزية والصحافة في اميركا عام 1985. ● بعد تخرجه في الجامعة عمل في صحيفة الجزيرة عام 1976 والتحق بمجلة اليمامة، وأصبح مدير تحرير لها ثم رئيسا للتحرير، وكان أول مراسل لوكالة أسيوشيتدبرس في الرياض عام 1980، انتقل إلى إدارة تحرير مجلة الدعوة ورئاسة تحريرها لمدة عامين (1987)، وعين عضواً في مجلس إدارة الشركة الوطنية للتوزيع والنشر، وفي عام 1989 أصبح رئيس تحرير جريدة المسلمون الدولية. عام 1993 تولى مسؤولية التحرير والإدارة في مكاتب «الحياة» في السعودية وبقي فيها إلى عام 2003 وفي عام 2004 عمل مع تلفزيون دبي مقدم برنامج سياسي اسبوعي «برنامج المقال» وفي عام 2006 عين نائباً لمدير عام قناة «العربية» ومدير عام مجموعة أم بي سي وعضوا في مجلس إدارة قناة العربية وتولى رئاسة تحرير موقع «العربية.نت» عام 2009. ● كتب المقال الصحافي الناقد والساخر والعامود الأكثر شهرة هو «أضعف الإيمان» في صحيفة «الحياة». ● دخل عالم الصحافة المتلفزة سنة 2004 في برنامج «المقال» على شاشة تلفزيون دبي وبعدها في «العربية» ببرنامج «واجه الصحافة» وأخيراً برنامج «الثامنة» على شاشة تلفزيون «أم بي سي» عام 2012 واستمر لنوفمبر 2017. ● قدم برنامجا اذاعيا «الثانية مع داود». ● عمل محاضراً لمادتي «التقرير الصحافي» و«التحقيق الصحافي» في جامعة الإمام. ● أسس دار نشر الكترونية. ● متزوج ولديه أربع أبناء. ● عين رئيسًا لهيئة الاذاعة والتلفزيون (نوفمبر 2017). مفاجأة رمضان قدّم داود الشريان عام 2006، وفي شهر رمضان المبارك، على شاشة «إم بي سي» برنامج «الشريان»، حيث استضاف فيه عدداً من نجوم الفن والغناء والتمثيل والإعلام، وكانت مفاجأة للجمهور الذي لم يعتد عليه في مثل هكذا برامج، ولكنه أثبت قدرة حوارية عالية. منصب آخر قدّم داود الشريان عام 2006، وفي شهر رمضان المبارك، على شاشة «إم بي سي» برنامج «الشريان»، حيث استضاف فيه عدداً من نجوم الفن والغناء والتمثيل والإعلام، وكانت مفاجأة للجمهور الذي لم يعتد عليه في مثل هكذا برامج، ولكنه أثبت قدرة حوارية عالية. انتقاد الحريري انتقد الرئيس سعد الحريري في يناير 2011، على خلفية أعمال الشغب التي شهدها لبنان، احتجاجاً على عدم تكليفه بتشكيل الحكومة، واتهمه باستنساخ لغة بعض نواب حزب الله حين كان الأخير يمثل المعارضة. أشهر برنامج حواري بحسبة أرقام أعلنتها شبكة «إم بي سي» أنه بعد 900 ساعة تلفزيونية و938 حلقة ساخنة، ودع الشريان جمهور «الثامنة» منتصف نوفمبر 2017، وأسدل الستار على هذا البرنامج الذي انطلق في 17 مارس 2012، وامتد لأكثر من 5 سنوات استضاف فيه أكثر من 3756 شخصية.
مشاركة :