قررت عشرات من عائلات مدينة تاورغاء، الذين منعتهم الخميس الماضي جماعات مسلحة من مدينة مصراتة، من العودة الى مدينتهم تنفيذاً لاتفاق مبرم بين مجلسي بلدية المدينتين أبرم بعد مفاوضات استمرت عامين، البقاء في منطقة غرارات القطف التي تبعد مسافة 20 كيلومتراً عن تاورغاء. ووسط الرياح وغبار الصحراء يكاد صبر النازحين الذين اضطروا الى سلوك طريق المنفى بسبب دعمهم عام 2011 نظام معمر القذافي، أن ينفد. وقالت نجاة الفتوري: «لا أستطيع أن أصف سعادتي حين علمت أننا سنعود إلى المنزل. كنا على مداخل تاورغاء حين سدوا الطريق، لكنني لن أتحرك من هنا وسأبقى لمدة عام حتى أعود إلى المنزل». وتتوقع العائلات النازحة نجاح المفاوضات الجديدة التي بدأها مجلس بلدية تاورغاء وحكومة الوفاق الوطني التي تنفذ وساطة. وفي الانتظار، لا مكان تأوي إليه أفرادها إلا سياراتها. لكن بعضهم كانوا أكثر حظاً في إيجاد مكان بين مئات من الخيم التي أمنتها وكالات تابعة للأمم المتحدة. واستخدمت خيمتان كمستوصف، في حين أقيمت أربعة مراحيض قرب المخيم الموقت. وقال داوود الطليحة، أحد وجهاء تاورغاء: «الوضع بائس، لكننا أصبحنا خبراء في النزوح، ونتحرك مع أسطوانات غاز وخشب للتدفئة والطهي. وحالياً نتسلق التل لرؤية نخيلنا في تاورغاء من بعيد. ولم يخفِ مبروك السويسي خيبته وغضبه من حكومة الوفاق، وقال: «الناس بلا مأوى أو طعام منذ ثمانية أيام. نحتاج إلى أدوية وترياق ضد السموم لأن هذه المنطقة الصحراوية تعج بثعابين وعقارب». أما عمدة المدينة عبد الرحمن الشاكشاك، فقال: «رغم أن تاورغاء تحولت الى خراب بعدما غادرها سكانها الـ40 ألفاً عام 2011، لكن الوجود فيها يبقى أفضل من العيش في المخيمات، إذ نستطيع العيش تحت شجرة نخيل في أراضينا». وتابع: «لم تفهم أطراف في مصراتة أن الاتفاق ليس مصالحة، بل عودة الى تاورغاء قد تساعد في إنجاز هذه العملية لاحقاً». وصرح بداد قانصوه، وزير الحكم المحلي الذي اعتبر أول مسؤول ليبي تفقد المخيم الموقت في منطقة غرارات القطف: «اعتقدت أن الوضع أفضل في هذا المخيم. لكننا نرى بوضوح أن بعض الأسر لا تزال من دون مأوى». وأضاف: «نحن مصممون على ضمان العودة الى تاورغاء بلا إراقة دماء. مع قليل من الصبر سيجري تسوية كل الأمور».
مشاركة :