تستمر معاناة النازحين من تاورغاء وسط ظروف قاسية في الصحراء الليبية، حيث منعوا من العودة من قبل جماعات مسلحة تعارض اتفاقا يقضي برجوعهم إلى منازلهم في مكان بات مدينة للأشباح. واضطر السكان إلى سلوك طريق المنفى بسبب وقوفهم إلى جانب نظام القذافي في أحداث 2011. يكاد صبر النازحين من تاورغاء الليبية إلى الصحراء وسط الرياح والغبار ينفد في مخيمهم العشوائي المؤقت بسبب خيبة أملهم إثر منعهم من العودة إلى ديارهم في اللحظة الأخيرة. وقد اضطر سكان تاورغاء إلى سلوك طريق المنفى بسبب دعمهم في 2011 نظام معمر القذافي، لكنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى أراضيهم إثر اتفاق تم التوصل إليه مع مدينة مصراتة المنافسة (200كلم شرق طرابلس). ووفقا لما تم الاتفاق عليه، توجهت مئات العائلات إلى تاورغاء تبعد40 كلم جنوب مصراتة و240 كلم جنوب شرق طرابلس، لكن مجموعات مسلحة تعارض الاتفاق منعتهم عند نقاط التفتيش قبل المدينة. فرحة لم تكتمل! وتقول نجاة الفتوري معربة عن خيبة أملها أمام خيمتها "لا أستطيع أن أصف سعادتي عندما علمت أننا سنعود إلى المنزل. كنا على مداخل تاورغاء عندما سدوا الطريق". وكانت الفيتوري تقيم في طبرق، على بعد أكثر من1000 كم إلى الشرق، حيث لجأت مع أطفالها السبعة منذ 2011 إلا أنها راغبة جدا بالعودة إلى منزلها.وتقول في هذا السياق "لن أتحرك من هنا سأبقى لمدة عام، حتى أعود إلى المنزل". وعلى غرار عائلة الفيتوري، قررت عشرات العائلات البقاء في منطقة غرارات القطف التي تبعد مسافة 20 كلم عن تاورغاء. وتتوقع هذه العائلات نجاح المفاوضات الجديدة التي بدأها مجلس بلدية تاورغاء وحكومة الوفاق الوطني التي تقوم بوساطة. وكانت المجموعات المسلحة القوية في مصراتة دفعت بسكان تاورغاء إلى مغادرة منازلهم بعد اتهامهم بالمشاركة، إلى جانب قوات القذافي، في حصار مدينتهم خلال انتفاضة 2011، فضلا عن اتهامهم بأعمال تعذيب واغتصاب وقتل. عقارب وثعابين! وفي الانتظار، لا مكان تأوي إليه هذه الأسر سوى سياراتها .لكن البعض كانوا أكثر حظا ليجدوا مكانا في مئات الخيم التي أمنتها وكالات تابعة للأمم المتحدة.وهناك خيمتان تستخدمان كمستوصف في حين أقيمت أربعة مراحيض قرب المخيم المؤقت. ويقول داوود الطليحة أحد وجهاء تاورغاء إن "الوضع بائس" مضيفا بابتسامة "أصبحنا خبراء في النزوح". وتابع "نتحرك مع سطوانات الغاز التي لدينا وحتى مع الخشب" للتدفئة والطهي.وانتهى الأمر به مع عائلته في مخيم مؤقت جديد بعد سبع سنوات من النفي يسكنون تحت سطح من الصفيح. ويقول الطليحة في هذا الصدد إن المكان "بارد في الليل وحار خلال النهار، من دون كهرباء أو مياه".ويضيف "نتسلق أحيانا التل لرؤية نخيلنا من بعيد" في تاورغاء. وبقربه، لم يخف مبروك السويسي خيبة أمله وغضبه إزاء الحكومة. ويقول "الناس من دون مأوى أو طعام منذ ثمانية أيام، نحن بحاجة إلى أدوية وترياق ضد السموم، هذه المنطقة الصحراوية تعج بالثعابين والعقارب". وبغية ردعهم عن التقدم نحو تاورغاء، أغلقت ميليشيات من مصراتة الطرق كما أطلق عناصرها النار على السيارات دون وقوع إصابات. تاورغاء..مدينة أشباح! ومنذ طرد سكانها البالغ عددهم 40 ألفا، تحولت تاورغاء منذ2011 إلى مدينة أشباح في حالة من الخراب. بدوره، يقول عمدة المدينة عبد الرحمن الشاكشاك "لكن ذلك أفضل من العيش في المخيمات، نستطيع العيش تحت شجرة نخيل يريد سكان تاورغاء العيش في أراضيهم". ويؤكد أن "عدة أطراف في مصراتةلم تفهم أنها ليست مصالحة، بل اتفاق حول العودة إلى تاورغاء يمكن أن يساعد في عملية المصالحة في وقت لاحق". وتابع العمدة الذي رافقه بداد قانصوه وزير الحكم المحلي، أول مسؤول ليبي يتفقد هذا المخيم المؤقت، "نأمل في التوصل قريبا إلى حل". من جهته، قال الوزير "كنت أعتقد أن الوضع أفضل في هذا المخيم. لكن بالإمكان أن نرى بوضوح كيف أن بعض الأسر لا تزال من دون مأوى" ووعد بالمساعدة لإنهاء الوضع.وأضاف "نحن مصممون على ضمان العودة إلى تاورغاء دون إراقة دماء. أرى معاناتكم، مع قليل من الصبر وستتم تسوية كل الأمور". لكن أحد النازحين رد بغضب "لقد صبرنا طويلا بما فيه الكفاية". فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 10/02/2018
مشاركة :