عن البنوك.. ما لا يعرفه صاحب الفضيلة

  • 10/22/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لست بأهل للفتوى، بل أيضا، أبرأ إلى الله عز وجل من الخوض في مسائل الحلال والحرام دون تأهيل وسند. لكن من حقي أيضا إثارة الأسئلة في أسبوع الضجة الهائلة للاكتتاب في البنك الأهلي. علماء شريعة يقفون (مع) وعلماء شرع أيضا يقفون (ضد) وكل فريق يستعرض دليله ومستمسكه. سأبدأ من القصة الشخصية التالية: عدت أمس من غارة قصيرة إلى (بنكي) الذي يحظى بالإجماع الشرعي على سلامة إجراءاته المالية، وخلال أقل من نصف ساعة كان مبلغ (التمويل) الذي طلبته في حسابي الشخصي. هي أقل من نصف المدة التي أقضيها في طقوسي الصباحية مع الاستحمام وتنظيف الأسنان وحلق اللحية. لا أعلم ماذا باعوني ولم أقبض ولم أشاهد (إبرة) مما باعوني ومما اشتريت. كل ما خرجت به من البنك هو المبلغ المودع في الحساب وبضعة توقيعات على أن (العملية) نزيهة نظيفة. معضلة الفضلاء الكرام من أصحاب الفتوى، مع أو ضد، أنهم وللحق يفهمون القواعد الفقهية بامتياز، ولكنهم - بكل شفافية ومباشرة - لا يهضمون أبدا كيف تسير حركة المال اليومية ولا يدركون قواعد الاقتصادين الكمي والجزئي ومعادلتهما الرياضية المعقدة. لا يدركون مثلا، أن كل البنوك المحلية تسير سواسية في نفس النهر الذي يصعب فيه فصل ماء عن ماء، وأنها جميعا بلا استثناء تتعامل في ذات اليوم مع مئات البنوك بل آلافها حول هذا العالم. البنك الذي يقفون (معه) هو نفس البنك الذي يجلس على طاولة (المقاصة) الإلكترونية، ويتعامل استقبالا وتحويلا بالمليارات مع ذات كل (البنوك) التي يقفون ضدها. قد لا يعلمون أن البنوك التي تبيع لزبائنها عقود التمويل الحلال في الصباح هي نفسها التي تقضي سويعات المساء في آلاف العمليات البنكية المشتبكة مع كل بنوك الأرض بشروطها الخاصة المختلفة. قد لا يعلم هؤلاء الفضلاء الكرام أن البنك الذي حرموا اكتتابه يستأثر في اليوم الواحد بثلث عمليات (المقاصة) من كل أو مع كل البنوك التي حظيت بتوقيعهم الشخصي على سلامة الإجراء. والخلاصة أنه من المستحيل بمكان أن تجد (بنكا) واحدا مستقلا لا يتعامل مع بقية البنوك ببوابة واسعة مفتوحة، ولو وجد هذا البنك لانهار تماما في أقل من يومين. كل البنوك في هذا العالم تتعامل مع زبائنها من النوافذ الصغيرة ولكنها تفتح الأبواب الخلفية مع كل البنوك بما يجعل من الحلال والحرام فتوى مستحيلة. أنا اليوم مجرد مواطن مسلم يبحث عن إجابات كل ما بعاليه من الحقائق والأسئلة. نقلا عن الوطن

مشاركة :