التخوف من الرصد الإعلامي لأخطاء الحزب وتأثيره على الانتخابات، وقيادات النهضة تفشل في التظاهر بتحمل النقد.العرب [نُشر في 2018/02/11، العدد: 10897، ص(1)]متابعة ورصد كل ما ينشر تونس - لم يدم الهدوء الذي أجبرت حركة النهضة نفسها عليه بتحمل النقد الموجه ضد خططها وتصريحات قياداتها وعلاقاتها المثيرة للجدل في الداخل والخارج، وسرعان ما بدأت تفقد أعصابها من خلال تلويحها في بيان رسمي بمقاضاة من ينتقدونها. وقرّر المكتب التّنفيذي لحركة النهضة السبت مقاضاة أشخاص ومؤسسات إعلامية تتهمها بشن حملات “تشويه” و”تحريض” ضدها، بزعم “الدفاع عن منجزات الثورة في بيئة ديمقراطية نظيفة وفي ظل إعلام حر ومهني يحترم عقول التونسيين ويخدم الأجندة الوطنية، كما هو دفاع عن مشروع الحركة وإسهاماتها في خدمة تونس، وعن نضالات شهدائها ومساجينها ومهجريها من النساء والرجال”. لكن متابعين للشأن التونسي اعتبروا أن البيان يعكس حالة من الارتباك التي تعيشها الحركة في ضوء تركيز إعلامي وسياسي على أخطائها وعجزها عن الاستمرار بالمناورة والهروب إلى الأمام مثلما تعودت على التعاطي مع الإحراجات التي تقع فيها. وأشار المتابعون إلى أن الحركة ذات الخلفية الإخوانية، تتخوف من الرصد الإعلامي للأخطاء السابقة أو الممارسات القادمة أثناء الحملة الانتخابية للمحليات فتستبق بالتلويح بمحاكمة منتقديها بزعم وجود مؤامرة عليها، وأن التلويح بمقاضاة الصحافيين والمؤسسات الإعلامية عملية استباقية يمكن أن تبرر بها خسارة الانتخابات المحلية لأنصارها الغاضبين بدورهم من تكتيكات متناقضة للقيادات السياسية. ولفتوا إلى أن النهضة، التي يتراجع عدد أنصارها بشكل لا يخفى على أحد، تبحث عن مشجب تعلق به غضب الشارع، خاصة أنها جزء رئيسي في التحالف الحاكم، وتتحمل مسؤولية مباشرة عن الأزمة الاقتصادية، مؤكدين أن التونسي لا يبدو مواليا لأحد الآن وما يهمه هو الخروج من الأزمات الاقتصادية المتتالية التي صنعها السياسيون.مراقبون: البيان المتشنج، الذي أصدرته النهضة، يعكس أيضا اعترافا بفشلها في إدارة ملف الإعلام والتواصل مع الصحافيين وقال عماد الخميري الناطق الرسمي لحركة النهضة لـ”العرب” إن الحركة تعكف على رصد وإعداد تقارير عن المقالات أو المنابر الإعلامية التي تضمنت تشويها أو مغالطات أو اتهامات باطلة ضد قيادات النهضة لتقديمها للقضاء الذي سيكون الفيصل. وشدّد الخميري على أن الحركة تميّزت منذ العام 2011 بالهدوء والرصانة في التعامل مع بعض الصحافيين لكن تصاعد حملات التشويه المُغرضة أجبرت النهضة على مقاضاتهم. ويرى مراقبون محليون أن بيان حركة النهضة يدلّ على أنها بدأت تفقد أعصابها وتخسر الصورة التي تريد ترويجها عن نفسها بكونها هادئة ومختلفة تماما عن تنظيم الإخوان المسلمين الذي ما انفكت تتبرأ منه خاصة بعد تصنيفه كيانا إرهابيا في عدة دول عربية. وقال الطاهر بن حسين رئيس حزب المستقبل لـ”العرب” إن حركة النهضة تحاول القيام بعملية استباقية دفاعية في محاولة يائسة لتبرئة نفسها مما حصل خلال فترة حكمها من إرهاب وتأزم اقتصادي. وأضاف بن حسين أن انزعاج حركة النهضة من وسائل الإعلام يؤكّد فشلها في تسويق خطابها المعتاد بأنها استثناء وبأنها مختلفة عن بقية إخوانها في تنظيم الإخوان المسلمين الذي لا يعترف سوى بالعنف خصوصا أن الحركة باتت تعلم أن الرياح الإقليمية ليست في صالح الإسلاميين. ومن الواضح أن حدة البيان تعكس أن قيادات النهضة منزعجون من فشلهم في التوصل إلى اختراق الإعلام، الذي ظل متابعا لأنشطة الحركة راصدا لتناقضاتها، فضلا عن الفشل في إقناع الدول ذات المصالح في تونس بأن النهضة يمكن أن تكون حزبا مدنيا وشريكا في السلطة بعد أن تم اختبار خطابها وعلاقاتها الخارجية في السنوات الأخيرة. واعتبر بن حسين أنه لولا التوافق المغشوش بين حركة النهضة وحركة نداء تونس ومشاركتهما جنبا إلى جنب في الحكم لكُشفت كل مؤامراتها ضد تونس وشعبها منذ عام 2011. ويقول المراقبون إن البيان المتشنج، الذي أصدرته النهضة السبت، يعكس أيضا اعترافا بفشلها في إدارة ملف الإعلام والتواصل مع الصحافيين، خاصة بعد فشل مختلف الفضائيات والصحف والمواقع الإعلامية التي أطلقتها، لتعاملها مع مختلف هذه الفضاءات الإعلامية كواجهة حزبية لتصفية الحسابات السياسية وليس كمؤسسات. إقرأ أيضاً: المهدي جمعة: أزمة تونس في من يحكم وليست في نظام الحكم
مشاركة :