كشفت وثيقة استعراض الوضع النووي للولايات المتحدة التي أعلنتها وزارة الدفاع الجمعة الماضي عن إستراتيجية واشنطن النووية الجديدة، في وقت انتاب القلق موسكو وبكين من أن تتسبب الإستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة في اندلاع سباق تسلح جديد في العالم. والجديد في الوثيقة تركيزها على تطوير أسلحة نووية صغيرة ذات قدرات تدميرية أقل، كما دعت الإستراتيجية الجديدة إلى تطوير رؤوس نووية بالستية وإعادة نشر صواريخ كروز في البحار وتعديل الرؤوس النووية التي تطلق من الغواصات لإعطاء انتشار أقل قوة وأقل مما أشعل المخاوف من اندلاع سباق تسلح جديد. وفي هذا الشأن، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا تحت عنوان «المواجهة النووية مع روسيا تعود من أوسع الأبواب»، قالت فيه: «إن السياسة النووية الجديدة التي توعدت بمواجهة اندفاع روسيا في تطوير أسلحتها النووية تقترب من أن تكون نوعا من سباق التسلح». ونقلت الصحيفة عن الخبير بالسلاح النووي، فرانكلين ميللر الذي خدم في إدارة جورج دبليو بوش ووضع الإستراتيجية النووية الجديدة للولايات المتحدة قوله: «إن نظرية اوباما تقول: نحن سنقود الطريق لتقليل اعتمادنا على الأسلحة النووية في إستراتيجيتنا الدفاعية والآخرون سيفعلون مثلنا»، ويرد ميللر: إن هذا الأمر لا يستقيم بهذه الطريقة، الروس يطورون أنظمتهم بينما لم نطور نحن وأول نظام سنقوم بتطويره لن يكون جاهزا قبل 2026. وتقول واشنطن: «إن ترسانتها النووية لم تعد رادعا فعالا بعد أن تركت لعشرات السنين بدون تطوير وعفى عليها الزمن، في الوقت الذي تواصل فيه كل من الصين وروسيا وكوريا الشمالية تطوير أسلحتها بشكل مستمر». وقدرت صحيفة «نيويروك تايمز» كلفة تطوير الترسانة النووية بما يتجاوز 30 مليار دولار. وانتاب القلق موسكو وبكين من أن تتسبب الإستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة في اندلاع سباق تسلح جديد في العالم، وسارعت بكين لرفض هذه الإستراتيجية ودعت وزارة الدفاع الصينية واشنطن إلى التخلي عن عقلية الحرب الباردة، وقالت: «إن على واشنطن التي تمتلك أكبر مخزون نووي أن تنضم للتوجه الذي اختاره العالم نحو التنمية». من جهتها، اعتبرت روسيا أنها سياسة تصادمية قد تؤدي إلى سوء فهم بين البلدين، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة متفوقة في مجال الأسلحة التقليدية ولا حاجة لها لتطوير الأسلحة النووية. وانضمت المانيا حليف أمريكا الأوروبى إلى المواقف الرافضة للإستراتيجية الجديدة، مع تخوف البعض من نية واشنطن في تصنيع أسلحة نووية ذات قدرات تدمير أقل بغرض استخدامها في النزاعات مع الدول الأخرى، خاصة بعد زيادة التراشق والتهديد النووي الذي وصل لذروته بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في الآونة الأخيرة. أما اليابان -وهي الحليف الأقوى للولايات المتحدة في شرق آسيا ويتمركز على أراضيها زهاء 40 ألف جندي أمريكي في «اوكيناوا»- فقد سارعت بالترحيب بالإستراتيجية الأمريكية الجديدة. وفي الوقت الذي كان العالم يأمل فيه المضي قدما في التخلص من الأسلحة النووية، تأتي الخطوة الأمريكية لتشعل فتيل سباق تسلح جديد يدفع ثمنه العالم النامي والشعوب المسالمة التي تحرم من الطعام والعلاج في سبيل تمويل سباق التسلح. وقد قطع العالم شوطا طويلا في سبيل التخلص من الأسلحة النووية بعد التوقيع على معاهدة نزع السلاح النووي، والتي انضمت لها الدول النووية الخمس العظمى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا)، واعترفت المعاهدة بامتلاك هذه الدول للقوة النووية في الوقت الذي منع بقية أعضاء المجتمع الدولي من امتلاكها، لكن الهند استطاعت أن تفجر قنبلتها الأولى في ثمانينيات القرن الماضي، وسرعان ما ردت عليها جارتها باكستان التي فجرت هي الأخرى قنبلتها النووية بعد الهند بأيام قليلة وانضمت الدولتان للقوى النووية ولم توقعان على معاهدة حظر الانتشار النووي التي انسحبت منها كوريا الشمالية في 2003. أما إسرائيل التي ترفض أي رقابة دولية أو تفتيش من وكالة الطاقة الذرية، فقد كشف العالم النووي المغربي الأصل مردخاى فعنونو، عن ترسانتها النووية في 1986. وتتربع روسيا على رأس الدول المالكة للأسلحة النووية بتعداد 700 رأس نووي، تليها الولايات المتحدة بـ680 رأسا وفرنسا بـ300 رأس والصين بـ270، وبريطانيا بـ215 وباكستان 140 والهند 130، وإسرائيل 80 وكوريا الشمالية 20 رأسا.
مشاركة :