ندّدت الصين وروسيا، أمس، بتقرير إدارة الرئيس دونالد ترمب حول استراتيجية الأمن القومي الأميركي، الذي وصف هاتين الدولتين بـ«القوتين الغريمتين»، وانتقدتا «ذهنية الحرب الباردة» و«الطابع الإمبريالي» للوثيقة. وجاء رد الدولتين الكبيرتين غداة عرض تقرير يتضمن الرؤية الأميركية للعالم، وورد فيه تصنيف بكين وموسكو على أنهما منافستين في العالم لنفوذ الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي، أول من أمس، بعد نشر التقرير: «نحن نواجه قوتين غريمتين هما روسيا والصين، الساعيتين للنيل من نفوذ وقيم وثروة أميركا»، كما لفت إلى رغبته في إقامة «شراكات كبرى» معهما. وفي بكين، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ: «نحض الولايات المتحدة على التوقف عن تحريف نوايا الصين الاستراتيجية بصورة متعمدة، والتخلي عن مفاهيمها التي عفا عليها الزمن مثل ذهنية الحرب الباردة»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. وندّدت موسكو بدورها بالتقرير. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين إن «الطابع الإمبريالي لهذه الوثيقة يبدو جليا، وكذلك رفض التخلي عن عالم أحادي القطب، رفض يتسم بالإصرار». ورأى مراقبون أن التقرير حول الاستراتيجية الأمنية يتعارض نسبيا مع الأجواء الودّية التي طبعت أول لقاء مباشر لترمب مع الرئيسين الصيني تشي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين. وتعد الوثيقة أن «الصين وروسيا تتحدّيان القوة والنفوذ والمصالح الأميركية، وتسعيان إلى تقويض الأمن والازدهار الأميركيين». وتتّهم الاستراتيجية الواقعة في 68 صفحة الصين بالسعي «لإزاحة الولايات المتحدة» من آسيا، كما تتضمن مجموعة من المظالم الأميركية بدءا من سرقة الصين بيانات، وصولا إلى نشر «ملامح لنظامها الاستبدادي». وتقول الوثيقة إنه «بعكس آمالنا، قامت الصين بتوسيع نفوذها على حساب سيادة آخرين». ودافعت بكين بقوة عن «تطورها السلمي»، وقالت إن «أي تقرير يشوّه الحقائق أو يتعمّد الافتراءات، لن يحقق نتيجة». وأضافت المتحدثة الصينية في مؤتمر صحافي أن «الصين لن تسعى لتحقيق نموها على حساب مصالح دول أخرى»، مؤكّدة أنه «في الوقت نفسه لن نتخلى عن حقوقنا الشرعية ومصالحنا». وحظي ترمب باستقبال حافل في أول زيارة دولة له إلى الصين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبدت بينه وبين الرئيس تشي جينبينغ علاقات ودية. لكن العلاقات بين الدولتين لا تزال تشهد توتّرا في بعض الموضوعات الخلافية مثل التجارة؛ إذ اتخذت واشنطن خطوات غير مسبوقة لإجراء تحقيقات حول بضائع مصنوعة في الصين وزيادة الرسوم عليها. وهناك أيضا مخاوف أميركية بشأن النشاطات العسكرية الصينية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، فيما أغضبت واشنطن بكين بسبب صفقات أسلحة إلى تايوان. واعتمد ترمب في خطابه الاثنين الماضي بعد نشر التقرير لهجة أقلّ حدّة حيال روسيا، وأثنى على فوائد التعاون مع موسكو في مكافحة الإرهاب. وقال ترمب إن معلومات لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بشأن هجوم إرهابي على كاتدرائية في سان بطرسبورغ، مسقط رأس بوتين، حالت دون سقوط «آلاف» القتلى. وقال ترمب في خطاب ألقاه في واشنطن إن الروس «تمكّنوا من توقيف هؤلاء الإرهابيين من دون أي خسارة في الأرواح»، مضيفا: «هكذا يجب أن تكون الأمور». وهناك تحقيق في الولايات المتحدة حول العلاقات بين فريق حملة ترمب الانتخابية وروسيا، وأي تواطؤ محتمل بين مقربين من ترمب وموسكو خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016. ورفض الرئيس الـ45 للولايات المتحدة التهم، ووصفها بـ«الأخبار الكاذبة». وتحذّر استراتيجيته الأمنية الجديدة من أن الأسلحة النووية الروسية «أكبر تهديد وجودي للولايات المتحدة». لكن المتحدث باسم الكرملين رأى في التقرير «بعض النقاط الإيجابية»، مشيرا إلى «رغبة (واشنطن) في التعاون مع روسيا في المجالات التي تتوافق مع مصالح الأميركيين».
مشاركة :