فيما تعمد الفصائل المنضوية في الجانب الإيراني داخل ميليشيات الحشد الشعبي، إلى توسيع نفوذها السياسي، يعمل رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي على تحجيم دورها بعدما قطع تحالفه معها بالنظر للمصالح المتناقضة، إضافة إلى خوفه من غضب الشارع، ما قد يهدّد مساره السياسي، وقد تصاعدت حدة الصراع بين قادة الحشد ورئيس الوزراء العراقي إلى حد وصل فيه الخلاف بين الطرفين إلى نقطة اللاعودة. ويؤكد متابعون للشأن العراقي أن انسحاب ائتلاف «الفتح»، الذي يضم الميليشيات، من تحالف «النصر»، الذي يتزعمه العبادي، يصب في مصلحة الأخير، الذي واجه الكثير من الانتقادات والغضب الشعبي، واهتزاز الثقة، لتحالفه مع الجهات الموالية لإيران، والتي انسحبت بـ«مكالمة هاتفية» من طهران. ويشير المراقبون السياسيون إلى أن كل مبررات الانسحاب، التي طرحها ائتلاف «الفتح» برئاسة هادي العامري، غير مقنعة، و«غير معقولة»، إذ لا يمكن أن يقدم رئيس ائتلاف سياسي على توقيع اتفاق «لا رجوع فيه» مع طرف آخر ليلاً، ليستيقظ في الصباح، ويكتشف أن الطرف الآخر يضم أشخاصاً وكتلاً فيها من «السلبيات» ما لا يحصى. وبحسب المحلل السياسي ساهر عبدالله، فإن الولايات المتحدة سبق أن حذرت إيران من التمدد في العراق، وعندما وجدت الأخيرة تتجاوز «الخطوط الحمر»، قررت حسم الموضوع، على ألا تكون هي في الواجهة، ودفعت إيران لإنهاء هذا التحالف المخالف للاتفاق غير المعلن، وبهذه السرعة جاء «الطلاق»، المبني على خلفيات عدة، من أهمها استياء ورفض المرجعية الدينية في النجف لهذا التحالف، الذي رافقته حالة غضب شعبية، الأمر الذي دعا العبادي إلى التملص من التحالف عبر فرضه شروطاً تعجيزية على المتحالفين معه، تجبرهم على الانسحاب، في مقدمتها عدم تشكيل حكومة محاصصة يفرضها المتحالفون، المختلفون في الرواية والمواقف. شروط وقال مصدر مطلع، «بعد مفاوضات صعبة ومضنية توّجت بإعلان التحالف بين قائمة «النصر» التي يرأسها رئيس الوزراء، وقائمة «فتح» التي يرأسها هادي العامري، فاجأ العبادي حلفاءه الجدد بوضعه شروطاً تعجيزية أجبرتهم على الانسحاب وتفكك التحالف»، غير أن هذا السيناريو لا يمكن أن يكون خلال سويعات، وما الإعلان عنه إلا لتجنب ذكر السبب الحقيقي. وأوضح المصدر أن «العبادي وضع شروطاً غير مفهومة لم ترضِ حلفاءه، ففضلوا الانسحاب»، مشيراً إلى أن «تنامي حالة الانتقاد الشعبي بين الناس وتشكيكهم بقدرته على محاربة الفساد بعد هذا التحالف أصابته بالإرباك»، وفي السياق ذاته، قال مصدر مقرب من المرجعية الدينية في النجف، إن «المرجعية حين تلقت خبر التحالف أصيبت بالمفاجأة وشعرت باستياء كبير، وفضلت الصمت، الأمر الذي فهمه العبادي جيداً، وهو يعرف أن خسارته النجف ستجعله يخسر كثيراً». نفي التحالف وقال المصدر، إن التحالف «لا ينوي الدخول في أي تحالف آخر، ليس من باب العناد، وإنما بهدف إيجاد مقاربة صحيحة للعمل، ولا يريد التخبط في موضوع التحالفات كما يفعل آخرون». وكشف المصدر عن أن «العبادي متحمس جداً للتعاون معنا، لكننا نرفض ذلك، لأن مصداقيته تصدعت، ولا نضمن ألا يكون انفكاكه عن جماعات الحشد تكتيكاً مرحلياً ثم يتحالف معهم في وقت لاحق»، مشيراً إلى أن «القوى السياسية التي دعمت العبادي في خوض المعركة ضد داعش، لم تكن تنتظر منه العودة إلى الحضن الطائفي، وأن قوانا السياسية كانت تنتظر كتلة عابرة حقيقية، غير أن الذي حصل لم يكن مثلما كنا نتوقع».
مشاركة :