مع إطلاق الحكم صفارته، يبادر شاب بُترت إحدى ساقيه وهو يتكئ على عكازه، إلى دفع الكرة لتبدأ مباراة حماسية في ملعب في مدينة إدلب شمال غربي سورية، يتنافس فيها لاعبون حرمتهم الحرب من أحد أطرافهم. ويجمع اللاعبون كافة، سواء كانوا مدنيين أم مقاتلين، المعاناة نتيجة الحرب التي حرمتهم ساقاً أو يداً، وتسببت منذ اندلاعها في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف شخص في سورية. ويروي صلاح أبو علي (23 سنة) بهدوء أثناء استراحته على طرف الملعب: «يحدث أحياناً أن تمرّ الكرة أمامي، فأهم لأشوطها بقدمي اليسرى، لكنني أتذكر أن رجلي مبتورة»، ويقرّ بمواجهته وزملائه «الكثير من الصعوبات مثل الركض والسرعة». ومنذ مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي، باشر هذا الفريق الذي يضمّ حتى الآن 19 لاعباً، تدريباته بمبادرة من مركز المعالجة الفيزيائية في مستشفى إدلب التخصصي. وتتراوح أعمار لاعبيه بين 13 و40 سنة يتدربون لساعتين ثلاث مرات أسبوعياً. ويضع اللاعبون أمامهم هدفين، التقدم في علاجهم الفيزيائي من جهة ورفع معنوياتهم من جهة ثانية. ويوضح أحد المعالجين الفيزيائيين في المركز محمد مرعي، أن «الشباب استجابوا بسرعة» لفكرة التدريب وتكوين فريق كرة قدم»، لافتاً إلى ملاحظته خلال أسابيع قليلة تطوراً كبيراً على الصعيد الجسدي و»النفسي والمعنوي» لدى اللاعبين. واستضاف المركز أخيراً، مباراة كرة قدم ودّية في إطار مسابقة رياضية بمبادرة من جمعية شفق الخيرية المحلية. فانقسم اللاعبون إلى فريقين، ارتدى الأول قمصاناً برتقالية والثاني خضراء اللون. وقبل بداية الشوط الأول، شكّل لاعبو كل فريق حلقة مستديرة، وهتفوا «أوليه، أوليه، أوليه»، وهم يحركون أذرعهم بحركة حماسية وقفزوا على قدم واحدة. وإثر انتهاء المباراة، غادر جميع اللاعبين بعدما حازوا ميداليات وملابس رياضية وأحذية جديدة. وعلى رغم تكيّفهم مع واقعهم الجديد، لكن معاناة لاعبي الفريق لم تتوقف، إذ قتل أحد رفاقهم السبت الماضي، نتيجة تفجير عبوة ناسفة أثناء عمله بائعاً على عربة متوقفة في وسط ساحة عامة في مدينة إدلب.
مشاركة :