الأميركيون يرون أنه لن يكون من الحكمة إنهاء الدعم للأكراد، ومن ثم التخلي عن المنطقة برمتها للنفوذ الروسي والإيراني.العرب [نُشر في 2018/02/14، العدد: 10900، ص(7)]الغزو التركي لعفرين يتعارض مع الإستراتيجية الأميركية واشنطن – استبقت الإدارة الأميركية زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى تركيا بإعلان قرار مواصلة تقديم الدعم المالي لوحدات حماية الشعب الكردية السورية، في تطور لافت في مسار العلاقات التركية الأميركية المهددة بالانهيار التام. ويتوقع تيلرسون إجراء محادثات صعبة عندما يزور تركيا، الخميس والجمعة، خاصة في ظل التصريحات التركية الرافضة لأي دعم تقدمه واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة “منظمة إرهابية” وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور. وقال أردوغان، في تعليقه على ما جاء في خطة ميزانية وزارة الدفاع الأميركية لعام 2019 والتي تتضمن تمويلا لتدريب وتزويد قوات محلية بالعتاد في المعركة ضد الدولة الإسلامية في سوريا، إن “قرار حليفنا (الأميركي) تقديم الدعم المالي لوحدات حماية الشعب سيؤثر قطعا على القرارات التي نتخذها". وذهب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى حد القول إن "علاقاتنا وصلت إلى مرحلة حرجة. إما أن يتم إصلاحها وإما أن تنهار بالكامل". وأضاف أن المحادثات مع تيلرسون ستتطرق إلى إعادة بناء "الثقة التي دمرت" متهما واشنطن بارتكاب "أخطاء جسيمة" في ما يتعلق بغولن ووحدات حماية الشعب الكردية.ياوز بيدر: تدهور العلاقات التركية الأميركية أكثر ترجيحا من أي وقت مضى وعلى ضوء هذا التصعيد، يتوقع الصحافي المحلل السياسي التركي ياوز بيدر، رئيس تحرير موقع أحوال تركية الذي يصدر بثلاث لغات هي العربية والتركية والإنكليزية، أن تشهد العلاقات التركية الأميركية تدهورا أكثر من أي وقت مضى. ويشير إلى أن التوتر بين تركيا وأميركا كان واضحا منذ بعض الوقت غير أنه تصاعد بعدما طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسحب القوات الأميركية من منبج. وبدأت تركيا الشهر الماضي عملية غصن الزيتون في سوريا لطرد وحدات حماية الشعب من حدودها الجنوبية. وهددت كذلك بالتقدم صوب بلدة منبج السورية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي تضم وحدات حماية الشعب وحذرت القوات الأميركية المتمركزة هناك من اعتراض طريقها. ويشرح بيدر أنه بالنسبة لتركيا، يخدم التوغل في عفرين غرضا مزدوجا: فأردوغان يمكنه أن يبقي بلده في “حالة حرب” وهذا الوضع ربما يفتح الاحتمالات أمام صراع ممتد مفيد سياسيا. وهناك هدف آخر يتبلور أيضا. فبعد كسب موطئ قدم في عفرين وفي أجزاء من إدلب المتاخمة للحدود التركية السورية، قالت أنقرة إنها تنوي التقدم صوب شمال العراق مستهدفة مناطق تسيطر عليها فصائل وحدات حماية الشعب الكردية. ومن شأن هذا أن يتعارض مع الاستراتيجية الأميركية في ما يتعلق بالشريط السوري الشمالي على الحدود. ورسم اثنان من كبار القادة العسكريين الأميركيين في منبج الخطوط الحمراء لحكومة أردوغان. ويشير هذا إلى هيكل سياسي يتيح مكانا مضمونا للمقاتلين الأكراد العلمانيين. والهدف من وجودهم هو التصدي للعناصر الجهادية. وهذا بالنسبة لواشنطن أكثر أهمية من مصير نظام الأسد. ويعلم الأميركيون أنه لن يكون من الحكمة إنهاء الدعم للأكراد، ومن ثم التخلي عن المنطقة برمتها للنفوذ الروسي والإيراني. وبالرغم من أن سياسة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تجاه سوريا متذبذبة في أفضل الأحوال، إلا أن البنتاغون يخوض بقوة أشد من ذي قبل في ما يبدو. وهو يستعرض بوضوح عضلاته كي تراها أنقرة. وفضلا عن ذلك، لم يعد لأردوغان الكثير من الأصدقاء في واشنطن مع تردد شائعات عن أن الكونغرس الأميركي يعد قرارا يعترف فيه بشكل مثير للجدل ويغضب تركيا، بقتل 1.5 مليون من الأرمن في 1915 بوصف الحادثة إبادة جماعية. وتقول تقارير إن المشاعر المناهضة لحزب العدالة والتنمية متأججة في واشنطن إلى درجة أن أي تصعيد قد يؤدي إلى عقوبات أميركية على تركيا، ربما بسبب انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد. وكان هذا التشدد في المواقف واضحا في تقرير مركز سياسة الحزبين الذي تحدث عن تطبيق قانون ماغنيتسكي، وهو قانون أقره الكونغرس الأميركي في العام 2012 ويعتبر تطورا مهما في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان والفساد. وأشار تقرير مركز سياسة الحزبين إلى أنه “في ظل عمل تركيا والولايات المتحدة بشكل مستمر على أهداف متعارضة في المنطقة، وفي ظل خطر وقوع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وتركيا في منبج، ينبغي ألا يكون البقاء دون فعل شيء خيارا بعد الآن".
مشاركة :