لندن: «الشرق الأوسط» يركز أحدث تقرير عقاري من شركة «سافيلز» على البرازيل كنقطة عقار ساخنة في القارة اللاتينية قبيل انعقاد نهائيات كأس العالم فيها في العام المقبل ثم دورة الألعاب الأوليمبية في عام 2016. ولا يختلف العقار البرازيلي كثيرا عن معدلات العقارات الآسيوية الناشئة ويتصاعد بقوة بفعل زيادة الطلب الدولي والمحلي. وتتمتع البرازيل، وقارة أميركا اللاتينية بشكل عام، بمعدلات نمو اقتصادي سريعة ولكن من دون ارتفاع أسعار العقار المصاحبة لمثل هذا النمو. وعلى الرغم من زيادة أسعار العقار بنسبة 23 في المائة في ريو دي جانيرو و17 في المائة في ساو باولو خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن معدلات الإيجار في المدينتين لم تتغير كثيرا. وتقل العوائد الإيجارية في البرازيل عنها في الدول الآسيوية، ولكن أصحاب العقار يستفيدون من ارتفاع القيم العقارية. وتعد البرازيل أول دول مجموعة «بريك» التي تتمتع دولها بمعدلات نمو اقتصادي جيدة. وتزخر البرازيل بالموارد الاقتصادية الطبيعية وهي خامس دولة في العالم من حيث حجم التعداد، كما أن تعدادها صغير السن نسبيا بمتوسط 30 عاما، وطبقة متوسطة قوية. وتبدو البرازيل بالمقارنة العالمية جذابة عقاريا، فهي مثلا توفر ثلاثة أضعاف الدخل الفردي بالمقارنة مع الهند ومع ذلك فإن متوسط أسعار العقارات في ريو وساو باولو ما زال أقل منه في مومباي، وفقا لمؤشر «سافيلز». ويماثل الاقتصاد البرازيلي حجم الاقتصاد الفرنسي والبريطاني، كما أنه أكبر من اقتصاد أستراليا وهونغ كونغ وسنغافورة. ومع ذلك فإن الثروة التي يولدها الاقتصاد البرازيلي لا يبدو أنها تتوجه إلى قطاع العقار المحلي كما هو الحال في هذه الدول. وتوفر المدن البرازيلية الكبرى عوائد عقارية، تشمل ارتفاع القيمة العقارية، مماثلة لما توفره مدن صناعية أخرى في العالم مثل لندن ونيويورك وسيدني وطوكيو وباريس. ويعني هذا جاذبية خاصة للمستثمرين من الدول التي تتدني فيها أسعار الفائدة بحيث تنعدم الفرص الاستثمارية البديلة عن العقار. ومن ناحية العائد الإيجاري تقل البرازيل بنسبة 40 في المائة عن المتوسط العالمي وهي ما زالت معدلات أقل من تلك السائدة في الهند والصين. هذا على الرغم من أن متوسط الدخل الفردي في البرازيل أعلى بنسبة 25 في المائة عنه في الصين وبثلاثة أضعاف الدخل الفردي في الهند. ويقارن بحث شركة «سافيلز» مستويات المدن المختلفة بدراسة تكاليف إقامة فريق عمل متخصص مكون من سبعة مديرين في كل من المدن الخاضعة للبحث. ويختار أعضاء هذا الفريق نوعية العقار الذي يناسب احتياجاته ودخله في كل مدينة. وترتفع معدلات الملكية والإقامة في عقارات البرازيل، وخصوصا في المدن، ويعني هذا أن سوق الإيجار لم تتطور بعد كما يجب. ومن المتوقع أن تدخل سوق العقار البرازيلي مرحلة انتشار العقارات المؤجرة بعد دخول الاستثمار الأجنبي والمحلي في المدن الكبرى. ومن ناحية سوق القروض العقارية، فقد كان من الصعب الحصول عليها حتى عام 2007، التي لم تتعد فيه نسبة القروض العقارية في البرازيل نسبة 1.5 في المائة من إجمالي الناتج القومي. وفي السنوات الخمس الأخيرة تضاعفت النسبة ثلاث مرات لكي تصل إلى 6.2 في المائة في العام الماضي. وتقارن هذه النسبة بنحو 12 في المائة في المكسيك و20 في المائة في تشيلي و81 في المائة في بريطانيا و73 في المائة في الولايات المتحدة. ويعني هذا أن سوق الإقراض العقاري البرازيلي ما زال في نشأته الأولى. وبالنسبة للمستثمر الأجنبي، هناك الكثير من المعالم الإيجابية مثل انعقاد الدورات الرياضية العالمية من العام المقبل وحتى عام 2016، كما تقوم السلطات البرازيلية بحملة «تنظيف» للمدن الرئيسة بسياسة عدم التسامح مع الجرائم التي أساءت إلى سمعة البرازيل في السنوات الأخيرة. ويجري تحسين موارد الائتمان في البرازيل مع توسع في أعداد الطبقة الوسطى وتوجه الكثير منهم إلى شراء العقار مما يضع ضغوطا صاعدة على الأسعار. ومن السهل على الأجانب الشراء في البرازيل، فالأجنبي يمكنه شراء عقارات بملكية حرة وبلا قيود، فيما عدا المزارع كبيرة الحجم أو الجزر أو مساحات أراضي الشواطئ التي لها حساسية عسكرية. ولكن على المشتري الأجنبي استخراج رقم ضريبي من الحكومة. * أبرز المناطق الساخنة عقاريا * يتوجه معظم الاستثمار الأجنبي إلى مدينتي ريو وساو باولو. وارتفعت الأسعار في ساو باولو بنسبة 127 في المائة منذ عام 2000، وبنسبة 189 في المائة في ريو خلال الفترة نفسها. كما تضاعف الدخل الإيجاري تقريبا في المدينتين منذ عام 2000 أيضا. * ريو دي جانيرو فقدت المدينة مكانتها بعد انتقال العاصمة، إلى مدينة برازيليا، والبورصة إلى مدينة ساو باولو، ولكن عمدتها الجديد بدأ حملة تطهير لعصابات المخدرات في الأحياء العشوائية المحيطة بالمدينة مما انعكس إيجابيا على أسعار العقار في المدينة. وتتمتع المدينة بحجم كبير من الاستثمار في البنية التحتية استعدادا للأحداث الرياضية العالمية مثل كأس العالم والدورة الأوليمبية في عامي 2014 و2016 تباعا. وسوف تضع هذه الأحداث ريو في واجهة الإعلام الدولي وتعزز موقعها كأكبر مدينة في أميركا اللاتينية. وتنمو المدينة بمعدلات أعلى من ساو باولو بفضل الطلب المتزايد على الوظائف وانتقال الكثير من المحترفين إلى المدينة من ولايات أخرى ومن الخارج. ويبلغ تعداد ريو الآن 6.4 مليون نسمة. وفي آخر 18 شهرا تراجع نمو الأسعار العقارية في ريو إلى ما يعادل 13 في المائة سنويا، وفقا لأبحاث «فايب زاب» الإحصائية. وبسبب موقع المدينة بين الجبال والبحر فإن المساحات فيها محدودة. وتنتشر العمارات الفارهة في المدينة التي بنيت في السبعينات على أنقاض الفيللات التقليدية. ويفضل البرازيليون السكن في الطوابق العالية التي تمنحهم مشاهد خلابة للمدينة والبحر وتزيد من شعورهم بالأمان. وأفضل المواقع في ريو هي منطقة وسط المدينة، أما المنطقة الراقية فهي تقع في الجنوب واسمها «زونا سول». وهي منطقة تتيح مشاهد رائعة ومواصلات سهلة إلى الشاطئ. وتستفيد منطقة غرب المدينة من إنشاءات خاصة بالأوليمبياد، كما يجري تنفيذ برنامج تجديد في وسط المدينة وعلى شواطئها وأشهرها شاطئ كوباكبانا. * ساو باولو تعد ساو باولو العاصمة الاقتصادية للبرازيل وفيها تقع البورصة، ويقطنها نحو 11.4 مليون نسمة. وهي تشمل أيضا ميناء سانتوس الذي يعد أكبر ميناء لاتيني. وتعاني المدينة من الاختناقات المرورية على الرغم من وجود خط مترو جيد فيها ولكنه محدود المسافة. وتزيد أسعار العقارات في المدينة حاليا بمعدل 16 في المائة سنويا هبوطا من معدل 25 في المائة سنويا قبل عام 2008. وتعتبر السوق العقارية في ساو باولو أكثر نضجا منها في ريو وتقتطع المؤسسات المالية الجانب الأكبر من مساحات وسط المدينة. وتنمو ضواحي المدينة بمعدلات متوسطة ولكنها أهدأ حالا من ريو ولن تتأثر كثيرا بكأس العالم أو الأوليمبياد. وتستقر معظم المشروعات الجديدة في مناطق غرب المدينة بعيدا عن الزحام. وبفضل زيادة الأسعار في وسط المدينة تجري إزالة بعض الأبنية القديمة وإقامة ناطحات مكانها للاستفادة من المساحة. وعلى خلاف ريو تبتعد المناطق العشوائية كثيرا عن وسط المدينة، ولذلك ليس لها أي انعكاس على عقارات وسط المدينة. وتستثمر الحكومة البرازيلية حاليا، ومنذ عام 2009، في مشروع إسكاني هائل لمحدودي الدخل يستمر لفترة 20 عاما ويهدف إلى إسكان 20 مليون عائلة فقيرة بتوفير القروض الصغيرة لها. ومع ذلك ما زالت البرازيل تعاني من أزمة مساكن وتحتاج إلى نحو ثمانية ملايين مسكن، وهو نقص متزايد مع تزايد السكان، ويمثل فرصة جدية للاستثمار الأجنبي.
مشاركة :