تنهي اليوم الخميس (15 فبراير 2018) فعالية «لقاء شركات ومنظمات تقنية الاتصالات والمعلومات»، (MEET ICT) ومعرض (بايتكس)، «BITEX» أعمال نسختها الثامنة. شهدت اللقاءات، وطاولات الحوار المستديرة، نقاشات غنية حول القضايا المفصلية التي تقود نحو التحول الرقمي السلس والمطلوب، الذي من شأنه إحداث النقلة النوعية المطلوبة التي ترقى بمجتمع معين من الحالة التقليدية التي يعيشها، إلى المجتمع الرقمي الذي يبحث عنه، ويتوق إليه. وفي حقيقة الأمر، يعكس شعار الفعالية هذا العام «احتضان التحول الرقمي»، (Embracing Digital Transformation) انسجامًا مع موجة عالمية تبحث في موضوعات هذا التحول من جوانب مختلفة، حيث يشير العديد من المصادر التي تتابع التحولات الرقمية التي يشهدها العالم، أن هذا التحول بات «يؤثر ويغير العمليات والمعاملات في جميع جوانب الحياة بمعدل أسرع باطراد». وتثير هذه المتابعة مجموعة مهمة من التساؤلات مثل: «ماذا يعني التحول الرقمي؟ ما سبب ذلك؟ وكيف يؤثر على الاعمال التجارية؟»، وبطبيعة الحال كيف يترك بصماته على السلوك المجتمعي على أفراد الدولة التي تنجح في إحداث مثل هذا التحول. ويعتبر البعض هذا التحول بمثابة «الموجة الكبرى الثالثة من الاختراع والاضطراب الاقتصادي بعد تطور الصناعة والكهرباء. فمن الناحية الاقتصادية، فانه يغير الطريقة التي يفكر الناس في الاعمال التجارية والاستراتيجيات التي يستخدمونها لتقديم نتائج الاعمال. وفوق كل شيء، فإنها مسألة توجيه واستراتيجية، بدلاً من التكنولوجيا، كما قد يوحي الاسم على الفور. وتوفر الشركات الرقمية للأعمال التجارية أساليب جديده لإنجاز نتائج الاعمال». كاتبة مقال Digital transformation’s people problem.Jen Kelchner.، الذي نشرت ترجمة له بتصرف موقع «أكاديمية حسوب»، ترصد أربعة عناصر أساسية، ومركزية تحتاجها عمليات أي تحول رقمي يراد لها النجاح. تتصدر قائمة تلك العناصر «تغيير الإدارة»، (فكما ورد في المقال)، «سجلت مبادرات التغيير نسبة فشل بلغت 70% منذ السبعينيات. وهذا يخبرنا بأن كلاً من النماذج ونهجنا في ممارسة الأعمال التجارية بحاجة إلى تغيير، (مضيفًا المقال) يتيح لنا التعاون والمشاركة في خلق الشركات أن نكوِّن منظورًا جديدًا وحلولًا أكثر ابتكارًا. وسنبدأ بتحديد الثغرات والعوائق بمعدل أسرع، مما سيؤدي إلى تحسين العمليات والسياسات والحلول. خلاصة القول: المبادئ المفتوحة تقلل من المشاكل وتكلفة التغيير». يلي ذلك تشخيص «احتياجات النظام البيئي (Ecosystem)». وهو الشبكة الحية من الأشخاص والأطر التنظيمية التي تترابط لتشكّل النظام الذي تعمل فيه مؤسستك. حيث تتشارك وتعتمد الأطراف المشاركة في أي نظام بيئي... على بعضها بعضاً من أجل صحة أعمالنا ونمونا ونجاحنا. وكما هو الحال في النظم البيئية التي نراها في الطبيعة، فإن قلة صحة أحد مكوناتها تؤثر على الآخرين بمرور الوقت. وتقع «العمليات» في مصف ثالث تلك العناصر التي لا يمكن أن تستغني عنها أية عملية رقمية تصبو للنجاح، فالتحول الرقمي كما يقول المقال «هو تغير جذري. ويتطلب أي تغيير، بغض النظر عن حجمه، مراجعة عملياتنا لتقييم ما يحتاج إلى تعديل لتتناسب هذه العمليات مع التغيير الجديد». وأخير يأتي ما تطلق عليه الكاتبة اسم «الصوامع»، والمقصود هنا إزالة الحواجز بين العاملين في أية مؤسسة تحاول أن ترقى إلى العمل في بيئة رقمية، إذ يقتضي الأمر كسر الحواجز بين الموظفين من اجل الاستفادة من «المبادئ المفتوحة بإزالة الحواجز التي تحول دون التعاون والخلق المشترك. وهي تنشئ عمليات شاملة تتيح التدريب المشترك لموظفيها، بينما يتسم تبادل المعارف والاتصال بالشفافية، وسهولة الوصول للمعلومات، والإفادة، (ويضيف المقال) وقد أصبح كسر الصوامع الموجودة في منظماتنا أمرًا حتميًّا لنجاح الأعمال، والمجتمع بأكمله، في فترات التحول الرقمي المكثف». في نطاق رؤية هذه العناصر الأربعة، يمكن العودة إلى ردهات الفعالية، التي توزعت اعمالها، وعلى مدى ثلاثة أيام على مجموعة من القضايا والموضوعات التي تمس صلب عمليات التحول الرقمي، جرى تناولها في مجموعات متفرقة من ورش العمل، و«ومجموعات التركيز»، بالإضافة إلى الجلسات العامة المفتوحة. توقفت الفعالية عند مجموعة من المحطات، ذات العلاقة المباشرة عند البدئ في عملية التحول الرقمي المنشودة، واولها التعليم، حيث كان هناك ما يشبه الإجماع، وفي ضوء العناصر الأربعة المشار لها أعلاه، أن عملية التحول الرقمي، ليست مجرد إدخال الأجهزة اللوحية، وتوفيرها للمدرس والطالب، ولا هي محصورة أيضا في تزويد الفصول بأحدث أنواع السبورات الذكية، بل هي بالإضافة إلى كل ذلك، عملية شاملة تقتضي، تحويل كامل في ذهنية وسلوك أصحاب أعمدة التعليم الأربعة المركزية، والتي هي: الطالب، المدرس، الإدارة المدرسية، وأولياء الأمور. كذلك الأمر عندما إلى مسألة تطوير المؤسسات، صناعية كانت أم تجارية. ليس المطلوب هنا مجرد اقتناء، واستخدام آخر ما أخرجته سوق تقنية الاتصالات والمعلومات، من برمجيات، أو أجهزة ومعدات، بل ولا حتى بنية تحتية متينة ومتطورة. الأمر يتجاوز ذلك، كما ورد في العناصر الأربعة أعلاه، إلى إعادة تكوين ذهنية، ومن ثم سلوك العاملين في المؤسسة، كي يتحقق التناغم بين الأجهزة والمعدات والبرمجيات والبنية التحتية من جانب، والعاملين في المؤسسة من جانب آخر، كي ينبثق عن هذه المزاوجة، منظومة مؤهلة لإحداث التحول الرقمي المطلوب. كل ذلك يقودنا نحو نقطة ارتكاز واحدة، تؤكد ان التحول الرقمي السلس والصحيح، لا يمكن أن يتم، دون ان يسبقه تحول اجتماعي شامل يهيئ أفراد المجتمع المعني ويؤهلهم كي يكونوا قادرين على صهر كل تلك العناصر في منظومة مجتمعية تقنية واحدة تحقق ذلك التحول المطلوب، وفي غياب ذلك التناسق، تصبح عملية التحول الرقمي مجرد هياكل شكلية وعمليات تجميلية، يحلو للبعض التباهي بها، لكنها بعيدة كل البعد عما يعرف بالتحول الرقمي الأصيل، القادر على إحداث النقلة النوعية المطلوبة. هذا يجعل من التحول الاجتماعي ضرورة مسبقة، لا مناص منها، للوصول إلى التحول الرقمي المنشود.
مشاركة :