ليليت السورية فيلم يزاوج بين الأسطورة والواقع بقلم: نضال قوشحة

  • 2/15/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ليليت السورية فيلم يزاوج بين الأسطورة والواقع ليليت، رمز للمرأة المختلفة، حيث المعنى الحقيقي لها، التي تتمرد على واقعها وتصنع دائما تاريخا منفصلا عن الرجل. ليليت الأسطورة، امرأة خلقها الله لتكون شريكة حياة آدم عليه السلام قبل حواء، لكنها تمرّدت عليه ولم تقبل أن تكون مجرد زوجة تنجب الأولاد وتهتم بهم، طاردها جلجامش، فهربت منه إلى الغابات، خلّدتها الأساطير القديمة، فصارت رمزا للغواية والجمال والمرأة المختلفة المتمرّدة. العرب نضال قوشحة [نُشر في 2018/02/15، العدد: 10901، ص(16)]انتصار للجمال والحب دمشق – أقدم الإشارات التاريخية التي أشارت إلى ليليت، رمز الغواية والجمال، وجدت عند السومريين منذ ما يقارب الأربعة آلاف عام، أي زمن الحضارة البابلية القديمة، تحديدا في مدينة أور، والأسطورة ليليت عرفت بمسميات متعدّدة في الحضارات القديمة كالإغريقية والفرعونية والرومانية، وأيضا في العهد القديم الذي جعلها زوجة آدم عليه السلام قبل حواء، كما ورد ذكرها في التاريخ العربي. وللأسطورة ليليت أسماء عديدة في التراث الحضاري العالمي، منها: عشتار أو عشتروت، وفينوس عند الرومان، وأفروديت في الإغريقية، وإيزيس عند المصريين القدماء، وظهرت أيضا في الآداب والفنون العالمية، منها “الفردوس المفقود” لجون ملتون، كما رسمها دانتي روزيتي كامرأة مثيرة في لوحته “السيدة ليليت”، وجعلها فكتور هوغو مصاصة دماء، وسميت ليليث في العهد القديم وفي الأكادية ليليتو، أما العرب القدماء فسموها ليل."ليليت السورية" فيلم يتمرد على واقع مأزوم خلفته الحرب السورية، ليعود بالمجتمع نحو أفق إنساني عاش محتويا لكل الاختلافات من الرواية إلى السينما بهذا التوجه، يستحضر المخرج السوري غسان شميط هذه الأسطورة الخالدة في تجربة سينمائية جديدة، لتكون حاضرة في فيلم سوري يحمل عنوان “ليليت السورية”، المأخوذ عن رواية للكاتبة جهينة العوام تحت عنوان “تحت سرّة القمر”. ويبدو توجه شميط بالذهاب للأعمال الأدبية الخالدة أو الأساطير جليا، فهو كان أنجز قبل سنوات فيلم “الشراع والعاصفة” من إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، والمأخوذ عن رواية الكاتب حنا مينة، وهي التي تتحدث عن المجتمع السوري في مرحلة خمسينات القرن الماضي، بما تحمله من صراعات وصدامات وتظهر فيه مرحلة ساخنة من تاريخ سوريا الحديث. أما في فيلمه الأحدث “ليليت السورية” فهو يقدّم تقاطعات وإسقاطات على الواقع الراهن للمجتمع السوري، حيث الحرب الطاحنة التي تضرّس الناس فيها بمواجع تصيبهم في صميم إنسانيتهم وتطرح عليهم أسئلة كبرى، لم تكن مطروحة يوما، على الأقل ظاهريا، تتعلق بمكنوناتهم البيئية الخاصة والعميقة، وبالتالي عن آفاق عيش مشترك بينهم يجعلهم متكاملين مع شركاء لهم في وطنهم جميعا. “ليليت السورية” فيلم يتمرّد على واقع مأزوم خلفته هذه الحرب، ليعود بالمجتمع نحو أفق إنساني عاش متجانسا محتويا لكل الاختلافات التي كانت بشكل مبدع، فكان يحيي هذه التمايزات العرقية والدينية والاجتماعية ويراها مزيدا من الغنى الإنساني والمعرفي، قبل أن تصبح عند البعض حصونا للافتراق. ويقدّم الفيلم في تناول اجتماعي معاصر حكاية عن مجموعة من الأشخاص الذين بسبب الحرب يأتون من أماكن شتى، ومنابت وتوجهات عديدة، لتجعلهم ظروف الحياة الطارئة في مكان جغرافي واحد، فيعيشون فيه ويعملون متجاوزين تلك الخلافات التي لم يسبق أن فرّقت بينهم، وكأن الفيلم يريد أن يجعل من أحداثه فضاءا اجتماعيا مفترضا لحياة مشتهاة في ظرف تاريخي يعيشه الوطن السوري بعمومه، ثم يتابع أحداثه التي تعصف ببعض الشخوص فيه، في ظل أحداث عنيفة اجتماعيا على خلفية أحداث دموية حارة.مشهد من أجواء التصوير عرض خاص ينطلق فيلم “ليليت السورية” في عرض خاص بدار الأوبرا بدمشق الخميس، ليبدأ بعدها في العروض الجماهيرية، حيث يمكن للجمهور السوري مشاهدته، كما سيشارك في العديد من المهرجانات السينمائية ممثلا للسينما السورية، وهو الذي كان برمج قبل فترة كفيلم الافتتاح في الدورة الأخيرة لمهرجان وهران للفيلم العربي في الجزائر. وحفل الفيلم بتقديم العديد من الوجوه الهامة في فريق التمثيل فيه، فهو يقدّم الفنان وضاح حلوم في دور استثنائي، كذلك الفنانة الشابة علا باشا ومجد فضة الذي قدّم حديثا العديد من التجارب السينمائية الهامة مع العديد من المخرجين، كما يحضر العديد من الفنانين السوريين منهم عبدالرحمن أبوالقاسم، لينا حوارنة، فيلدا سمور، سوزان سكاف، مروان أبوشاهين ومريم علي. وولد المخرج غسان شميط عام 1956 في القنيطرة، وهو من أبناء الجولان السوري المحتل، درس السينما في المعهد العالي للسينما في كييف وتخرج منه عام 1983. وعمل شميط في المؤسسة العامة للسينما التابعة لوزارة الثقافة السورية، وقدّم الكثير من الأفلام القصيرة والطويلة، منها “بصرى”، “محطات الصداقة”، “يوميات جولانية”، “معا على الطريق”، “البراعم” الذي حاز الجائزة البرونزية في مهرجان صفاقس بتونس، و”ورد وشوك” الذي نال عنه الجائزة البرونزية في مهرجان دمشق السينمائي عام 2004. وللسينمائي السوري أيضا “منارات مضيئة”، “قلاع الشمس”، “أرض الياسمين”، “على دروب المدن المنسية”، “الباشا” الذي يقدم شخصية سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي، إلى جانب أحدث أفلامه الوثائقية “حكايا من مركز الإيواء” (إنتاج 2017). وفي مجال الأفلام الروائية الطويلة قدّم غسان شميط “شيء ما يحترق” (إنتاج 1993)، “الطحين الأسود” (2001)، “الهوية” (2007) الذي نال الجائزة الكبرى بمهرجان تطوان الدولي في المغرب وجائزة مصطفى العقاد في مهرجان فجر في إيران، و”الشراع والعاصفة (2011).

مشاركة :