نهال أحمد صالح ربما تكون وفاة الشاب السعودي المبتعث عبدالله عبداللطيف القاضي البالغ من العمر (23 عاماً) بالنسبة لبعضنا مجرد خبرٍ عاجل في قناة من قنوات الأنباء الإخبارية أو مجرد حبر على سطور مجلة أو جريدة، ولربما في صفحة من صفحات الإنترنت على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. لكن هذا الخبر الفاجع كان بالنسبة لي صدمة حقيقية، فأنا واحدة من ألف متابع لقضيته المؤلمة منذ البداية، فقد تلقيت خبر اختطافه بصدمة. دعوت الله بإلحاح ليل نهار أن يرده سالماً غانماً إلى أهله وأحبابه. ولكن في مساء يوم الجمعة الموافق 10 أكتوبر 2014 قرأت خبر وفاته الذي كان وقعه كالصاعقة، فور قراءتي الخبر ذُهلت وصُدمت ولم أصدق، فقد كانت حادثة شنيعة، تواصلت مع زوجة أخيه، وحينها فقط تأكدت من صحة الخبر. لم أكن أتوقع أن تكون هذه النهاية، ولكن قدر الله وما شاء فعل ولا اعتراض على حكم الله. أدعو الله من كل قلبي أن ينال المجرمين العقاب الذي يستحقوه وأن تأخذ العدالة مجراها. وكما أدعوه سبحانه أن يربط على قلب أمه وأبيه وإخوته، وأن يغفر لعبده الضعيف عبدالله ويرحمه ويتجاوز عن سيئاته، وأن يفيض عليه بمنه وكرمه ويرزقه الجنة بغير حساب ولا سابق عذاب. حزنت جداً على وفاة هذا الشاب الصغير، وهو في مقتبل العمر، شعرت بإحساس غريب ومشاعر مختلطة، فقد آلمني الخبر وكأنه أحد من معارفي المقربين. لم أكن أعرف عبدالله مسبقاً. حينما قرأت آخر تغريدة له التي كتب فيها «اللهم أسعدني أكثر مما تألمت، وأرحني أكثر مما تعبت، ولا تخيب آمالي؛ فأنت حسبي ونعم الوكيل». شعرت بالفخر تجاه هذا الشاب. وكما بدا الحزن واضحاً على طاقم الجامعة التي كان يدرس فيها، وهذه دلالة واضحة على حسن سلوك وأخلاق الفقيد. لا توجد هنالك صلة دم أو قرابة بيني وبين عبدالله، ولكن ما جمعني به أقوى من ذلك، ألا وهو الرابط المعنوي وهي جنسيته، فنحن إخوةٌ وطن بالرغم من أنني لا أحمل الجنسية نفسها في أوراقي الثبوتية، ولكنني أنتمي إلى هذا الوطن العريق. فأنا وُلدت وترعرعت في الرياض. فالوطن كالأم، ووطني السعودية فلا يمكن لأي جواز سفرٍ أو حتى ورقة هويةٍ أن تغير هذه الحقيقة التي زُرعت في قلبي. حالياً أنا مقيمة في أوروبا وأدعو الله أن يسهل علي وعلى جميع المغتربين غربتهم إلى أن يعود كلٌّ إلى أرض وطنه، فكم تمنيت الآن أن أكون في المملكة كي أتقدم بالعزاء لأسرة الفقيد بنفسي. أخيراً وليس آخراً أتقدم بكامل الأسى والحزن إلى عائلة عبدالله وكل من آلمه فراقه، راجية من المولى عز وجل أن يتقبله بقبولٍ حسن. إنا لله وإنا إليه راجعون، إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكلٌّ عنده بمقدار.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر وحسن العزاء. فكل مصيبة تبدأ كبيرة وتصغر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مشاركة :