استقالة العياري تفتح الصندوق الأسود للبنك المركزي التونسي بقلم: رياض بوعزة

  • 2/16/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

العام الجاري قد يكون أقسى وأسوأ عام يعيشه التونسيون منذ 2010، وخاصة في ظل احتمال انفجار فقاعة الديون التي تعدّ تحديا كبيرا أمام الحكومة.العرب رياض بوعزة [نُشر في 2018/02/16، العدد: 10902، ص(10)] تصنيف البرلمان الأوروبي لتونس ضمن قائمة الدول المتخاذلة في مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب، كتب فصل النهاية لمحافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري الذي خلف تركة ثقيلة من الأزمات المالية المعقدة لبلاده على ما يبدو. البرلمان الأوروبي فاجأ تونس بقراره بعد أن استند على تقرير لمجموعة العمل المالي، صنف تونس ضمن قائمة الدول ذات الأخطار العالية. إن استقالة العياري كانت بداية تساقط أحجار الدومينو للسياسات الاقتصادية للحكومات السابقة وستمهد بالتأكيد الطريق لفتح الصندوق الأسود للبنك بعد أن فشل منذ توليه منصبه في عهد الترويكا التي تشكلت من ائتلاف تقوده النهضة قبل خمس سنوات في إيجاد الاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع الوضع الاقتصادي المضطرب الذي تعيشه الدولة. هذه الخطوة تكشف عمق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، كما أنها تظهر بوضوح حجم القلق الكبير للسلطات السياسية والاقتصادية والمالية من تردي الأوضاع المعيشية أكثر وانعكاساتها السلبية على أداء الاقتصاد بشكل عام. هناك الكثير من الخفايا تتعلق بتفاصيل عمل العياري على رأس المركزي لا تزال مجهولة، ومع ذلك يمكن الاستدلال من خلال بعض المؤشرات بأن ثمة مشاكل تحتاج إلى إعادة النظر فيها وحلها من خلال تشخيص مكامن الخلل في نشاط البنك. لم يكن تسارع تبخر احتياطات البلاد من العملة الصعبة في ظرف عام من نحو 5.6 مليار دولار لتبلغ 4.9 مليار دولار في الوقت الحاضر، إلى جانب تدهور قيمة الدينار أمام العملات الرئيسية، اليورو والدولار، وصولا إلى تفاقم العجز التجاري إلى مستويات لم تشهدها البلاد في تاريخها، إلا قمة جبل تلك المشكلات. كما تتزايد الضغوط على تونس أكثر مع ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوى منذ 2014، ليبلغ 6.3 في المئة، بعد أن كان في حدود 5.8 في المئة قبل أشهر، وفق الإحصائيات الرسمية. العياري برر استقالته التي كانت بفعل ضغوط مورست عليه من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأنه يريد فسح المجال لجيل آخر من المحافظين لمواصلة المشوار لقيادة المركزي. ويبدو هذا التبرير مجرد برتوكول شكلي ليست له أي قيمة. تفاؤل الحكومة في كيفية مواجهة الوضع الاقتصادي الكارثي يواجهه اختبار حاسم في إعطاء الثقة في مروان العباسي المحافظ الجديد للبنك، في ظل ما تشهده محركات النموّ من شلل وخاصة القطاع المالي والمصرفي. ورغم أن تولي الخبير في البنك الدولي المكلف بالملف الليبي المنصب، يراه البعض مجرد إجراء تقني لا يمكنه مواجهة الأزمة البنيوية للاقتصاد التونسي، وأن تراكم الأزمات سبب إرباكا في كافة القطاعات، لكن مراهنة الحكومة عليه قد يجعله يحدث اختراقا ولو بسيطا في جدار الأزمة. المحافظ الجديد سيكون أمام ملفات حارقة لا تختزل في المشاكل الظاهرة فقط، فهو مطالب بالإجابة عن أسباب الإخفاقات المتتالية في عمل سلفه، ووضع الخطط البديلة سريعا لوضع القدم الأولى للابتعاد عن شبح الإفلاس الذي يتهدد تونس. لقد اعتبر البعض إدراج الاتحاد الأوروبي تونس ضمن القائمة السوداء للملاذات الضريبية قبل أن يحذفها لاحقا، رسالة للسلطات بأن الإصلاحات ستفاقم الضغوط على البلاد التي لا تزال ترزح تحت مخاطر قد تؤدي إلى زعزعة الاقتصاد المحلي بأكمله. وليس من باب التهويل القول إن العام الجاري قد يكون أقسى وأسوأ عام يعيشه التونسيون منذ 2010، وخاصة في ظل احتمال انفجار فقاعة الديون التي تعدّ تحديا كبيرا أمام الحكومة، الأمر الذي قد يعيد الدولة إلى المربع الأول في أزمتها المزمنة. كاتب وصحافي تونسيرياض بوعزة

مشاركة :