المركزي التونسي يدعو لتقليص المركزية في إدارة الاقتصاد بقلم: رياض بوعزة

  • 5/22/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

المركزي التونسي يدعو لتقليص المركزية في إدارة الاقتصاد تعالت أصوات الخبراء والمحللين في تونس إلى اعتماد استراتيجية تنهي المركزية في إدارة الاقتصاد، في محاولة لمكافحة الفساد والحد من البيروقراطية وتعزيز أسس الحوكمة وتسريع تنفيذ المشاريع في القطاعين العام والخاص لتحقيق النمو الشامل والمستدام.العرب رياض بوعزة [نُشر في 2017/05/22، العدد: 10640، ص(10)]إدارة أفضل للثروات تواجه هيمنة السلطة المركزية على إدارة الاقتصاد التونسي تحدّيا كبيرا بعد تزايد الدعوات مؤخرا للإسراع في تفعيل مبدأ اللامركزية الاقتصادية بين الولايات لرفع معدلات النمو والخروج من نفق الأزمة. ودعا خبراء تونسيون خلال ملتقى حول “الإصلاحات الهيكلية والنمو الإدماجي” عقد في العاصمة الأسبوع الماضي، إلى ضرورة تقليص المركزية في إدارة اقتصاد البلاد، الذي يمر بأوضاع سيئة رغم الجهود المضنية لإنعاشه. ويرى محللون أن اللامركزية الاقتصادية المعمول بها في العديد من دول العالم تستند إلى تطوير كل ولاية من ولايات بلد ما أو دمج عدة ولايات مع بعضها من خلال إنشاء هياكل موحدة تعنى بالإيرادات والمصاريف والاستثمار وتوفير فرص عمل.2.1 بالمئة نسبة النمو في الربع الأول من 2017، وفق بيانات صادرة عن معهد الإحصاء التونسي وأكد محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري، خلال كلمة له في الملتقى، أن إعادة تقسيم الجهات اقتصاديا لتشمل في التصنيف الجديد ولايتين أو أكثر باتت أمرا ملحا من أجل تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام. وقال العياري إن “تونس التي تضم 24 ولاية تحتاج ما بين 5 و6 مناطق اقتصادية لتجسيم مبدأ اللامركزية الذي ينص عليه المخطط التنموي”. وتأتي دعوته بعد أيام قليلة من مطالبة البعض بتغيير محافظ البنك المركزي، الذي لم ينجح في مهامه منذ توليه منصبه قبل قرابة خمسة أعوام، كما يقولون، ولا سيما بعد تصريحات وزيرة المالية السابقة لمياء الزريبي حول تعويم الدينار والتي أدت لإقالتها. وأكد محافظ البنك أن النمو الشامل لا بد أن يكون استراتيجية متكاملة تتبنى حزمة من الإصلاحات وتستمد خياراتها الكبرى من روح الدستور ومن مخطط التنمية 2016-2020 في ما يتعلق بتطبيق مبدأ التمييز الإيجابي في كل الولايات. ويستند مخطط التنمية على 5 محاور أساسية تتمثل في التسريع بتكريس الحوكمة ومقاومة الفساد والمرور من اقتصاد ضعيف الكلفة إلى محور اقتصادي عالمي والنهوض بالتنمية البشرية والإدماج الاجتماعي وتركيز الاقتصاد الأخضر الضامن لتنمية مستدامة. وفتحت الحكومة ورشة كبيرة لإصلاح اقتصاد البلاد المتعثر مع توليها السلطة في نهاية أغسطس الماضي، بعد أن اصطدمت بتركة ثقيلة، وهو ما دفعها إلى إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية والبدء في تطبيق خطوات التقشف الإجباري.الشاذلي العياري: إعادة تقسيم الجهات اقتصاديا باتت أمرا ملحا لتحقيق نمو شامل ومستدام ومع ذلك، لا تزال تونس تواجه صعوبات كثيرة في طريق إنعاش اقتصادها العليل منذ ست سنوات رغم كل الجهود المبذولة للخروج من نفق الأزمة، الأمر الذي دفع الكثير من التونسيين للاحتجاج في بعض الولايات على أوضاعهم المعيشية. ويقول اقتصاديون إن تآكل الطبقة الوسطى وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتدهور سعر صرف الدينار أمام العملات الرئيسية علاوة على اختلال الميزان التجاري، من أهم العوامل التي دفعت التونسيين إلى صرف النظر عن الكثير من الأمور في السنوات الأخيرة. وقال العياري إن “هناك ضرورة للتركيز في الخصوصيات الاقتصادية والجغرافية لكل ولاية بما يمنحها السبق في البعض من القطاعات دون إلغاء إمكانية الاستثمار في بقية المجالات التنموية الأخرى”. ومن أهم ميزات اللامركزية الاقتصادية أنها تؤمن نموّا متوازنا وتشجع السكان على البقاء في مناطقهم كون فرص العمل تصبح متوفرة مع تأسيس استثمارات مستدامة. وتتيح اللامركزية الاقتصادية إنشاء مناطق حرة لتشجيع الحركة التجارية، إلى جانب إلزام قطاعات تشرف عليها الدولة مثل الطاقة والنقل والإعمار بمساهمة فاعلة مع البلديات عبر الشراكة مع القطاع الخاص. وتبدأ عملية الانتقال إلى النظام الاقتصادي اللامركزي عبر التحول من اقتصاد خدماتي إلى اقتصاد إنتاجي، يكون مرتكزا على مبدأ زيادة الصادرات وتقليص الفجوة مع الواردات لبلوغ التوازن التجاري. وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن تدابير جديدة لكبح انفلات الواردات، في مسعى لتقليص العجز التجاري المتفاقم خاصة مع تركيا والصين وتخفيف معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية جراء تدهور قيمة الدينار. ويخشى البعض من اعتماد اللامركزية لأنها لا تضمن إدارة أفضل للاقتصاد، ويقولون إن اللامركزية غير الفاعلة تسبب مشكلات لذلك يتحتم تطبيقها بـ“حزم” من أجل ضمان فاعلية أكثر للمؤسسات المحلية. وقد تقود اللامركزية إلى عدم الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي، كما يمكن للامركزية الضريبية أن تستنزف الإيرادات المركزية حين تعجز الحكومة عن ضبط الإنفاق العام، لافتقار الحكومات المحلية إلى الخبرة. لكن في المقابل قد يؤدي تطبيق اللامركزية من دون الانتباه الدقيق للامركزية الضريبية إلى انتكاس جهود الإصلاح الاقتصادي، إذ من دون سيطرة أجهزة الحكم المحلي على إيراداتها وميزانياتها لن تتمكن من تحقيق نسب النمو المستهدفة. وتشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء إلى أن نمو الاقتصاد بلغ 2.1 بالمئة في الربع الأول من2017 مقارنة مع صفر بالمئة بمقارنة سنوية. وهذا أعلى معدل نمو يتحقق منذ عام 2011 بعد تعافي قطاعي الفوسفات والسياحة.

مشاركة :