بدا الكشف الذي أعده مؤتمر الأمن للنظام الدولي بمثابة ناقوس الخطر في افتتاح الجلسات في ميونخ. فالنظام الدولي بلغ حافة الهاوية بفعل التوتر في شبه الجزيرة الكورية، ومراجعات الولايات المتحدة، وانسداد آفاق الأزمات المعقدة والمتداخلة في الشرق الأوسط، وتراجع الغرب نسبياً، والتوتر بينه وبين روسيا، وتصاعد دور الصين والتنافس بينها وبين الولايات المتحدة من أجل السيطرة على أسواق التكنولوجيا الجديدة. من جانبه، رأى رئيس المؤتمر، ولفغانغ ايشينغر، أن "العالم قام بجهد كبير في مكافحة الفقر"، لكن التحسن في العديد من المناطق لم يتجسد في تعزيز الديمقراطية. وقال ايشينغر إن "الديمقراطية والحرية تواجهان التحديات والتهديدات"، مؤكداً أن "الغرب أضعف مما كان عليه، وتهدده أزمات اللاجئين والمشردين". وإزاء تراجع النظام الدولي، تبدو الأمم المتحدة عاجزة عن التأثير على الأزمات الحادة في شبه جزيرة كوريا الشمالية والشرق الأوسط. كما رسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، صورة قاتمة للأزمات التي تهز استقرار منطقة الشرق الأوسط. ورأى أنها "أزمات معقدة ومتداخلة، وأي تصعيد في أي منها قد يؤدي إلى عواقب كارثية". كذلك أبدى غوتيريس تشاؤمه بالنسبة لأزمة اليمن، حيث اعتبر أن "لا حل في الأفق القريب"، وأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني "في مأزق". وتأخذ الدول الأوروبية على محمل الجد المراجعة الاستراتيجية التي أجرتها واشنطن وتوجيه قدراتها نحو الأزمات الحادة مثل كوريا الشمالية والتنافس بينها وبين الصين. وأكدت ألمانيا وفرنسا في المؤتمر الاتفاق بينهما حول تعزيز محور الدفاع الألماني الفرنسي، خاصة في ضوء التداعيات التي قد تنجم عن مراجعات واشنطن، واحتمال أن تدير ظهرها للمخاطر التي قد تتهدد أوروبا من جوارها الجنوبي. وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي: "إذا واجهت أوروبا تهديدات مباشرة من جوارها الجنوبي، يجب عليها أن تكون قادرة على الدفاع عن مصالحها". وتحدثت بارلي عن أن الولايات المتحدة قد توجه قواتها إلى مناطق أخرى في العالم تراها أكثر حيوية، أو إن تحفظ الحلف عن التدخل "يجب على أوروبا التزود بقدرات ذاتية استراتيجية تغنيها عن قوة التدخل الأميركية". وتدفع المراجعة الاستراتيجية التي أجرتها واشنطن، المحور الألماني الفرنسي إلى الاعتماد أكثر فأكثر على القدرات الأوروبية لمواجهة التهديدات المباشرة التي قد تأتيها. وحذر خبراء الشؤون الدولية من أن "تراجع النظام الدولي يخلق فراغاً خطيراً قد تملأه قوى صاعدة ومتنافسة في ما بينها. كما أن تراجع النظام الدولي قد يعني أيضاً تقلص مساحات الحرية والقانون الدولي.
مشاركة :