الأوساط الاقتصادية المصرية والمؤسسات المالية العالمية ترحب بقرار البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة بنسبة واحد بالمئة.العرب [نُشر في 2018/02/17، العدد: 10903، ص(11)]نقطة تحول من الادخار الى الاستثمار لندن – رحبت الأوساط الاقتصادية المصرية والمؤسسات المالية العالمية بقرار البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة بنسبة واحد بالمئة، وهو ما فاق التوقعات التي كانت ترجّح خفضها بنصف نقطة مئوية. وسمح التراجع الكبير في معدلات التضخم بخفض أسعار الفائدة بعد زوال تأثير تحرير أسعار الصرف قبل 15 شهرا ليصل إلى 17 بالمئة على أساس سنوي بعد أن كان فوق 30 بالمئة قبل 3 أشهر. وقال البنك في بيان إنه خفض سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة إلى 17.75 بالمئة من 18.75 بالمئة، وخفض سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة إلى 18.75 بالمئة من 19.75 بالمئة. ورحب خبراء اقتصاديون مصريون بتلك الخطوة وقالوا ورجّحوا أن يكون لها تأثير إيجابي على السوق. وتوقّعوا خفضا آخر في أسعار لفائدة الشهر المقبل. ومنذ تعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 7 بالمئة لمكافحة قفزة في التضخم، وهو ما أوجد شهية غير مسبوقة لأدوات الدين المحلية، لكنه أبطأ الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تحتاجه البلاد بشدة. وتراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 17.1 بالمئة في يناير من 21.9 بالمئة في ديسمبر وأكثر من 30 بالمئة في أكتوبر بعد انحسار تأخير تراجع سعر الجنيه في أعقاب تحرير أسعار الصرف. وقال البنك المركزي إن “بيانات التضخم الأخيرة تشير إلى نجاح السياسة النقدية في احتواء الضغوط التضخمية… وبناء عليه قررت لجنة السياسة النقدية خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 1 بالمئة. وترى اللجنة أن القرار يتسق مع تحقيق معدلات التضخم المستهدفة واستقرار الأسعار على المدى المتوسط”. وقال نعمان خالد خبير إدارة الأصول في بنك الاستثمار “سي آي كابيتال” إن “خفض الفائدة بنسبة واحد بالمئة إشارة كبيرة إلى المستثمرين بأن تشديد السياسة النقدية انتهى وهو أيضا نهج محافظ من أجل اختبار نشاط السوق”. وأضاف لوكالة رويترز إنه يتوقع خفضا آخر بمقدار واحد بالمئة أيضا في الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية والمقرر عقده في 29 مارس المقبل. وواجه اقتصاد مصر صعوبات منذ عام 2011 عندما تسببت انتفاضة أطاحت بالرئيس حسني مبارك في إبعاد السيّاح والمستثمرين الأجانب، لكن إصلاحات اقتصادية مرتبطة باتفاق مدته 3 سنوات مع صندوق النقد الدولي تم توقيعه في 2016 أدت إلى مؤشرات اقتصادية إيجابية.سوبير لال: خفض الفائدة جاء في التوقيت المناسب وينسجم مع تراجع معدلات التضخم وقد أشاد صندوق النقد أمس بقرار خفض أسعار الفائدة. وقال رئيس بعثته إلى مصر سوبير لال إن قرار المركزي المصري جاء في التوقيت المناسب وأنه يتسق مع اتجاهات التضخم في الأشهر الأخيرة ومع هدف تراجع التضخم إلى 13 بالمئة بحلول منتصف العام الحالي. وأكد لال أن على قرارات السياسة النقدية المصرية أن تبقى قائمة على البيانات، وأن تسترشد بالهدف الأساسي المتمثل في تحقيق معدل تضخم منخفض ومستقر. وحصلت مصر على 6 مليارات دولار من إجمالي قرض صندوق النقد البالغ 12 مليار دولار. وأجرى الصندوق مراجعتين لأداء الاقتصاد المصري خلال العام الماضي. ويقول مراقبون إن أسعار الفائدة المصرية التي لا تزال مرتفعة أدّت إلى تدفّق الكثير من الأموال إلى البلاد، لكن بثمن باهظ لأنها تحصل على عوائد تصل إلى 20 بالمئة رغم استقرار سعر صرف العملة المحلية تحت 18 جنيها للدولار منذ عدة أشهر. ويشير تدفّق عشرات مليارات الدولارات إلى أن النظام المصرفي اقترض تلك الأموال بفوائد باهظة تزيد بعشرة أضعاف على الفوائد المقدمة في أي عملة مستقرة في العالم. وتضاعفت احتياطات البنك المركزي المصري من العملات الأجنبية منذ تحرير أسعار الصرف لتصل إلى أكثر من 38 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، لكنها يمكن أن تتراجع مع تراجع أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن تكتشف القاهرة عبء تلك الأموال حين تبدأ بالرحيل مع العوائد الكبيرة التي حققتها بعد أن تنخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في المستقبل القريب. وعرقلت مستويات الفائدة المرتفعة اقتراض المشاريع الاستثمارية التي لا يمكنها الاقتراض بتلك المستويات المرتفعة، كما كبّل نشاط البورصة بسبب ميل أصحاب المدخرات إلى إيداعها في المصارف والحصول على الفوائد الكبيرة. وقد أظهرت مؤشرات سوق القاهرة للأوراق المالية ترحيبا بقرار خفض أسعار الفائدة وارتفع مؤشرها بأكثر من واحد بالمئة أمس بعد ارتفاعات أخرى في الأيام المالية. ويتوقّع الخبراء أن تتزايد حركة الاقتراض الاستثماري بسبب خفض أسعار الفائدة مع ترجيح انتظار كثير من المستثمرين لمزيد من الخفض ليتمكّنوا من المراهنة على بناء مشاريع جديدة.
مشاركة :