هزت فضيحة أوكسفام الجنسية، والتي طالت أيضاً منظمة أطباء بلا حدود، أوساط منظمات الإغاثة، حيث كشفت عن استغلال الموظفين لسلطتهم وابتزاز النساء في مناطق الأزمات مقابل الجنس. ما يؤثرعلى مصداقية هذه المنظمات، لدى المتبرعين. من المعروف أن الشخص، الذي يقدم المساعدة، يكون همه في المقام الأول مصلحة أولئك الذين هم في حاجة ماسة لمساعدته. لكن صورة المساعد المتجرد من مصلحته الشخصية والناكر لذاته خلال العمل في مناطق الأزمات من الواضح أنه يشوبها الغموض. لأن من يقدم المساعدة، يمتلك سلطة – والبعض من هؤلاء المساعدين يستغلون هذه السلطة. ومن الواضح أن موظفي منظمة أوكسفام غير الحكومية البريطانية أنهم لم يقيموا حفلات جنسية مع مومسات فحسب في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي في عام 2010 في فيلا الخدمة التابعة للمنظمة. وإنما ربما أيضا كانت هناك مثل هذه الحفلات الجنسية خلال عمليات الإغاثة في تشاد في عام 2006 . كما أفادت تقارير أن موظفي منظمة أوكسفام قد اغتصبوا النساء في جنوب السودان. ولا تعد هذه أول فضيحة جنسية تهز أوساط منظمات المساعدات الدولية. حيث أكد بورخارد فيلكه، المدير التنفيذي للمعهد المركزي الألماني للشؤون الاجتماعية، في مقابلة أجرتها معه DW: " أن موظفو منظمات المساعدة أو حتى شركائها في مناطق العمل أصبحوا مسؤولون بشكل متكرر عن الاستغلال الجنسي للسكان المحليين". ما يوضح، أن الأمر لا يتعلق بحالة منفردة. وهناك أمثلة أخرى في الوقت الحالي، حيث أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" مؤخراً عن 24 حالة من حالات الاعتداء أو التحرش الجنسي خلال العام الماضي. وأقرت اللجنة الدولية للإغاثة (IRC) بحدوث ثلاث حالات للاعتداء الجنسي أثناء عمليات الإغاثة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. الدعارة في البلقان بالعودة إلى الوراء قليلاً كان هناك سوء سلوك للمساعدين خلال الحرب اليوغوسلافية في تسعينات القرن الماضي. وحتى خلال اضطرابات الحرب في منطقة البلقان، كان هناك استغلال جنسي للفتيات والنساء من قبل المساعدين الدوليين. ويقال أن أفراداً من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني – كانوا يقصدون المومسات بانتظام. ولأجل تقديم المساعدة للنساء المتضررات على أرض الواقع، دعمت المنظمة الألمانية لحقوق المرأة "ميديكا مونديال" النساء المصابات بصدمات نفسية في البوسنة أثناء الصراع في البلقان. وحتى اليوم، تساعد المنظمات غير الحكومية في كولونيا الفتيات والنساء في مناطق الحرب والأزمات. وتقول آرا شتيلاو ، رئيسة البرامج الدولية، في حديثها لـDW، بأنها لاحظت أن مشهد ارتياد المساعدين بيوت الدعارة والتعامل مع المومسات خلال تأدية مهامهم بات يبدو بمثابة "جرم ضئيل ومتعة خاصة ". وتتذكر شتيلاو بشكل جيد كلمات قادة احدى منظمات الإغاثة الألمانية حول مواجهة سوء تصرف بعض موظفيه وتورطهم في فضائح جنسية، حيث كانت إجابته كالتالي: " من غير الممكن أن أعلم عن كل شيء يفعله رجالي تحت البطانية". الجانب المظلم لمنظمة أطباء بلا حدود: حيث أبلغت المنظمة عام 2017، عن 24 حالة من حالات الإستغلال والتحرش الجنسي. المساعدة مقابل الجنس ويعد الفقر والحاجة مفتاح دخول النساء إلى عالم الدعارة غالبا. وقد يحدث الانتقال إلى الدعارة بشكل سلس، كما تشير شتيلاو في حديثها لـ DW، وتقول إن الحاجة المادية غالباً ما تكون كبيرة لدرجة "اختفاء أي رادع و قبول الطعام أو المال مقابل الجنس". وهذا يخلق نوعاً من النشاط بين النساء المحليات المحتجات والمساعدين الذكور من خارج بلدانهن. لأن هؤلاء يمتلكون الموارد والسلطة، على توزيع إمدادات الإغاثة. ولكن كيف يمكن للمساعدين استغلال سلطتهم بهذا الشكل؟ لا جدال في التوظيف في أحد مناطق الأزمات يعد حالة استثنائية. ومن الناحية المثالية، فإن المساعدين مدركون لحجم مسؤوليتهم، كما توفر لهم المتابعة النفسية خلال عملهم. ولكن بالطبع تنشأ هناك تلقائياً فجوة السلطة بين المساعدين والنساء اللواتي هن في حاجة إلى المساعدة، كما يقول بورخارد فيلكه: "موظفو إحدى منظمات الإغاثة يمتلكون المال، ويكون هناك تأثير على مساعدة أحدهم، دون الآخر - وهذا يخلق نوع من الإغراء". هذه الأخطار معروفة لدى معظم منظمات الإغاثة الدولية. كما ينبغي تذكير جميع الموظفين بقواعد السلوك الخاصة. ويضيف فيلكه: "مع ذلك فإن حادثة أوكسفام تظهر بأنه لا يتم دائماً اتخاذ الاجراءات الضرورية، عندما يتعلق الأمر بالتورط في فضائح جنسية ". الزيارة التي يقوم بها بعض الموظفين في منظمات الإغاثة لبيوت الدعارة، ليست حالة معزولة. أزمة ثقة ويؤكد بورخارد فيلكه أن "الاستفادة من خدمات المومسات، قد لا تنتهك بالضرورة القوانين المحلية، ولكنها تتعارض مع جميع قواعد السلوك، التي وضعتها منظمات الإغاثة". منظمات المعونة مثل منظمة أوكسفام خاطرت بسمعتها الجيدة. إذ أن خسارة الثقة قد تكون لها عواقب كبيرة. إذ تعد المصداقية عملة مهمة في مجال تقديم المساعدة. لأن منظمات المعونة غير الحكومية تعتمد بشكل كبير على التبرعات - وعلى ثقة المتبرعين، الذين يودون معرفة ما إن كانت أموالهم تصل حقا إلى المحتاجين؟ لذلك يجب أن يطلع الرأي العام أيضاً و"بلا هوادة" على هذه الاختراقات، كما يوصى المدير التنفيذي للمعهد المركزي الألماني للشؤون الاجتماعية DZI. بحيث تكون الأولوية القصوى للشفافية. ويمنح المعهد المركزي الألماني للشؤون الاجتماعية، ختم التبرع في ألمانيا للمنظمات التي تعمل بشكل أخلاقي صحيح وشفاف، وفي حالة إساءة التصرف، يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تفقد شعار الجودة. حجم التبرعات المقدمة لمنظمات الإغاثة في بريطانيا أعلى مما هو عليه في ألمانيأ. انعدام المصداقية يؤثر على حجم التبرعات اليونيسف بحاجة إلى معرفة، مدى حساسية الجهات المانحة. وبعد القضية المالية في عام 2007، استقال المدير التنفيذي آنذاك ديتريش غارليشس وخسرت اليونيسف ختم DZI. وانخفضت التبرعات من 81 مليون في عام 2007 إلى 55 مليون في عام 2008. ومن جهة أخرى، لا يوجد في المملكة المتحدة، مثل هذا الختم الموحد (الذي يبين شعار الجودة والمصداقية). وفي حادثة منظمة أوكسفام، كان غياب الشفافية واضحاً. حيث اعترفت، منظمة أوكسفام في بيان صحفي عام 2011 بأنهم أقالوا فريق القيادة في هايتي. وكانت الأسباب المقدمة هي إساءة استخدام السلطة وانتهاك القواعد. ولم يتم ذكر الدعارة وحفلات الجنس. ومن الأمور الواضحة أن إساءة استخدام السلطة يمكن أن يحدث في أي مكان، يمكن اساءة استخدام السلطة فيه. في مجال السياسة ، في مجال الاقتصاد، في الكنيسة وفي المؤسسات العامة، بل وأيضا في منظمات الإعانة. غير أن غالبية المساعدين قد يتصرفون بقدر من المسؤولية. لكن الفضائح تهز أوساط منظمات الإغاثة. وتضر في نهاية المطاف أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة. فانتشارالدعارة في مناطق الأزمات، لا يمكن اعتبارها بالجريمة الهينة. فيرا كيرن، أستريد برانجه/ إ.م
مشاركة :