لا يغيب الفنان الهولندي فان غوخ عن المناخ الفني أبدا، هو دائما حاضر سواء عن طريق معرض أو ندوة أو كتاب أو فيلم مثل فيلم الرسوم المتحركة «لفينغ فنسنت» الذي رشح مؤخرا لجائزة الأوسكار. ولكن لمن يعشق الفنان الهولندي وضربات فرشاته السخية والمضطربة هناك أكثر من ألف سبب لمشاهدة أعمال فان غوخ ولهم سيكون خبر إقامة معرض ضخم لفان غوخ في متحف «تيت بريتان» أوائل العام المقبل، بمثابة وعد بحفنة من السعادة المؤجلة.ويعد المعرض الذي أعلن عنه بالأمس متحف «تيت بريتان» الأول بعد آخر معرض لفان غوخ أقيم هناك في عام 1947، كما أنه الأول الذي يستعرض علاقة فان غوخ ببريطانيا وتحديدا لندن التي عاش بها وهو في أوائل العشرينات من عمره.يعد المعرض رواده بأربعين لوحة للفنان الهولندي منها ما استعاره من متاحف عالمية مثل متحف دوراساي بباريس ومتحف الفنون بساو باولو، منها اللوحة الشهيرة «ليلة مرصعة بالنجوم» ولوحة من سلسلة «زهور عباد الشمس» من مقتنيات «ناشيونال غاليري» بلندن.وقضى فان غوخ بعض الوقت في حي لامبث جنوب لندن ووقع في حب المدينة، وصف لأخيه ثيو مكانتها لديه في خطاب كتبه في يناير (كانون الثاني) عام 1847 قال فيه: «الأمور على ما يرام هنا، لدي بيت رائع وأجد متعة كبيرة في مراقبة لندن والحياة على الطريقة الإنجليزية والإنجليز أنفسهم. هناك أيضا الطبيعة والفن والشعر وإن لم يكن كل ذلك كاف، فماذا؟» حسب بيان متحف «تيت بريتان» سيستكشف المعرض قصة الشاب فان غوخ وتأثير مدينة لندن على حياته وفنه.يعرض المتحف أيضا من خلال اللوحات تأثر فان غوخ بفنانين إنجليز مثل جون كونستابل وبكتابات ويليام شكسبير وتشارلز ديكنز. وفي إحدى اللوحات المستعار من ساو باولو وهي بعنوان «لارليزيان» ونرى فيها كتابين لتشارلز ديكنز بمقدمة اللوحة.من اللوحات الأخرى بالمعرض لوحة «الحذاء» المستعارة من متحف «فان غوخ» بأمستردام ولوحتان رسمهما فان غوخ في أواخر عمره منها «على باب الأبدية» من متحف كرولر مولر في أوتيرلو بهولندا، ولوحة «متقاعدون يتريضون» من متحف «بوشكين للفن الرفيع» بموسكو.بحسب متحف «تيت» يعتبر المعرض القادم هو الأضخم من حيث عدد اللوحات (40 لوحة) في العشر سنوات الأخيرة، ولكن في الحقيقة كان هناك معرض سابق أقيم في رويال أكاديمي في أبريل (نيسان) 2010 قدم أكثر من ستين لوحة ورسما للفنان.وبالعودة إلى الوراء، فقد كان لمعرض فان غوخ الذي في «تيت بريتان» عقب الحرب العالمية الثانية تأثر ضخم على الحركة الفنية في بريطانيا. ويستكشف المعرض القادم ذلك التأثير من خلال عرض لوحات لفنانين بريطانيين أمثال فرانسيس بيكون وديفيد بومبورغ وكريستوفر وود.وفي معرض تعليقه على المعرض قال أليكس فاركوهارسون مدير متحف «تيت بريتان» إن إقامة فان غوخ ببريطانيا غيرت نظرته للعالم ولنفسه وأنها شجعته على أن يصبح فنانا. ويضيف فاركوهارسون: «هي فرصة لنا لكشف تأثير بريطانيا على فان غوخ وتأثيره الضخم على الفنانين البريطانيين. المعرض الذي أقيم في تيت عام 1947 قدم أعمال فان غوخ لجيل بأكمله من الفنانين العاملين في بريطانيا».* معرض «فان غوخ وبريطانيا» يقام في متحف تيت بريتان في الفترة ما بين 27 مارس (آذار) إلى 11 أغسطس (آب) 2019.
مشاركة :