تتوسّط روسيا محادثات تجريها القوات النظامية السورية مع فصائل معارضة ناشطة في غوطة دمشق الشرقية، بهدف التوصّل إلى «اتفاق مصالحة» يمهّد للنظام تأمين المنطقة ومحيطها، كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، من دون أن يقّدم تفاصيل عن بنود الاتفاق. ولفت «المرصد» إلى أن المحادثات تترافق مع حشد القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها واستقدامها تعزيزات إلى محيط الغوطة الشرقية المحاصرة، التي تُعدّ آخر معاقل المعارضة قرب العاصمة. ووفقاً للمصادر فإن هذه القوات تتحضّر لتنفيذ عملية عسكرية واسعة بهدف السيطرة على المنطقة، بقيادة العميد في القوات النظامية سهيل الحسن المُلقّب بـ «النمر»، والذي قاد معارك حلب والبادية السورية وغرب الفرات. ونقل عن مصادر «ثقة» قولها إنه في حال فشلت المفاوضات في التوصل إلى «اتفاق مصالحة» في الغوطة الشرقية، فإن حوالى 9 آلاف جندي صيني سيتم استقدامهم إلى المنطقة للمشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب القوات النظامية بهدف السيطرة على الغوطة الشرقية وتأمين محيط العاصمة دمشق. ولفتت مواقع سورية محسوبة على المعارضة إلى أن الحسن اجتمع أخيراً مع وفد عسكري روسي في مطار الضمير العسكري في ريف دمشق. ونقلت وكالة «قاسيون» عن مصدر قوله، إن الاجتماع بحث التطورات العسكرية في الغوطة الشرقية، خصوصاً عقب توقف العمليات العسكرية في شرق إدلب، وتوجّه القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها في اتجاه الغوطة الشرقية. ونشرت مواقع مقرّبة من دمشق تسجيلات، قالت إنها تظهر توجّه رتل عسكري من «قوات النمر» إلى الغوطة الشرقية. ويظهر في التسجيلات عشرات من الآليات العسكرية والجنود. وتُعتبر «قوات النمر» بقيادة الحسن، من أبرز المجموعات المقاتلة في صفوف القوات النظامية، ولعبت دوراً أساسياً في السيطرة على أحياء حلب المحاصرة وريفها، إلى جانب مشاركتها في العمليات على دير الزور ومحيط الرقة. كما شاركت بقوّة في المعارك الأخيرة في ريفي حماة الشرقي وإدلب الجنوبي. ونقلت صفحة «القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية» على «فايسبوك» عن ألكسندر إيفانوف الناطق باسم القوات الروسية في القاعدة، قوله إن موسكو ستدعم «تحركات القوات الحكومية البرية في منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية». ولفتت الصفحة غير الرسمية إلى أن الهدف من العملية هو «القضاء على تنظيم جبهة النصرة الإرهابية في حال لم تفلح الوسائل السلمية في تحقيق ذلك». وتشكل الغوطة الشرقية إحدى مناطق «خفض التوتر» التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات آستانة بضمانة كل من تركيا وروسيا وإيران، وتحاصرها قوات النظام منذ عام 2012. وفشلت القوات النظامية أخيراً من تحقيق أي تقدّم ملحوظ على حساب فصائل المعارضة في المنطقة، وتعرّضت لخسائر كبيرة في المعارك على محيط مبنى إدارة المركبات على أطراف مدينة حرستا. وتعرّضت الغوطة الشرقية منذ مطلع الأسبوع الماضي وعلى مدة خمسة أيام متواصلة، لتصعيد في الغارات التي شنتها قوات النظام، ما تسبب بمقتل 250 مدنياً وإصابة أكثر من 775 آخرين بجروح. وكشفت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أن القوات النظامية السورية والجيش الروسي مسؤولون عن 40 مجزرة في غوطة دمشق الشرقية منذ 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. ووثقت الشبكة الحقوقية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني مساء الجمعة، مقتل 729 مدنياً خلال هذه المدّة. ووفقاً للتقرير، فإن القوات النظامية ارتكبت 37 مجزرة وقتلت 697 مدنياً بينهم 96 امرأة و177 طفلاً، فيما حمّل القوات الروسية مسؤولية مقتل 32 مدنياً بينهم 13 امرأة وثمانية أطفال في 3 هجمات دامية. كما قضى أكثر من ثمانية مدنيين بسبب نقص الطعام والدواء نتيجة الحصار، بينهم امرأة وطفلان. ولفتت «الشبكة» إلى أن الهجمات السورية والروسية أدّت إلى مقتل سبعة من عناصر الدفاع المدني وعشرة عناصر من الكوادر الطبية، إضافة إلى إعلامي واحد. كما وثّقت استخدام قوات النظام أسلحة كيماوية ثلاث مرات على الأقل، إضافة إلى استخدام القذائف العنقودية أربع مرات، وقصف بمواد حارقة مرّة واحدة. وأوضح التقرير أن القصف السوري- الروسي طاول أكثر من 108 مراكز حيوية مدنية، من ضمنها 32 سوقاً شعبية و28 مسجداً و11 مدرسة منها ثلاث رياض أطفال ودار أيتام واحدة، إضافة إلى عشر منشآت طبية ومركزين للهلال الأحمر، و14 سيارة إسعاف وأربع مقرات خدمية وكنيسة وجامعة ومعهد تعليمي. في غضون ذلك، واصلت القوات النظامية مدعومة بغطاء جوي روسي قصفها مناطق متفرّقة في محافظة إدلب على رغم سوء الأحوال الجوية. وقُتل طفلان على الأقل في غارات يُرجح أنها روسية استهدفت قرية حزانو شمال مدينة إدلب. كما أصيب سبعة أشخاص في غارات على قرية الخوين في ريف إدلب الجنوبي.
مشاركة :