منذ فجر التاريخ، والبلدان والشعوب ابتُليت بحكام كانوا مجانين، وفي أزمنة أخرى كانوا عُبُط (جمع عبيط)! و"العبيط" في اللغة معناه الأبله والغبي. وويل لدولة يحكمها عبيط، وويل لشعب يرضى ويوافق على أن يحكمه عبيط! وهذه بعض الصور التي تتميز بها دولة العبيط:1- سمات شخصية الحاكم العبيط1- الحاكم عميل وغبي ومن سمات دولة العبيط، أن يستولي على الحكم عميل وغبي يسمع كلام الذين عيَّنوه من دون أي نقاش؛ لأنه لا يملك عقلاً يناقش به ولا حتى يتفكر بأقل فكر؛ وهذا أسلس للدول الكبرى التي عيَّنته بانقلاب أو من دون انقلاب، وأسلس أيضاً لمراكز القوى الداخلية أو الإقليمية التي تجد مصلحتها في تولي مسؤولية الحكم حاكم غبي (لا يهش ولا ينش)! 2- العبيط معروض للبيع ومن سمات دولة العبيط، أن نجد حاكمها معروضاً للبيع في الأسواق العالمية؛ لأنه نموذج للضحك والكوميديا والمسخرة! 3- يتفوه بجمل عبيطة ومن السخرية والمسخرة الطاغيتين في دولة العبيط، أن يتفوه الزعيم بـ"جمل عبيطة" تجعل العالم كله يتندر عليها وعلى قائلها العبيط! وربما تكون مراكز القوى وأجهزة المخابرات التي تتحكم في الحاكم العبيط، هي التي تأمره بأن يتكلم بتلك الجمل العبيطة حتى تشغل الرأي العام عن أمور خطيرة في الدولة. 4- يرتدي نظارة سوداء ومن سمات العبيط أنه يرتدي نظارة سوداء ليوحي بالعظمة والكبرياء والمهابة، والحقيقة غير ذلك تماماً، ولو خلع الحاكم العبيط نظارته السوداء، فسنجد تحتها مسخاً بشرياً يدعو للرثاء والعطف! 5- نرجسي ومن سخرية القدر أن نجد الزعيم العبيط عنده نرجسية طاغية، تجعله يأمر بوضع صوره في كل المصالح الحكومية والخاصة، ويُكتب اسمه على المدارس والمصانع وكل شيء حتى على السُّكر ورغيف الخبز! وأحياناً، يكون مع النرجسية شوية جنون عظمة! 6- يحتقر شعبه ويزعق فيه ومن سخرية القدر، أن نجد الحاكم العبيط يحتقر ويسخر من شعبه ويُعيِّره بفقره ويزعق فيه في خطبه ويقول: (منْ أنتم) و (اسمعوا كلامي أنا فقط) و(أنا الزعيم ولا زعيم إلا أنا) و... و...، وكل هذا الشخط من النرجسية الطاغية على شخصيته. 7- يضحك بمفرده ضحكات هستيرية في وقت الجِد8- يستجدي الشرعية بأي شكل ولو فيها إهانة له ولدولته، ولو فيها أيضاً إهدار لثروات البلد! 9-شعاره الأثير (أنا مكمل) مهما تدهورت الدولة وانحدرت أحوال الشعب، ومهما فُقدت أجزاء من الدولة لصالح الدول الأخرى القوية! 10- ليس عبيطاً على طول الخط الحاكم العبيط ليس عبيطاً دائماً؛ فمثلاً لا نندهش حين نجد الحاكم العبيط يجرف ثروات البلد ويضعها في حسابات بنوك سويسرا وأخواتها لتنتظره هناك؛ فربما تأتي (الرياح بما لا تشتهي السفن) ويحدث انقلاب يطيح به وبطبقته الحاكمة!2- فقدان هيبة الدولة واحترامها في دولة العبيط، نجد الدول العظمى تفتش مطاراتها، وتتحكم في كل شيء فيها، وتهين كرامتها وشرفها ومجدها؛ ومن ثم تهان كرامة وشرف ومجد شعبها. وفي دولة العبيط، تُدمَّر الطائرات، وحتى تُسرق الطائرات بحزام يشد الظهر؛ فلا توجد أي هيبة لدولة العبيط! وفي دولة العبيط، يُحكَم بالمؤبد على طفل عمره 3 سنوات؛ لمشاركته في مظاهرة، ويُعتقل تلميذ في المرحلة الابتدائية؛ بسبب شعار معارض موجود على مسطرة أو كراسة! وحينما تفقد الدولة هيبتها واحترامها، فمن المتوقع أن يطمع فيها كل منْ هب ودب من الدول الأخرى، ويصل هذا الطمع إلى احتلال دولة العبيط وسرقة مياه دولته وثرواتها ومقدراتها...! 2- المواطن غريب في بلده في دولة العبيط، يشعر المواطن من أعماق نفسه بأن البلد ليس بلده، إنما هو بلد الطبقة الحاكمة وعلى رأسها العبيط ذاته، ويشعر أيضاً بأن ثروات الوطن ليست ثرواته، إنما هي ثروات الطبقة الحاكمة والفئة المرتبطة بها؛ لذلك تكثر الهجرات المتعددة لأبناء الوطن إلى الدول الأخرى التي تحافظ على كرامة مواطنيها؛ هذا إن استطاعوا الهجرة؛ لأن الوطن تحوَّل إلى سجن كبير على يد العبيط وزبانيته. ومن سوء الطالع أن يجد المواطن بعد هجرته من وطنه، أنه ليس فقط مهاناً ومهدَر الكرامة والاعتبار والاحترام في بلده فقط، إنما حتى في الدول التي هاجر إليها؛ لأنه لا كرامة لفرد مُهان في بلده، ولا كرامة ولا اعتبار ولا احترام لبلد يحكمه عبيط! 3- تعيين أهل الثقة وليس أهل الخبرة ومن سمات الدول الاستبدادية والدول التي يحكمها الزعيم العبيط، أن نجد أهل الثقة وليس أهل الخبرة هم الذين يُعيَّنون في المواقع المختلفة؛ ومن ثم فقد وُضع الشخص غير المناسب في الموقع غير المناسب له؛ وإذن من المتوقع أن تسقط الدولة بالتدريج وبجدارة! والحاكم العبيط لا يضع أهل الثقة في المواقع المختلفة، ليس لأنه عبيط، ولكنه يخشى من أهل الخبرة من أن يكتشفوا عبطه وهطله وغبائه الكبير. وكل الحكام المستبدين، سواء كانوا عُبُطاً أو غير عُبُط، فإنهم يفضلون أهل الثقة الفاسدين؛ لأنهم أسلس في القيادة! 4- ترك الجيش الثغور وتتميز دولة العبيط بترك الجيش مهمته الأساسية في حماية الوطن والثغور من أي عدوان، إنما يتفرغ لبيع السلع الغذائية وتحصيل الرسوم (الكارتة) بين المدن، وتشييد مصانع الصلصة والمكرونة. أما في الحروب، فيتميز هذا الجيش بالهزائم الساحقة الماحقة! 5- المشاريع الوهمية (الفناكيش) وتتميز دولة العبيط بترويج مشاريع وهمية ومؤتمرات اقتصادية وهمية ولا تزيد على دعاية سمجة. 6- انهيارات في المجالات كافة في دولة العبيط، نجد فشلاً اقتصادياً مروعاً، وانهياراً في العملة الوطنية إلى دركات ساحقة، وفشلاً سياحياً مزرياً، وتدهور أحوال المعيشة، ونجد الفقر وهو ما برح يعضُّ بنابه الأزرق أغلب طبقات الشعب، والشعب يجوع ولا يجد السلع الغذائية ولا حتى رغيف الخبز، وتستفحل معانات الناس و... و... ويقدم الدعم إلى مصانع رجال الأعمال المرتبطين بالطبقة الحاكمة، وحتى إلى فنادق 5 وحتى 7 سبع نجوم، وفي الوقت ذاته، تُحرم منه الطبقة المتوسطة والكادحة. وتتدهور الجامعات، ويفرَّغ التعليم من محتواه، ويتخرج الجهلة وأنصاف المتعلمين. ويقدَّم الغبي والبليد ويؤخَّر الحاذق والألمعي. ويستشري الفساد إلى دركات سحيقة، ويُحارَب منْ يحارب الفساد؛ بل ويُعتقل ويُرمى في غياهب المعتقلات! وتستشري الأمراض الاجتماعية الفتاكة مثل السرقة والقتل والتحرش والاغتصاب. ويستنوق الجمل، وتستأسد اللبؤة، وُيستَرعى الذئب، ويُؤتمن الخائن، ويُخَوَّن الأمين، ويُصَدَّق الكاذب، ويُكَذَّب الصادق، ويُوسَّد الأمر إلى غير أهله...! مشكلة الحاكم العبيط وأضرابه، أنهم لم يقرأوا التاريخ بدِقة ولا حتى من دون دِقة، ولا يعلمون أنهم يذهبون بالبلاد التي يحكمونها إلى أن تتحول إلى دول عبيطة. والدولة العبيطة ليست دولة ديمقراطية ولا ديكتاتورية ولا استبدادية ولا عسكرية ولا هي دولة عميقة ولا حتى دولة ضعيفة، إنما هي نوع غريب من الدول، يذهب بها حاكمها العبيط إلى الهاوية في زمن قصير. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :