احتدمت الاشتباكات في مدينة رداع جنوب صنعاء، بين جماعة الحوثيين وتنظيم «القاعدة»، في حين تمكنت الجماعة من سحق انتفاضة مسلحة ضد سيطرتها على مدينة الحديدة اليمنية المطلة على البحر الأحمر، قادها عناصر من «الحراك التهامي». ودافع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي عن تمددها في محافظات يمنية «استباقاً لسقوطها في يد تنظيم القاعدة»، وتحدث في خطاب ألقاه أمس عن «تحضير بعض القوى لنشر القاعدة في محافظات أخرى، وتسليمه معسكرات للجيش». وبث تلفزيون الجماعة الخطاب الذي دعا فيه الحوثي إلى اجتماع في صنعاء الخميس في حضور «عقلاء الشعب ووجهاء المجتمع» لدرس أوضاع اليمن وسبل التوصل الى مخارج. واتهم قوى سياسية بتسهيل انتشار واسع لـ «القاعدة» في محافظات عدة، مشيراً الى أن السلطات لم تحرك ساكناً لوقف هذا الانتشار. ورفض «الوصاية الخارجية» على البلد، منتقداً تباطؤ الأطراف السياسية اليمنية في تشكيل الحكومة، وإصرارها على المحاصصة، وعدم الإسراع في تنفيذ اتفاق «السلم والشراكة الوطنية». وأكد ان جماعة الحوثيين ستضع حصتها من الحقائب الوزارية «تحت تصرف الجنوبيين»، منتقداً «التعاطي الانتهازي مع القضية الجنوبية». واحتشد أمس عشرات الآلاف من الجنوبيين في ساحة «العروض» في حي خورمكسر في مدينة عدن، في جمعة أطلقوا عليها جمعة «التصعيد الثوري»، في سياق مطالبة الفصائل الجنوبية بالانفصال عن شمال اليمن. وأكدت مصادر قبلية لـ «الحياة»، أن اشتباكات عنيفة اندلعت ليل الخميس- الجمعة بين جماعة الحوثيين وتنظيم «القاعدة»، وسمع دوي انفجارات شديدة في مدينة رداع (محافظة البيضاء) يُعتقد بأنها ناجمة عن استهداف مواقع للجماعة، التي تقدمت إلى مناطق تابعة لمديريتي القريشية والعرش في ظل مقاومة عنيفة من قبل مسلحي التنظيم والقبائل اليمنية المنضمة إليه في الجبال المطلة على منطقة المناسح، حيث معقل التنظيم الرئيس في محافظة البيضاء. في غضون ذلك، تمكن مسلحو الجماعة في مدينة الحديدة اليمنية على البحر الأحمر من قمع انتفاضة مسلحة لـ «الحراك التهامي» اندلعت ليل الخميس في منطقة «الكورنيش» والحارات المجاورة، واستمرت حتى صباح أمس، وسقط قتيلان حوثيان وأربعة جرحى. وقالت مصادر لـ «الحياة»، إن الحوثيين سيطروا أمس على الساحة التي يحتشد فيها عناصر»الحراك التهامي» أمام قلعة الحديدة التاريخية، ونشروا مسلحيهم بكثافة، كما خصصوا أرقام هواتف للإبلاغ عن أي تحرك مسلح يناهض وجودهم في المدينة التي تضم ثاني أهم ميناء في اليمن. وحال خلاف الأطراف السياسية على الحصص في الحكومة المرتقبة برئاسة خالد بحاح دون الانتهاء من تشكيلها، فيما جدد تحالف أحزاب «اللقاء المشترك» اعتراضه على طريقة توزيع الحقائب الوزارية. وكشف عن أن طلبه توزيع الحقائب بالتساوي بين الأطراف الموقعة على اتفاق «السلم والشراكة» في «ممانعة غير منطقية لتمرير صيغ بديلة تفتقد أبسط معايير التوافق والعدالة والتكافؤ بين الأحزاب والمكونات السياسية». وأعرب التكتل في بيان عن استعداده لدعم «أي تشكيلة حكومية من دون أحزاب اللقاء المشترك، وضمان نجاحها على قاعدة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية وملحقه الأمني»، ولفت إلى أنه يدرك «تعقيدات الوضع الراهن ويحرص على تسريع تشكيل الحكومة». وكانت تسريبات رئاسية أشارت إلى اتفاق بين الرئيس عبدربه منصور هادي والأطراف السياسية يمنح الحوثيين و «الحراك الجنوبي» 12 حقيبة بالتساوي، مقابل 9 حقائب لحزب المؤتمر الشعبي وحلفائه، و9 أخرى لتحالف أحزاب «اللقاء المشترك» وشركائه، فيما تذهب 4 حقائب سيادية للرئيس اليمني، ويخضع فيها التعيين للتوافق، وهي الدفاع والداخلية والخارجية والمال. وفي سياق الانفلات الأمني، تجددت أمس الهجمات التي تستهدف أنابيب تصدير النفط، إذ فجّر مسلحون قبليون في منطقة العرقين بوادي عبيدة (محافظة مأرب)، الأنبوب الرئيس لتصدير الخام من حقول مأرب إلى رأس عيسى على البحر الأحمر، ما أدى إلى توقف الإنتاج. في عدن (أ ف ب)، تظاهر آلاف من أنصار «الحراك الجنوبي» بعد صلاة الجمعة للمطالبة بالاستقلال، وتجمعوا في ساحة العروض بحي خورمكسر، رافعين أعلام دولتهم السابقة المستقلة حتى العام 1990. كما رفعوا لافتات كتب عليها «التحرير والاستقلال مطلبنا» و «لن نتراجع لن نهدأ حتى طرد المحتلين»، و «يا جنوبي علّي الصوت استقلال وإلا الموت». وشارك في التجمع الزعيم الجنوبي حسن باعوم رئيس «المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي لتحرير الجنوب». وجابت المسيرة شوارع مجاورة للساحة ملوّحة بالأعلام الانفصالية المناوئة للوحدة اليمنية. ولم تسجل صدامات مع عناصر الشرطة والجيش في محيط الساحة وأمام مقرات أمنية وحكومية، قريبة من مخيمات المعتصمين المؤيدين لانفصال جنوب اليمن. وقال رئيس اللجنة الإعلامية في مخيمات الاعتصام ردفان الدبيس لوكالة «فرانس برس»، إن «هذا التجمع يبعث برسالة جديدة للشركات النفطية الأجنبية العاملة في الجنوب بوقف تعاملها مع صنعاء، عاصمة دولة الاحتلال، ووقف الإنتاج والتعامل مع أبناء الجنوب». لكن الانقسام يسود صفوف المطالبين بالاستقلال، إذ أعلن نحو عشرين فصيلاً تحالفاً آخر باسم «المجلس الوطني لإنقاذ الجنوب» بقيادة محمد علي أحمد.
مشاركة :