تعطل صادرات الفوسفات التونسية بسبب قيام شبان بسد المدخل المؤدي إلى منجم للفوسفات للمطالبة بتشغيلهم ما دفع الحكومة إلى التهديد بمقاضاتهم.العرب [نُشر في 2018/02/19، العدد: 10905، ص(4)]في انتظار الوظيفة قفصة (تونس)- هددت الحكومة التونسية محتجين يعرقلون إنتاج الفوسفات في محافظة قفصة جنوب غرب البلاد، بالمتابعة القضائية. وقال وزير الطاقة والمناجم خالد قدور إنه من غير المسموح حاليا مواصلة تعطيل الإنتاج مهما كانت التعليلات نظرا للأضرار الكبيرة المباشرة التي لحقت مواطن الشغل والتنمية في جهة قفصة وأضراره على الاقتصاد الوطني. وأكد أن الحكومة جادة في تطبيق القانون حيث رفعت الشركة منذ السنة الماضية عدة دعاوى قضائية ضد المتسببين في تعطيل الإنتاج. وتسبب تعطل الإنتاج في الشركة في تراجعه إلى أكثر من 50 في المئة في السنوات السبع الأخيرة. وشدد قدور خلال زيارته صحبة وفد حكومي يترأسه رئيس الحكومة إلى محافظة توزر السبت على أن شركة فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي التونسي لم يعد بوسعهما القيام بانتدابات جديدة بعد سلسلة الانتدابات في السنوات الماضية. وتعطلت صادرات الفوسفات التونسية بسبب قيام شبان بسد المدخل المؤدي إلى منجم للفوسفات للمطالبة بتشغيلهم وذلك في نزاع يعمل على تفاقم أزمة اقتصادية في البلاد.الحكومة تحاول التفاوض لإنهاء الاحتجاجات دون جدوى، إذ من الصعب التوصل إلى اتفاق لأنه لا يوجد تنسيق يذكر بين مجموعات المحتجين واحتل المئات مناجم شركة فوسفات قفصة التي تديرها الدولة وهي المصدر الرئيسي للوظائف في المنطقة الجنوبية الفقيرة في البلاد، الأمر الذي حرم تونس من دخل تحتاج إليه بالعملة الصعبة ودفع عضو البرلمان عدنان الحاجي عن المنطقة إلى التحذير من أن يلحق استمرار الاحتجاجات الضرر بالشركة. ويرمز هذا النزاع إلى الصعوبات التي تواجهها الحكومة وهي تحاول خفض إنفاقها على الأجور العامة والذي يعد من بين الأعلى في العالم، إذ يبلغ نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك خفض العجز في الموازنة حسب الاتفاق مع المانحين الأجانب وفي الوقت نفسه السيطرة على الاحتجاجات. وتفجرت الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد في يناير الماضي، وأبدى كثيرون غضبهم من تدهور أوضاعهم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في 2011. وكانت الاضطرابات التي أعقبت الانتفاضة تسببت في إبعاد السياح والمستثمرين وأدت إلى زيادة معدلات البطالة والتضخم وانخفاض قيمة الدينار بنسبة 40 في المئة. وقد توقفت تلك المظاهرات غير أن الشبان غيروا أساليبهم فلجأوا إلى سد الطرق المؤدية إلى مناجم الفوسفات كلها. ورغم أن القطاع شهد احتجاجات من قبل فإن هذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها كل المناجم. وقال أحمد عصام الذي يعيش في خيمة مؤقتة أقامها عند منجم في مدينة أم العرائس الجنوبية “لن ننهي احتجاجنا ما لم تشغلنا الحكومة كلنا”. وأضاف عصام البالغ من العمر 40 عاما “نحن نعاني من التلوث من إنتاج الفوسفات مثل المياه الجوفية الملوثة ولا نستفيد من الصادرات… في العاصمة الحياة جميلة أما نحن فلا شيء لدينا”. وتحاول الحكومة التفاوض لإنهاء الاحتجاجات دون جدوى، إذ من الصعب التوصل إلى اتفاق لأنه لا يوجد تنسيق يذكر بين مجموعات المحتجين، وما إن يعلن عن توظيف عدد من المنتظرين مثلما حدث قبل ثلاثة أسابيع حتى تظهر مجموعة أخرى من العاطلين لتحل محلهم. وكانت تونس من أكبر منتجي الفوسفات في العالم، غير أن إنتاجها انخفض إلى النصف منذ عام 2010 بسبب الاحتجاجات المتكررة وانخفاض عدد المشترين الأجانب.شركة فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي التونسي لم يعد بوسعهما القيام بانتدابات جديدة بعد سلسلة الانتدابات في السنوات الماضية غير أن هذه الصناعة لا تزال مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة. أما السياحة وهي مصدر كبير آخر للنقد الأجنبي فكادت تنهار بعد هجومين شنهما متطرفون في عام 2015. وارتفع عدد الزائرين الأجانب بنسبة 23 في المئة في العام الماضي لكنه ما زال دون مستواه قبل انتفاضة 2011. وقد ازداد تدهور الاقتصاد في الأسابيع الأخيرة وانخفضت الاحتياطيات من النقد الأجنبي إلى أدنى مستوياتها منذ 15 عاما لتصبح قيمتها أقل من احتياجات ثلاثة أشهر. ويسلط نزاع المناجم الضوء على هوة في تونس تفصل بين شطري البلاد، حيث تتركز الثروة في العاصمة تونس وعلى الخط الساحلي. وفي تلك المناطق توجد الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية والاستثمارات الأجنبية. أما في داخل البلاد وجنوبها فالقصة مختلفة، إذ أن الوصول بالسيارة إلى منجم الفوسفات من العاصمة يستغرق ست ساعات بسبب سوء حالة الطرق في تلك المسافة التي تبلغ 400 كيلومتر. وفي الجنوب توجد شركة رئيسية واحدة من القطاع الخاص تستثمر في المنطقة هي شركة ديليس للمواد الغذائية والتي تشارك في ملكيتها شركة دانون الفرنسية. وجعل ذلك من صناعة الفوسفات الهدف الرئيسي للغضب المتنامي. وأغلب المحتجين حاصلون على الشهادة الثانوية أو حتى شهادات جامعية لكنهم لا يجدون عملا. والقطاع العام هو المصدر الرئيسي للوظائف في تونس في إطار نظام بن علي الذي قام على شراء الولاء. ويتفق عدنان الحاجي، مع الرأي القائل إنه لا يمكن أن يوظف القطاع العام الجميع، غير أنه يرى أن الفساد في شركات الدولة زاد الطين بلة. وقال الحاجي “البعض يقبض مرتبا دون أن ينتج شيئا. يوجد فساد ولا توجد شفافية في التعيينات. ولهذا توجد احتجاجات وفوضى”.
مشاركة :