حين تنتصر السياسة على العدالة ـ

  • 2/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في بلدان الربيع العربي الأخرى فإن طرق المتاهة قد تشعبت. لقد دخلت تلك البلدان في نفق حروب لا حصر لها. ولم يقع ذلك لأن الشعب قد استنهض الشر الذي في أعماقه فقرر أن يقتل بعضه البعض الآخر كما يبدو ظاهريا بل لأن قوى إقليمية وعالمية دخلت على خط الخلافات واستطاعت أن تجد لها موقعا من خلال التمويل أو من خلال التدخل المباشر. لقد تم تدويل الربيع العربي فصارت الدول، يقاتل بعضها البعض الآخر بأدوات محلية وجدت في المرتزقة العالميين عونا لها في ادامة الصراع. فها هم الإيرانيون يقاتلون في اليمن وسوريا. اما الليبيون فإنهم يسندون ظهورهم إلى جهات أوروبية تغذي رغبتهم في الاستمرار في القتال وصولا إلى آبار النفط وفي سوريا لم يعد مؤكدا مَن يعادي مَن. الأمر المؤكد أن أبواب الجحيم ستظل مفتوحة إلى وقت ليس معلوما. وهكذا فإن الحكاية التي بدأت بـ"الشعب يريد اسقاط النظام" لم تنته بسقوط أنظمة الاستبداد. لقد اخذت الحكاية مسارات أخرى، بعيدا عن رغبة الشعوب في أن تعيش حياة حرة وكريمة. لم تعد الحرية والكرامة مطلبين ملحين. صارت شعوب تلك البلدان تفكر بالبقاء وحده. فمع ملايين من المشردين والنازحين واللاجئين لا بد أن تبرز الحاجة إلى البقاء باعتبارها فكرة بدائية يلجأ إليها المرء حين يكون وجوده مهددا بالفناء. لقد تمت اعادة الحياة في أجزاء من العالم العربي إلى حاضنتها الأولى. ما عاد الان في إمكان سكان بلدان الربيع العربي سوى التفكير بالكهوف التي تحفظ لهم إمكانية الحياة. ما من شيء يشير إلى أن تلك الحروب ستنتهي في وقت منظور. ومع كل لحظة حرب تتسع رقعة العذاب العربي في ظل نسيان متعمد لإنسانية الضحايا. ما لم يعد ضاغطا على الضمير الإنساني أن هناك ملايين من العرب مهددة بالزوال. لقد انتصرت الأجندات السياسية الخبيثة على العدالة. إنها لحظة عصيبة في تاريخ البشرية.   فاروق يوسف

مشاركة :