العدالة الجنائية ليست كأي نظام آخر يحتمل ولو قدراً يسيراً من الخطأ، لأن المحصلة لذلك حتماً إفلات من يستحق العقاب، وربما عقاب شخص آخر بريء، وهنا نكون أمام ما يعرف بـ «إخفاق العدالة» (Miscarriage of Jusitice)، وهو عنوان كتاب يناقش وبشكل موثق واقع نظام إدارة العدالة الجنائية الأمريكي، وفشله وفشل مجتمعه «الديمقراطي» في عدم تجاوز الممارسات المتناقضة مع حقوق الإنسان، التي تتسم عادة بالتفاوت العنصري تجاه ذوي البشرة السوداء، وتأثيره في إدارة وسير عمل العدالة المنشودة، ويظهر ذلك في سلوك المعنيين بتنفيذ القانون، ودور المواطنين في نظام المحلفين.. إلخ. ما دعاني لاستدعاء تلك المقدمة هو قراءتي خبر الإفراج عن ستانلي (Stanley Wrice) من سجون مدينة شيكاغو بعد أن أمضى فيها خلف القضبان (31) سنة، قضاها مصراً على براءته من تهمة جريمة اغتصاب في عام (1982م) وحكم علية بالسجن لمدة (100) سنة، خطأ ستانلي هو أنه وقع في يد شرطة شيكاغو، التي ذاع صيتها في السبعينيات بسبب عنصرية منسوبيها ولجوئهم لوسائل التعذيب والإكراه مع المتهمين من أصول إفريقية لانتزاع اعترافاتهم قسراً، هذا الإفراج أتى بعد موافقة محكمة ولاية إلينوي العليا على منح ستانلي الحق في محاكمة جديدة، وفيما بعد قرار المدعي العام للولاية عدم مناسبة إجراء المحاكمة مرة أخرى وحفظ القضية، مما يعني براءة ستانلي من التهمة نهائياً.. وبالتالي انتصار العدالة التي تم إجهاضها.
مشاركة :