تعمدت ميليشيا الحوثي نهب المساعدات الإنسانية المرسلة إلى المتضررين من الحرب، التي أشعلتها الميليشيات في الأساس بعد استيلائها على السلطة في البلاد بقوة السلاح. الأمر الذي فاقم يوماً بعد يوم المأساة الإنسانية في البلد الذي يعاني فيه الملايين من أهالي اليمن من أسوأ أزمات الجوع في العالم، وأسست جماعة الحوثي مؤسسة إغاثية طائفية اسمها «بنيان» في 8 ديسمبر 2017، وتم إنشاؤها لتكون موازية للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين. وتعمل هذه المؤسسة كونها شبكة ضخمة ذات فروع متعددة في المناطق، لضخ جزء كبير من المساعدات، وهي وسيلة لـنهب المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية ومواصلة تجويع اليمنيين. وعند سيطرة هذه الجماعة على صنعاء والمحافظات الأخرى، قامت بإغلاق كل المنظمات الحقوقية المستقلة، وأبقت على المنظمات التي لا تشكل تهديداً لها والتي لا يصدر عنها أي تقارير تدين الحوثيين بارتكاب انتهاكات. وأكد مصدر يمني أن «المنظمات الحقوقية الدولية الموجودة بصنعاء لا تستطيع أن تمارس عملها بشكل محايد، وتعجز عن الوصول لضحايا الحوثيين، بل تستقي بياناتها ومعلوماتها من عناصر ومنظمات محلية يسيطر عليها الحوثيون». وتقوم ميليشيا الحوثي بمنع المنظمات من تنفيذ تدخلاتها المنقذة لحياة فقراء والحالات الحرجة، عبر إلزامها بإنفاق معظم مخصصاتها على رواتب المستشفيات والوقود والمعدات التي تحددها الجماعة. وتكمن الإشكالية في أن هذه المنظمات تستقطع جزءاً من المساعدات المخصصة للإغاثة في صرف رواتب الموظفين في المستشفيات، التي تسخرها الميليشيا لمداواة المقاتلين. كما أن الميليشيا تتدخل في أعمال المنظمات، فبعد أن تم إغلاق مكتب منتدى المنظمات غير الحكومية الدولية في أغسطس 2016. والذي كان مسؤولاً عن تزويد المنظمات الدولية بالمعلومات المسحية والأمنية التي تستفيد منها في أعمالها، قامت ميليشيا الحوثي بالاستحواذ التدريجي على المهمة الأكبر التي يقوم بها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق للشؤون الإنسانية (أوتشا)، بل باتت الميليشيا تسيطر على قرارها وتوجهها من خلال حوثيين معروفين يعملون فيها. وتسيطر الميليشيات على مهام مكتب الأمم المتحدة بتدخلاتها في عمل الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، وعدم إتاحة الأمر للمنظمات حسب دراساتها الميدانية، التي تحدد أشد المجتمعات احتياجاً ونوع المعونات التي يحتاجون إليها. وبناء على هذا التدخل، يتم إلزام المنظمات بمنح كميات كبيرة من مساعداتها للوحدة التنفيذية لتنسيق مخيمات النازحين، التي يقودها اليوم قيادي حوثي معروف (أحمد الكحلاني)، لتقوم هذه الوحدة بتوزيع المساعدات على الميليشيات في الجبهات.
مشاركة :