قبل برهة زمنية غير بعيدة، كان السؤال المحرك للمجتمع السعودي، متى يقف طوفان تجاوزات رجال «الحسبة» بعد أن تنامت الأخطاء وسجلت حالات أثارت الرأي العام، هذا السؤال لم يصمد أمام روح الهيئة الجديدة الذي شع بثقافة إصلاح قبل نحو 34 شهرا، حيث تلاشت علامات الاستفهام والتعجب من نهاية السؤال، وقفز للمشهد الفكري التأملي في المجتمع السؤال البديل: ما الذي يجري داخل أروقة الهيئة؟ ولماذا كل هذه الصراعات التي تحولت من الخارج لعمق الجهاز ولم ينأ رئيسه عن «الاعتداء»؟. لنحاول في «عكاظ» هنا رصد كل الحكاية في المتغيرات الأيديولوجية التي قادت لتغيير بوصلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتكون وفق الرؤية الشافعية حين قال الإمام الشافعي: «من أحب أن يقضي الله له بالخير، فليحسن الظن بالناس» وهي العبارة التي اختارها الموقع الرسمي للهيئة على الشبكة العنكبوتية لتكون «البنر الرئيس».. عكاظ واجهت رئيس الهيئات الدكتور عبداللطيف آل الشيخ بما يجري في جهازه من صراع فإلى نص الحوار: • الذاكرة لا تزال حبلى بالمحاولات البائسة لمندسين في جهاز الهيئة حاولوا وما زالوا تشويه «سمعة» الرئيس بل وتجاوز الأمر ذلك لمحاولة «اغتيال» كتب لها الفشل قبل عامين، ما الذي يجري بالضبط؟. •• لا أريد فتح ملفات سابقة، سامح الله من أخطأ علي وأنا تحت حماية الله، هذه المحاولات لن تجعلني أحيد عن أداء واجبي والقيام بالأمانة، سأعمل تحت النظام ولن أتجاوزه مطلقا، هناك من لا يروق لهم الأداء المنضبط ويبحثون عن عمل وفق المصالح والأهواء وهذا ما أوقفته. • نرى أن الحكاية لم تقف هنا، بل انطلقت حرب إعلامية شرسة هب لنصرتها فكر متشدد داخل الهيئة في استراتيجية تفوح منها «مؤامرة إسقاط الرئيس العام»، تعليقكم؟. •• لا نخشى تلك الحرب، لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وحاولوا استغلالها للنيل منا، هؤلاء يريدون حقا الأخذ بالجهاز إلى توجه آخر وإبقاء الجهاز متسلطا، وذلك لتحقيق غايات أيديولوجية وشخصية ولن نسمح بذلك، للأسف اكتشفنا أنهم يعملون على الإخلال بأمن البلاد واستقرارها، وأنهم يعملون وفق أجندة لتضليل الناس للوصول إلى أهداف دنيوية ولا أستبعد وجود المؤثرات الخارجية حيث يحاول البعض من أفراد الهيئة ممارستها من منطلقات دينية بزعم النصح، لتحقيق أهداف بعيدة المدى. • التآمر بلغ الذروة ضدكم، وطوع «التجسس» للإطاحة بكم وكشف النقاب عن مندسين مقربين منكم، كيف تعاملتم مع ذلك؟. •• لا أود الغوص في الماضي المؤلم بما في هذا الملف، كان هناك موظف فعلا مقرب لي وأحببته حبا منقطع النظير، أوكلت له أمري وفوضت له سري، وحرصت على أن يكون «شويري»، فأدخلته قلبي وبيتي وجعلته مرتبطا بمكتبي بصلاحيات واسعة، لم أثق فعلا بموظف عندي مثله حيث كان يظهر لي ما لا يخفي لكن غدر بي واكتشفت صدفة أنه جاسوس قام بتسجيل كل مكالماتي دون أن أعرف لصالح من، تغيب وتمرد على النظام ففصل من الهيئة لكن قبل ذلك خاطبنا عدة جهات لمعاقبته فلم نجد أذنا واعية فقلت حسبي الله ونعم الوكيل. • في تقييمكم، ما المحرك لهؤلاء لمثل هذا الأمر المتعارض مع الرسالة الدينية والمهام الوظيفية؟. •• هناك من يريد أن يكون هذا الجهاز تسلطيا بالدرجة الأولى وهو ما يتعارض مع النهج الشرعي للحسبة، دورنا ليس مراقبة الناس في أماكن أفراحهم وقتل الفرائحية في نفوسهم، نؤمن أن ثمة تجاوزات لا بد أن تجابهه ولكن وفق المنهج الشرعي، هناك من يبحث عن مصالح ذاتية ويحاول الخروج عن نص المهام الوظيفية والحمد لله هم قلة لا يمثلون لنا هاجسا، وقد كشفوا وعرفوا. • حادثة الاعتداء اللفظي في مسجد الهيئة هل كانت مفتعلة أم أنها إفراز لمظلمة محددة؟. •• لم نجد لدى عضو الهيئة أي مظلمة ولم نعرف بعد دوافع فعله، طلبت منه وعلى الملأ أن يفصح بمظلمته ويشكي همه لكنه لم يجب سوى بالسب والشتم وهنا تدخل الأمن. كل ما أوجعني فيه أن هذا السلوك كان في بيت من بيوت الله ولم يراع ذلك. • يقال إن تسامح الرئيس العام في عدة قضايا هو سر التطاول والتمادي عليكم، ما صحة ذلك؟. •• اللين ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه وهذا نهج نبوي كريم لكن ذلك لا يعني التغافل عن أخطاء تمس جوهر شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لن أتسامح مع من يحاول تشويه صورة هذه الشعيرة العظيمة. • هل تحركتم لإيقاف ما يبث في وسائط التواصل الاجتماعي ضدكم من حرب إلكترونية؟. •• ما يسمى الإعلام الجديد يعيش حقيقة فوضى عارمة ونعاني حقا من شائعات لا صحة لها وأخبار كاذبة تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي دون تحر للدقة والحقيقة، بل هناك من يصنع من قضايا عادية تمر في بعض مراكز الهيئة الميدانية قضايا كبرى وهناك من يسير على خطى صنع القبة من الحبة، نتمنى فعلا وضع ضوابط لهذا التجاوز والفوضى العارمة ولم نتحرك فعليا في هذا الاتجاه.
مشاركة :