يؤسس بعض الفقرات التلفزيونية لوعي ثقافي متنوع، ويفتح المجال لمختلف الضيوف في ميادين متعددة، أدبية وفنية واجتماعية، للحلول في ضيافته من أجل فسح المجال لهؤلاء للحديث مع المشاهدين وتقريب وجهة نظرهم وبعض أعمالهم إليهم. وهي فقرات مهمة جداً لأنها تقدم مواضيع تهم هؤلاء المشاهدين، وتدفع بهم إلى متابعتها بكل جدية. ومن بينها نجد فقرة «ضيف الأحد» التي تُقدم ضمن فقرات أخبار الظهيرة على القناة المغربية الثانية «دوزيم». وكان من بين ضيوف هذه الفقرة التلفزيونية الحوارية الكاتبة والأكاديمية المغربية المتميزة الدكتورة لطيفة لبصير. وقد حاورها الإعلامي صلاح الدين الغماري. أما مناسبة اللقاء فصدور مجموعتها القصصية الجديدة «يحدث في تلك الغرفة»، إضافة إلى صدور أنطولوجيا قصصية مترجمة لها إلى اللغة الفرنسية حملت عنوان «وردة زرقاء»، وهي من ترجمة الدكتور عبدالله الغزواني. وقد لاحظ الغماري أن هذين الكتابين قد صدرا في حلة طباعية جميلة تنم عن ذوق فني رفيع، وسأل عن سبب هذا الاهتمام الجمالي بغلاف الكتاب واختيار اللوحات المناسبة له، وهل يمكن إرجاع ذلك إلى خصوصية نسائية؟ فكانت إجابة الكاتبة، أن هذه المسألة ليست خصوصية نسائية وإنما خصوصية العمل الأدبي في حد ذاته. فالعمل الأدبي يستقي جماليته أيضاً من اهتمامه بالشكل، وبالصيغة النهائية له التي تصل إلى القارئ المتلقي. فأول رؤية لهذا القارئ للعمل الأدبي هي رؤية بصرية. بالتالي فإن هذه الرؤية ينبغي أن تكون جذابة نسبياً على المستوى المرئي، لا سيما ونحن نجتاز هذا الاجتياح الكبير للصورة وللرواية وللنظر. لذلك فإن هذه الأعمال الفنية الموضوعة على غلافَي الكتابين معاً هي من توقيع الرسام التشكيلي سمير السالمي، إضافة إلى صورة شخصية للكاتبة، بعدسة الفنانة إليس أورتيو كمبيون. وعن أول عمل أدبي صدر لها، قالت إنه عبارة عن مجموعة قصصية حملت عنوان «رغبة فقط» وقد صدر عن «مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب» في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن أمسيك، جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء. وقد كان هذا أول عمل أدبي تواصلت به مع القراء لتتوالى بعده أعمال قصصية ومحكيات ودراسات وأبحاث أخرى. وهي كلها تصب في بئر واحد ألا وهو السرد والإبداع والنقد والدراسة. وفي سؤال حول التنوع في أعمالها التي تتمحور في مجال الحكي والسرديات عموماً، أجابت لبصير أنها ترى أن كل الأجناس الأدبية تلقي الضوء على بعضها. فكل جنس أدبي هو في حاجة إلى جنس أدبي أو معرفي آخر، لأن القصة والسينما والمسرح والرواية والشعر، كلها تدخل ضمن الإبداع، ويمكن أن تمتح من الفن أيضاً موادها، لأن الفن التشكيلي والنحت يمكن أن يضيف كل منهما إلى الأعمال الأدبية أشياء كثيرة. وهي ترى أيضاً بأن الإبداع لا ينبغي له أن يكون منعزلاً، لأنه في حاجة إلى إبداعات أخرى وإلى أجناس أخرى تضيف إليه كثير من المعارف. وفي سؤال آخر حول علاقة التدريس في الجامعة والإبداع وهل يظل هاجس الإبداع حاضراً حتى في رحاب الجامعة، كان جوابها يتمثل بالإيجاب، فالكتابة حاضرة باستمرار وهي التي تأتي لتغير حتى ذلك المسار الأكاديمي المنهجي الذي نحن بداخله. ينفتح بعد ذلك المجال التلفزيوني عبر ريبورتاج محكم نرى فيه الكاتبة لطيفة لبصير وهي تُدرس في الجامعة، كما تقدم شهادات في حقها على المستوى الإبداعي والأكاديمي من لدن بعض طلبتها من جهة، ومن لدن عميد الكلية التي تدرس بها من جهة أخرى. ليأخذنا الريبورتاج إلى معرض الكتاب في الدار البيضاء حيث نرى الكاتبة لطيفة لبصير وهي تلج أروقة بعض ناشري كتبها وتتحدث معهم. ثم عودة من جديد إلى البلاتو وحديث الكاتبة عن بعض الكتب التي أصدرتها وهي «محكيات نسائية» و «سيرهن الذاتية، الجنس الملتبس»، ليتم بعد ذلك حديثها عن عملها الجامعي وكيفية تعاملها الأكاديمي مع الطلبة في رحاب الجامعة، وعن إشكالية القراءة في مختلف مراحل التعليم من الابتدائي حتى الجامعي. وفي النهاية دار حوار حول أهمية الترجمة ودورها في عملية اتساع القراءة وانفتاحها على جمهور آخر، وعن كيفية الكتابة ولعبة الضمائر المستعملة فيها، ثم عن تجربتها في مجال الكتابة الإعلامية وأعمالها المقبلة.
مشاركة :