قال الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن العجلة فطرة مركزة في شخصية الإنسان لا يكاد ينجو من شرها أحد إلا إذا هذبها وأصلحها بأن يصرفها في وجهها الصحيح ويعدل مسارها فيما ينفع ويفيد.وأوضح الغامدي خلال خطبة الجمعة، بالمسجد الحرام، أن صلى الله عليه وسلم قال: «التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة»، حيث جاءت الشريعة بطلب الاستعجال في أمور من الخير وعمل الآخرة لا ينبغي التأني فيها وتأخيرها.وأضاف أن الاستعجال أمر به في رد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منها قبل يوم القيامة، سواء كانت ديونًا، أو ميراثًا أو وديعة أو استيفاء لبيع وشراء، ولا يجوز للمسلم أن يحبس حقوق الناس عنده فإن ذلك من الظلم والبغي، والموفق هو الذي يستعجل في أداء فريضة الحج إذا كان مستطيعًا ولم يحج من قبل قال صلى الله عليه وسلم:«تعجلو إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له».وتابع: والصائم شرع له تعجيل الفطر ولا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، وشرع للعبد المسارعة والمبادرة والمسابقة في عمل الخيرات، ولم يكن هناك أحد من الصحابة أسبق لكل خير من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والمؤمن العاقل يبادر بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، ولا تطيب نفسه أن يسبقه أحد الى الله، وشعاره دائما [وعجلت إليك ربي لترضى].وأكد أن من أوجب الأعمال التي لا تقبل التأخير والتسويف المبادرة والمسارعة إلى التوبة والاستغفار من كل ذنب وفي كل وقت، والله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، والعبد لا يدري متى يفجؤه الموت فلا يُمكن من التوبة، ومن العجلة المحمودة الإسراع بالميت في تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.واستطرد إمام الحرم: وكذلك الإسراع في إكرام الضيف وإطعامه، كما ورد بقوله تعالى: « فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ»، وكذلك المسارعة في تزويج الفتاة من الكفء المناسب، فإن الإسراع في ذلك من الخير المحمود، وتأخير الزواج مصيدة من مصائد إبليس إلا من عذر قاهر، وبكل حال المشروع هو المبادرة والمسارعة والاستعجال في كل أعمال الآخرة التي تقرب إلى الله والهدوء والرزانة والتأني والتؤدة فيما هو دون ذلك من أمور الدنيا وما يتعلق بها.واستشهد بقوله تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين»، وقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُون»، وقال تعالى «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا».
مشاركة :