الإمارات حاضنة لثقافات العالم

  • 3/4/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعد المشهد الثقافي في أي مجتمع واجهة ليس فقط للحراك الثقافي بل للحراك للسياسي والاجتماعي والاقتصادي الدائر في ذلك المجتمع. وهو أيضاً انعكاس لقيم المجتمع وتوجهاته والتيارات التي تدور فيه وما يشهده ذلك المجتمع من غنى وثراء قيمي ومعرفي. فالاهتمام بالثقافة وروافدها وصانعيها يعكس رقي المجتمع والوعي الذي يوجد لديه. ومن الطبيعي أن يكون المثقفون هم الذين يتصدرون المشهد الثقافي وهم الذين يرسمون صورة مجتمعاتهم ويصدرونها إلى الآخر وخصوصاً المختلف في الثقافة وفي اللغة. وعندما نتعرف على المشهد الثقافي العربي بشكل عام ندرك من خلاله الحراك السياسي والاجتماعي الدائر في المجتمعات العربية كما ندرك ماهية الصورة التي يتم تصديرها إلى العالم. فالعالم العربي في الآونة الراهنة يضج بالعديد من التيارات المتنوعة والمؤثرة التي رسمت آفاق وملامح المشهد الثقافي العربي وأثرت فيه سلباً. أما في الإمارات فالأمر مختلف. فدولة الإمارات تشهد حراكاً ثقافياً أفقياً قوياً تدعمه توجهات القيادة السياسية التي أولت الثقافة اهتماماً كبيراً بوصفها محركاً مهماً للوعي. كما أدركت القيادة السياسية أهمية دور المثقف في تصدير الصورة الإيجابية عن الدولة وبالتالي تم تقديم كافة أوجه الدعم للمثقف ليقوم بدوره من حيث توفير البيئة الحاضنة والدعم اللوجيستي والفضاء الذي يلهمه ويكون مدعاة لإبداعه وتميزه. ولم يكن هذا الدعم وليد اللحظة أو التوجهات الحالية. فمنذ قيام الاتحاد حرص القائد والمؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد على رعاية الثقافة والمثقفين من حيث توفير فضاء الإبداع لهم وتقديم كل الحوافز لهم لتسهيل عملهم ودعمهم. وقد أبدع أبناء الإمارات ثقافياً وعلمياً واستفادوا من كافة المنصات الثقافية المتاحة لهم وأنتجوا إنتاجاً ثقافياً وأدبياً يضاهي مثيلاته من الإنتاج العالمي. وفي بعض المجالات تفردت النخبة الإماراتية في إنتاج عالمي متميز كما في مجالات الأدب والرسم حيث تحتضن الإمارات نخبة متميزة منهم نجحت في تقديم صورة إيجابية للمجتمع الذي يعيشون فيه. فقد عرف العالم الإمارات بأنها بلد الخير والسلام والتسامح. فمن خلال أعمال المثقفين من أدباء وشعراء ورسامين وفنانين وكتاب استطاع العالم أن يحظى بنظرة إلى داخل المجتمع ويتغلغل فيه لكي يعرف جوانب التقدم والنجاح في مجتمع الإمارات التي تعكسها تلك الأعمال الأدبية والفنية. لم يكن مجتمع الإمارات مجتمعاً نخبوياً أو محلياً بحتاً بل نبغت فيه أطياف عدة محلية وإقليمية وعالمية وكان ساحة لنبوغ أعمال ومنصات عربية ودولية ترعرعت في فضائه واستفادت من الفرص والفضاءات المتاحة فيه. ولعل وجود تلك المتاحف العالمية المتنوعة دليل قوي على تقبّل المجتمع الثقافي المحلي للتنوع الثقافي العالمي وسهولة تماهيها فيه. ولا يعكس المشهد الثقافي التنوع العالمي فقط، بل يعكس سهولة الامتزاج وتفاصيله الدقيقة من حراك اجتماعي وثقافي ولّد هذا التنوع الثري. المشهد الثقافي في الإمارات اليوم يتمتع بخاصية مرنة للغاية. فهو من جانب يعكس الرغبة القوية في التواصل مع ثقافات الآخرين ومن ناحية أخرى يعكس تلك الرغبة في الحفاظ على الخصوصية المطلقة التي يتمتع بها. وعلى الرغم من الحساسية المفرطة التي تسببها كلمة «الخصوصية» بسبب تعارضها مع العالمية إلا أن ذلك لم يمنع تمتع المشهد الثقافي الإماراتي بميزات محلية متنوعة ومرونة فائقة وبعالمية واضحة في تفاصيله ودقائقه. هذه الأمور تجعل من المشهد الثقافي الإماراتي مشهداً ثرياً ومتنوعاً. وربما ما يميز المشهد الثقافي الإماراتي أنه لم يكن مشهداً ذكورياً خالصاً أو أنثوياً منحازاً بل جمع بكل مساواة ملامح الإنتاج الذكوري والنسوي. فالمشهد الثقافي في الإمارات أصبح اليوم انعكاساً للحراك الدائر في المجتمع بكل ملامحه. فلا غرو أن تكون الإمارات منصة عربية وعالمية تعرض إبداعات شعب عرف كيف يستفيد من الفرص التي توافرت له في وقت الكفاف وفي وقت الرخاء وعرف كيف يمزج ثقافته المحلية بالثقافة العالمية التي تعيش بين ظهرانيه وينتج إنتاجاً عالمياً وفي الوقت نفسه هو ذو خصوصية متفردة. لقد أدركت القيادة السياسية دور المثقف في إبراز الصورة الحضارية للإمارات ولم تدخر جهداً في توفير الدعم المادي والمعنوي للمبدعين، لكي يبرزوا ويبدعوا وتنافس أعمالهم نظراءهم في العالم. كما فتحت الفضاء لاحتضان ثقافات العالم من خلال متاحف عالمية كـ«اللوفر» و«جوجنهام» لكي تثبت الإمارات دوماً أنها ليست فقط وطن التسامح بل حاضنة وخزينة لثقافات العالم. جامعة الإمارات

مشاركة :