الصقور والحمائم في الإدارة

  • 3/6/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

أثار طائر بوم عملاق الذعر في نفوس سكان مدينة في شمال هولندا، لمدة عام كامل، بسبب انقضاضه المتكرر على ضحاياه بغتة، الأمر الذي دفع بلدية المدينة لمناشدة السكان عدم السير ليلاً من دون مظلات، حتى أفلح صياد ماهر في الإمساك بالبوم بالاستعانة بصقر جارح. شاهدت قصة شبيهة في تقرير لطيف بثته قناة إماراتية لمواطن كلما خرج من مقر عمله كان يقف له غراب أسود بالمرصاد ليهوي بمنقاره الحاد على رأسه وجسده، في محاولة لطرده من ذلك الحي! حينما سأل المذيع المواطن عن السبب، تبين أنه حينما رأى فرخ غراب على قارعة الطريق اصطحبه إلى بيته ليطعمه ويرعاه، فنتف بعضاً من ريشه، لكن الغراب أبى أن يأكل فأعاده المواطن إلى عشه، غير أنه سرعان ما فارق الحياة. بعد ذلك غضبت على ما يبدو أمه وسائر الغربان فقررت الانتقام. غير أن الصيادين المحللين هناك، نسوا على ما يبدو الاستعانة بطائرهم الوطني الشامخ، الصقر، الذي تتخذ منه الكويت والإمارات شعاراً لبلديهما، فلربما نجح في إيقاف ذلك الغراب عند حده كما فعل الهولنديون!في العمل الإداري والدبلوماسي تحدث قصص شبيهة بعالم الصقور. فلا تكاد تخلو مؤسسة في العالم من صقور وحمائم. فهناك أناس بطبيعتهم ودعاء، ومسالمون، ولا تنقصهم حنكة أو جرأة في المواجهة. وهناك من هم جوارح كالصقور نحتاجهم في بعض الاجتماعات والمفاوضات والصفقات، وفي التعامل مع بعض الموظفين المتراخين أو الجمهور المتمرد. وإذا احتجنا إلى شيء من لين نطعم فرق العمل بحمائم حتى لا «تفركش» المشروع أو لا ينفض المفاوضون من حولهم لما يتحلون به من جاذبية الوداعة. وهناك أيضاً طائر البوم أو الغراب الذي تسيطر عليه روح الانتقام كما رأينا. فهو مثل بعض الناس لا ينسى مطلقاً الإساءة فيخيم على تفكيره عقلية الانتقام، وينسى ممارسة دوره في الحياة. فالحياة توقفت بالنسبة إليه حتى «ينجح» في رد اعتباره من كل شخص تفوق عليه، أو سبقه لمنصب أو جاه أو لم يقبل عرضه احتراماً لمبادئه وقيمه.ولعبة الصقور والحمائم هي تكتيك سيكولوجي شهير يلعبه عادة محققان في محاولة منهما لاستنطاق متهم ما أو دفعه للاعتراف بجريمة ارتكبها. فمثلاً حينما يعذب أو يعنّف أو يهدد أو يضرب «محقق شديد» (الصقر) متهماً فإنه يتفق مع المحقق الوديع (الحمامة) ليأتي ويعامل المتهم بلطف ثم يعقد معه اتفاقاً كأن يقول له: «لا عليك إذا اعترفت، أنا سأخرجك من هذا المعتقل، أو إذا قلت كذا سأخرجك من السجن الانفرادي إلى آخر مريح».وليس من الحكمة في أن يقتصر فريق قيادي أو دبلوماسي نشكله على الصقور، دون الحمائم، فقد يقلب الصقور الطاولة فيخرج الجميع «بخفي حُنَين». وليس من الحكمة وضع الصقور في مكان واحد من دون صقار ماهر يحتويهم. والبعض يعامل الصقور المهمين في فريقه أو بلده بالشدة فيقهر شموخهم. ولذا قيل في المثل الشعبي: «اللي ما يعرف الصقر يشويه».

مشاركة :