يتجه البنك المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. وبحسب "الفرنسية"، يرجح على نطاق واسع أن يقرر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة على التوالي، خصوصا أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى 2 في المائة الذي حدده المصرف هدفا له. وسبق للمؤسسة المصرفية التي تتخذ من مدينة فرانكفورت الألمانية مقرا، أن رفعت الفوائد بإجمالي 3.5 في المائة منذ تموز (يوليو) لضبط ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة التي زادت بشكل ملحوظ بعد الحرب الروسية - الأوكرانية مطلع 2022. الا أن النقاش يدور حاليا حول الزيادة الجديدة التي سيقرها المصرف المركزي: هل تكون 50 نقطة أساس، أي مماثلة لتلك التي أقرها في المرات الثلاث الأخيرة، أو تقتصر على 25 نقطة؟ يرجح محللون أن تكون الزيادة 25 نقطة مئوية فقط، نظرا لتباطؤ التضخم والتوقعات المستقرة للدول العشرين التي تعتمد العملة الموحدة (اليورو). وأظهرت أرقام نشرها مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) في 28 نيسان (أبريل)، أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو ارتفع بنسبة 0.1 في المائة في الربع الأول من 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الربع الأخير من 2022. وعلى الرغم من أن هذه النسبة تبقى متواضعة، رأى فيها مسؤولون أوروبيون دليلا على صمود اقتصاد التكتل في مواجهة أزمة الطاقة العالمية. لكن عديدا من الأرقام الاقتصادية المتوقعة اليوم بما فيها التقديرات الأولية للتضخم في نيسان (أبريل)، قد تدفع لتغيير في الحسابات. ويقول كارستن برزيسكي المحلل الاقتصادي في مجموعة "آي إن جي" إن "زيادة معدلات الفائدة بنسبة 25 نقطة أو 50 نقطة هما خياران مطروحان"، متحدثا عن جدل متزايد بين "الصقور" و"الحمائم" بشأن تأثير كل من الزيادتين في الوضع الاقتصادي. ويضيف أنه نظرا للانقسام الحاصل في المصرف المركزي الأوروبي حول نسبة الزيادة، قد تصبح زيادة الـ25 نقطة "تسوية أوروبية تقليدية". وفي حين يمكن لتباطؤ التضخم في ألمانيا أن يؤشر إلى نسق مماثل في مؤشر أسعار الاستهلاك في أماكن أخرى من منطقة اليورو، يتوقع أن يحسم تسجيل تضخم أعلى من التقديرات النقاش في المصرف المركزي لمصلحة "الصقور" المطالبين بزيادة أعلى للفائدة. وحض ألفريد كامر مدير قسم أوروبا في صندوق النقد الدولي المصارف المركزية في القارة الجمعة على المضي قدما في رفع تكلفة الاقتراض و"قتل وحش" التضخم. سجلت الأسعار في منطقة اليورو زيادة نسبتها 6.9 في المائة في مارس مقارنة بالعام الماضي، لكنها تبقى أدنى من المستوى القياسي (10.6 في المائة) المسجل في أكتوبر. ويخشى مسؤولو المصرف المركزي من أن التضخم الأساس باستثناء تكلفة الغذاء والطاقة المتبدلة، يبقى مرتفعا. وتراوح المعدلات الثلاثة الأساسية للمصرف المركزي الأوروبي حاليا بين 3 و3.75 في المائة، وهي الأعلى منذ 2008. وعشية قرار المركزي الأوروبي، من المقرر أن يكشف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن قراراته الأخيرة بشأن معدلات الفائدة، وسط توقعات أن يقر زيادة قدرها 25 نقطة مئوية. وقبل اجتماعهم الأخير في مارس، واجه واضعو السياسات النقدية الأوروبية دعوات للتخلي عن زيادة معلنة سابقا نظرا لاضطراب الأسواق. وجاء الاضطراب بسبب انهيار ثلاثة مصارف أمريكية واستحواذ مصرف "يو بي إس" السويسري على منافسه كريدي سويس بضغط من السلطات خشية انهياره أيضا، وأثار مخاوف من أزمة مالية أوسع. الا أن المصرف المركزي الأوروبي أصر على خطته بزيادة معدلات الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس، مع إصراره على أن المصارف في منطقة اليورو مستقرة وتتمتع برأسمال جيد. الا أن اضطراب الأسواق قد يكون دفع بعض واضعي السياسات في المصرف المركزي في القارة إلى دراسة تكلفة سياسة التشديد النقدي غير المسبوق التي يعتمدها. وحذرت كريستين لاجارد رئيسة المركزي الأوروبي في مارس، من أن التوترات الأخيرة التي تحيط بالقطاع المصرفي تطرح "مخاطر جديدة" تهدد الاقتصاد. وأشارت إلى أن "تلك التوترات زادت من المخاطر التنازلية الجديدة وجعلت تقديرات المخاطر أكثر غموضا"، متحدثة عن "مزيد من الريبة" عندما يتعلق الأمر بتوقعات المصرف القاري. ومن المقرر أن ينشر المصرف المركزي الأوروبي اليوم بيانات متعلقة بالإقراض قد تعطي مؤشرات عما إذا ما كانت الاضطرابات الأخيرة قد دفعت المصارف إلى الإحجام عن منح قروض. الا أن هذه الاضطرابات تراجعت بشكل كبير، وتعهد مسؤولو المصرف المركزي الأوروبي في الفترة الأخيرة بالمضي قدما في سياسة التشدد النقدي. وقال فيليب لاين كبير اقتصاديي المركزي الأوروبي في مقابلة في أبريل: إن البيانات الراهنة "تؤشر إلى وجوب أن نقوم برفع المعدلات مجددا"، مضيفا "هذا ليس الوقت المناسب للتوقف".
مشاركة :