صرح لاعب خط وسط المنتخب الفرنسي ونادي يوفنتوس الإيطالي، بليز ماتويدي، بأن إلغاء المباراة التي تشهد هتافات أو أحداثاً عنصرية من جانب الجمهور في نهائيات كأس العالم المقبلة في روسيا قد يكون هو «المسار الصحيح للعمل». وأضاف اللاعب السابق لنادي باريس سان جيرمان الفرنسي: «لا يعني هذا بالضرورة إلغاء المباراة في حال وقوع هتافات عنصرية من جانب اثنين أو ثلاثة من المشجعين، رغم أن اثنين أو ثلاثة هو عدد كبير أيضاً، لكن في حال صدور هتافات عنصرية من قبل 100 شخص أو نحو ذلك، فالأمر سيكون مختلفاً. قد يكون إلغاء المباراة هو المسار الصحيح للعمل، لكننا نأمل ألا يحدث ذلك». وقد أعطى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الحق للحكام في إلغاء المباريات في كأس العالم المقبلة في حال وجود هتافات عنصرية. وفي حديثه لـ«الغارديان» من ملعب التدريب الخاص بنادي يوفنتوس خارج مدينة تورينو استعداداً للمواجهة الحاسمة أمام توتنهام هوتسبر على ملعب ويمبلي في مباراة العودة لدور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا، قال اللاعب الفرنسي إنه يفضل دائماً الحديث عن الأشياء الإيجابية التي يدعمها لا الأشياء السلبية التي يعارضها، لكن تعرضه لهتافات عنصرية من قبل الجمهور في مباراتين بالدوري الإيطالي الممتاز خلال الموسم الحالي أجبره على الوقوف أمام هذه الإساءات. وتعرض نادي فيرونا الإيطالي لغرامة مالية قدرها 20 ألف يورو، إضافة إلى غلق جزء من ملعب الفريق لمباراة واحدة، بعدما قام عدد من جمهور النادي بتوجيه إهانات عنصرية إلى ماتويدي بعد أن سجل الهدف الأول ليوفنتوس في المباراة التي انتهت بفوز فريقه بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبعد ذلك بأسبوعين، تعرض ماتويدي أيضاً لهتافات عنصرية من قبل الجمهور في المباراة التي حقق فيها يوفنتوس الفوز على كالياري. وأصدر نادي كالياري بياناً يعتذر فيه إلى اللاعب الفرنسي «إذا كان قد تعرض للإهانة في ملعب سردينيا آرينا بسبب لون بشرته». ورغم ذلك، لم يتعرض النادي لأي عقوبة لأن حكام المباراة قالوا في تقريرهم إنهم لم يسمعوا أي إساءة! وبعد مباراة كالياري، نشر ماتويدي منشوراً على حسابه الخاص على موقع «فيسبوك» قال فيه بكل بلاغة: «الناس الضعفاء يحاولون ترهيب الآخرين بالكراهية. أنا لست كارها للآخرين ولا يمكنني إلا أن أشعر بالأسف تجاه أولئك الذين أصبحوا مثالاً سيئاً. كرة القدم هي وسيلة لنشر المساواة والعاطفة والإلهام، وأنا هنا من أجل ذلك». ويعد يوفنتوس من بين أكثر الأندية نشاطاً فيما يتعلق بإيجاد حلول للتعامل مع مشكلة العنصرية. وفي عام 2015، عمل النادي مع «اليونيسكو» من أجل دراسة أسباب العنصرية في مجال كرة القدم واقترح عدة طرق لمواجهتها. كما يدير النادي برنامجاً مع المدارس المحلية بعنوان «العب معي» بهدف «مساعدة الأطفال على الانخراط في ثقافات مختلفة تماماً» و«كسر التحيزات الخطيرة». ولذلك، انزعج النادي بشدة من توجيه إهانات عنصرية إلى ماتويدي، 30 عاماً، الذي انتقل إلى يوفنتوس الصيف الماضي بعدما قضى مسيرته الرياضية بالكامل في فرنسا، بما في ذلك 6 سنوات من النجاح الكبير مع نادي باريس سان جيرمان. وقال ماتويدي: «كانت هذه هي المرة الأولى التي أتعرض فيها لمثل هذه الإساءة بصفة شخصية، فلم أتعرض لهذا الأمر مطلقاً عندما كنت ألعب في فرنسا، رغم أنني أعرف بالطبع لاعبين آخرين تعرضوا لذلك هنا. لقد طويت صفحة الأحداث التي تعرضت لها هنا، لكنها أشياء لا أود أن تحدث لي مرة أخرى. ولا يتعين على أي شخص أن يرغب في رؤية هذه الأحداث مرة أخرى. عندما تكون عاشقاً لكرة القدم –وقبل كل شيء، عندما تحب الآخرين– لا يمكنك أن تقبل بذلك». وأضاف: «لكن من المهم أن نتذكر أن من يقومون بذلك ليسوا أقلية. إيطاليا بلد عظيم وشعبه معروف بعشقه لكرة القدم، وكان هذا أحد الأسباب التي دفعتني إلى المجيء إلى هنا. الأمر هنا مختلف عنه في فرنسا، فكرة القدم في إيطاليا تسيطر بقوة على المجتمع، وإنه لشيء رائع أن ترى ذلك، لأن كرة القدم رياضة رائعة». وتابع: «بصفة عامة، لقد تم الترحيب بي بشكل جيد هنا. نعم، هناك هذه الأقلية وقد قلت وجهة نظري فيما يتعلق بها. ويجب توجيه سؤال إلى السلطات هنا عما إذا كان يمكنها القيام بالمزيد فيما يتعلق بهذه الأقلية. أنا لاعب كرة قدم، وما أحاول القيام به هو إسعاد الناس الذين يأتون لمساندتنا وإسعاد نفسي وفريقي، وهذا هو ما أقوم به طوال مسيرتي الكروية. يتمثل الشيء الأهم في مدى قدرتك على طي صفحة التجارب السيئة التي تمر بها في حياتك، وأتمنى أن نستطيع القيام بذلك». ويؤدي ماتويدي بشكل جيد في تجربته الجديدة مع يوفنتوس. وشارك اللاعب الفرنسي في التشكيلة الأساسية لفريقه في المباراة التي انتهت بفوز يوفنتوس على أتلانتا في كأس إيطاليا الأربعاء الماضي، ويساعد الفريق على المنافسة على البطولات في 3 جبهات مختلفة. وكانت هذه هي المباراة الأولى التي يشارك فيها ماتويدي منذ إصابته في أوتار الركبة قبل شهر، وهي الإصابة التي أبعدته عن المشاركة مع فريقه أمام توتنهام هوتسبر في دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا والتي انتهت بالتعادل بهدفين لكل فريق. وقد أثر غيابه تأثيراً شديداً على مستوى يوفنتوس الذي فقد معركة خط الوسط لصالح توتنهام هوتسبر بفضل تألق نجمه البلجيكي موسى ديمبلي. ويعود ماتويدي في توقيت مناسب تماماً للحاق بمباراة العودة في ويمبلي لنرى معركة حامية الوطيس بين النجمين الكبيرين. يقول ماتويدي عن ديمبلي: «إنه لاعب ممتاز ويمتلك قدرات بدنية هائلة وقدرة كبيرة على الضغط على لاعبي الفريق المنافس. لكن توتنهام هوتسبر فريق جيد للغاية بصفة عامة ويقدم مستويات رائعة طوال الموسم وقد أثبت ذلك في تورينو. ويلعب توتنهام مباراة الإياب على ملعبه ولديه أفضلية كبيرة بفضل إحرازه هدفين خارج ملعبه، ولذلك يتعين علينا أن نحرز أهدافاً في ملعب ويمبلي، وهذا هو ما نسعى للقيام به. سوف نذهب إلى هناك لنُظهر أننا فريق يوفنتوس الذي يمكنه التسجيل في أي مكان». وقد قال ماتويدي ذلك بصفة شخصية لأصدقائه في فريق توتنهام هوتسبر، فهو صديق مقرب من اللاعبَين الفرنسيين هوغو لوريس وموسى سيسوكو، كما أنه صديق للاعبَي باريس سان جيرمان السابقين واللذين يلعبان حالياً في توتنهام هوتسبر، سيرغي أورييه ولوكاس مورا. يقول ماتويدي: «بمجرد أن انتهت المباراة السابقة بالتعادل بدأنا يغيظ بعضنا بعضاً. وبعد المباراة الأولى، بدأوا هم يضايقونني بصورة أكبر، لكنني قلت لهم: انتبهوا، المواجهة لم تنته بعد». ويعد ماتويدي صديقاً مقرباً للغاية من سيرغي أورييه، 25 عاماً، الذي وصفه بأنه مثل شقيقه الأصغر. ومثله مثل ماتويدي، رحل أورييه عن باريس سان جيرمان الصيف الماضي، لكنه رحل وسمعته تلاحقه بأنه لاعب مثير للمشكلات والمتاعب، بما في ذلك إدانته بالاعتداء على ضابط شرطة (حُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ قبل أن تخفف العقوبة إلى غرامة)، فضلاً عن إجرائه حواراً على شبكة الإنترنت أغضب فيه العديد من زملائه السابقين في باريس سان جيرمان، ووصف فيه مديره الفني السابق لوران بلان بأنه «شاذ». وقال ماتويدي: «كل ما يقال عنه ليس صحيحاً. صحيح أنه ارتكب أخطاء في حياته، لكن الأخطاء التي ارتكبها في شبابه لا تعكس شخصيته على الإطلاق. ولا أرى مطلقاً أنه شخص سيئ. بل على العكس من ذلك تماماً، فهو شخص جيد جداً، ولذا أكون سعيداً للغاية عندما أقول إنه شقيقي الأصغر، رغم أن وصفي له بشقيقي الأصغر قد يبدو غريباً بعض الشيء لأنه رجل ناضج في حقيقة الأمر». وأضاف: «إنه ذكي للغاية وعميق التفكير. عندما تتحدث إليه ترى أنه يستوعب الأمور بشكل سريع، كما أنه يعمل بكل جدية ولديه حياة مستقرة، ولذا فهو يستحق التهنئة على ما وصل إليه. أعتقد أنه من الجيد بالنسبة إليه أن يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ويخوض تجربة جديدة، وقد انتقل إلى فريق جيد». وقد تلقى ماتويدي أيضاً العديد من العروض الإنجليزية الصيف الماضي –رغم أنه يرفض الإفصاح عن هوية تلك الأندية– لكنه فضل الانتقال ليوفنتوس بعد حوار دار بينه وبين المدير الفني للنادي الإيطالي ماسيميليانو أليغري، واثنين من مواطنيه الفرنسيين الذين لعبوا ليوفنتوس وهما بول بوغبا وباتريس إيفرا. يقول ماتويدي: «قالوا لي: إذا كنت تريد الفوز بالبطولات، بما في ذلك البطولات الأوروبية، فهذا هو النادي الذي يتعين عليك أن تلعب له. وبمجرد انضمامي للنادي، رأيت أنهم كانوا محقين تماماً». وهناك مفارقة غريبة في انتقال ماتويدي لنادي يوفنتوس، نظراً إلى أن باريس سان جيرمان كان يرغب في بيعه من أجل ضخ دماء جديدة في الفريق رغم أن النادي الفرنسي قد باعه ليوفنتوس الذي يسعى لأن يكون مثله. ويقول ماتويدي: «يوفنتوس نادٍ عريق قائم منذ سنوات طويلة، وهذا هو الفارق بين مستوى الناديين. عندما تأتي إلى يوفنتوس يمكنك أن ترى أن النادي يمتلك خبرات هائلة، وأنه قد حصل على جميع البطولات والألقاب ويتسم بالصرامة ويركز على العمل الجاد. باريس سان جيرمان هو نادٍ كبير أيضاً، ويسعى لأن يكون عملاقاً، وسوف ينجح في ذلك بكل تأكيد لأنه يمتلك الأموال وعدداً من اللاعبين الشباب الرائعين الذين يمكنهم الفوز بلقب أفضل لاعب في العالم في المستقبل القريب. لكن يوفنتوس هو نادٍ عملاق بالفعل».
مشاركة :