جاكلين زاهر عبر نائب رئيس الجمهورية العراقية أسامة النجيفي عن استنكاره لما يوجه من انتقادات للسنّة لعدم وحدتهم في تحالف سياسي واحد استعدادا للانتخابات المقررة في مايو القادم. واعتبر ذلك دليلا على تناحر النخب السنية بعيدا عن مطالب المواطنين السنة، وشدد على أن هذا الطرح لا يتجاهل فقط حقيقة عدم وحدة المكونات العراقية الأخرى وإنما أيضا يثبت زيف الادعاء بالرغبة في تجاوز الطائفية التي لا يزال العراق يعانيها. وأوضح النجيفي، في لقاء لوكالة الأنباء الألمانية، أن “التركيز على أن المكون السني غير موحد يتجاهل حقيقة عدم وحدة الأطراف الأخرى أيضا، اليوم هناك 188 تحالفا وكيانا وقائمة انتخابية، ومن الطبيعي أن تضم هذه التحالفات أعضاء من مختلف المكونات… فضلا عن أن وحدة المكون السني في قائمة انتخابية واحدة لم تكن هدفا بحد ذاته، خاصة وأننا فعليا ندعو إلى تجاوز الحالة الطائفية إلى الحالة الوطنية الشاملة”. وأضاف السياسي السني أن تحالف “القرار العراقي الذي يمثله هو تحالف يضم الأحزاب التي نشأت من رحم المكون السني وحملت همومه ونادت بحقوقه ورفضت الظلم والتهميش. ولم ينكر النجيفي أن “التحالفات الانتخابية القائمة، وإن حرص قادتها على اختيار مسميات وطنية رنانة لها، لا تزال تحمل حسا طائفيا لا تخطئه عين”، موضحا أن “هذا ينطبق على كافة المكونات من سنة وشيعة وكرد؛ فالجميع قرروا عدم الانسلاخ عن العباءة الطائفية بشكل كلي… بالطبع هناك محاولات ودعوات جادة كما هو الحال لدينا ولدى آخرين، ولكن يظل المشهد العام يقول إننا ما زلنا بعيدين عن تجاوز الحالة الطائفية، وإننا بحاجة إلى عمل وجهد متواصلين وتضحيات من أجل تحقيق ذلك”. نرفض استمرار الصورة النمطية لدى الغرب بأن المكون السني العراقي هو البيئة الحاضنة والخصبة للتنظيمات المتطرفة، السنة كانوا ضحية تلك التنظيمات وسياسات مواجهتها التنافس الانتخابي يرى رئيس حزب للعراق متحدون أن “تشكيل حكومة أغلبية سياسية تشارك فيها القوائم الفائزة من مختلف مكونات الشعب العراقي، مع وجود معارضة من كافة المكونات أيضا، قد يكون خطوة أولى فعلية لتجاوز الحالة الطائفية”. وحول التخوفات من أن موعد الانتخابات قد يشكل ضغطا شديدا على مئات الآلاف من النازحين من المحافظات السنية؛ حيث سيكون مطلوبا منهم العودة إلى مناطقهم المدمرة التي قد تكون غير آمنة للإدلاء بأصواتهم، لكون عكس ذلك سيؤثر على حظوظ مرشحيهم، قال النجيفي ”موعد الانتخابات حُسم بعد قرار المحكمة الاتحادية، لذلك فقد دعونا وأكدنا ضرورة تنفيذ الحكومة لما أعلنته من التزامات بعودة النازحين، وتوفير الأجواء الملائمة للعملية الانتخابية ومستلزماتها… نحن متفائلون بطبعنا، ونأمل أن تفرز الانتخابات واقعا جديدا لا يئن المواطن (السني) فيه من الظلم أو التهميش”. وعما إذا كان يرى تناقضا بين خوض فصائل من الحشد الشعبي للانتخابات وبين تواجد عناصر الحشد بالمحافظات المحررة لحماية مراكز الاقتراع، وما قد يتبع ذلك من احتمالية التأثير على آراء الناخبين، شدد على أنه “لا يحق للحشود التدخل في الانتخابات أو حماية مراكز الاقتراع، تلك مهمة الشرطة وقوى الأمن الداخلي”. وحول رؤيته إلى مبادرة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بشأن رفض نظام المحاصصة الطائفية والحكومات الحزبية، قال النجيفي “ننظر باحترام إلى مبادرات السيد الصدر، ومن الطبيعي القول إن أي مبادرة محكومة بطريقة تنفيذها وما تحققه على أرض الواقع… وبكل الأحوال، ندعو إلى احترام إرادة الشعب العراقي ونؤكد ضرورة توفير المناخ الملائم للتعبير عنها”. وبينما أكد رفضه وإدانته لأي محاولات خارجية تستهدف التأثير على مصالح العراق وإرادة مواطنيه، فقد أشار في الوقت نفسه إلى أن “الأجندات الأجنبية لا تزال حاضرة على الساحة العراقية وإن اختلفت أحجامها وأوزانها، خاصة من دول الجوار العراقي وفي مقدمتها إيران”. ودعا النجيفي الدول العربية إلى تعزيز تواجدها ودعمها للعراق “ليس فقط لموازنة أي دور خارجي آخر، وإنما لأن الحضور العربي هو بالأساس حجر الزاوية في تطلعات العراقيين نظرا لكون الجميع يتشاركون التاريخ والمصالح وحتى التحديات الراهنة”. وتحدث النجيفي عما يتمتع به تحالفه من علاقات متوازنة ومنفتحة على الآخرين، وقلل بدرجة كبيرة مما يتردد عن دعم تركي قوي لقيادات وكيانات سنية منافسة كرئيس مجلس النواب الحالي سليم الجبوري وقيادات المشروع العشائري السني بكركوك ونينوى وديالى. على الدول العربية تعزيز تواجدها ودعمها للعراق ليس فقط لموازنة أي دور خارجي آخر، وإنما لأنها تشارك العراق التاريخ والمصالح وحتى التحديات الراهنة ولم يستبعد النجيفي، في توقعاته لنتائج العملية الانتخابية، أن يتمكن رئيس الوزراء حيدر العبادي من الاحتفاظ بموقعه نظرا لما يتمتع به من دعم دولي بعدما قاد إلى الانتصار على تنظيم داعش، فضلا عن الدعم العربي له لكونه شخصية غير طائفية، معربا عن ”استعداده للتحالف والتعاون معه وفق منهج يحقق مصلحة جميع المواطنين ويحل مشاكلهم”. وكغيره من السياسيين والمسؤولين العراقيين، عبر النجيفي عن رفضه القاطع لتصريحات علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، والتي أكد فيها أن بلاده لن تسمح بوصول تيارات بعينها إلى الحكم، معتبرا إياها “تدخلا وتجاوزا للإرادة العراقية ومحاولة للتأثير على سير الانتخابات”. وأوضح ”ليس من حق أحد، ولا يمكن لأحد أن يختصر إرادة الشعب أو يزورها أو يوجهها وفقا لرغباته”. وحول توقعاته لفرص تحالفه وسط المنافسة الصعبة التي تشهدها الانتخابات، ليس فقط مع الكيانات السنية وإنما أيضا مع تحالفات شيعية تمكنت من استمالة عشائر وسياسيين سنّة بصورة أهلتها لخوض المعركة بقلب الحواضر السنية كتحالف النصر بقيادة العبادي وتيار الحكمة بقيادة عمار الحكيم، قال ”نحن واثقون من أهلنا، واثقون من قدرتهم على اختيار من هو مؤهل للنهوض بواقعهم، لذلك نحن غير قلقين من المنافسة… تحالف القرار العراقي نابع من رحم المجتمعات في المحافظات التي ينافس فيها”. المكون السني رفض النجيفي بشدة القول إن تحالفه من الداعين إلى مشروع الإقليم السني المستقل عن العراق. وقال “لم ندع يوما إلى قيام أقاليم سنية منفصلة عن العراق، بل دعونا إلى إقامة أقاليم إدارية ضمن الحدود الجغرافية للمحافظات، وهذا ما يتفق مع الدستور العراقي والقوانين النافذة، أي أن مطالبنا دستورية تماما”. كما رفض النجيفي استمرار الصورة النمطية لدى الغرب بأن المكون السني العراقي هو البيئة الحاضنة والخصبة للتنظيمات المتطرفة من أمثال القاعدة وداعش، وشدد ”المكون السني في العراق كان ضحية لكل تلك التنظيمات الإرهابية، والسنّة هم من تحملوا مصائب التهجير والنزوح والقتل، فضلا عن تدمير مدنهم وشواهدهم الحضارية، لذلك فإن أي اتهام لهم هو مناف للمنطق وينطلق من نظرة عدائية مسبقة”. وتابع ”المطلوب في هذه المرحلة، بعد الانتصار على داعش، هو معالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهور التطرف، والعمل على وضع حلول سياسية وفكرية واقتصادية، وإلا فإننا قد نشهد، لا سمح الله، ظهور نسخة جديدة من داعش. القضايا الكبيرة والخطيرة تستلزم حلولا ناضجة وجريئة”. وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد مؤخرا بالكويت، قال ”أي جهد دولي تصب مخرجاته في مساعدة العراق هو محل ترحيب وشكر، على ألا ينتقص من سيادة العراق أو يكبله بشروط والتزامات يتكبدها المواطن الذي يطمح لتحسين وضعه”.
مشاركة :