تحقيق: محمد إبراهيم في الوقت الذي يتأهب الفصل الدراسي الثاني للعام 2017-2018 للرحيل، وتستعد عناصر الميدان التربوي من «تربويين ومعلمين وطلبة» لإجازة الربيع، يعيش أولياء الأمور حالة ترقب وانتظار لنتائج نظر طلبات زيادة الرسوم الدراسية للعام الدراسي المقبل 2018 - 2019، التي تزاحمت على تقديمها إدارات المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة حتى نهاية يناير الماضي، ومن المتوقع إعلان قرارات الزيادة مارس الجاري.وأكدت شريحة كبيرة من الأهالي ل«الخليج»، أن زيادة رسوم المدارس الخاصة، «أعباء متجددة»، تنشد تطوير الضوابط والإجراءات عند النظر في طلبات الزيادة المقدمة سنوياً، لتحقيق التوازن بين «الخدمات التعليمية وقيمتها المادية وجودة المخرجات»، لاسيما أنها تثقل كاهل الأسر، مهما اختلفت أسبابها، وسواء استحقت المدارس أو لم تستحق، مطالبين بالمشاركة الفاعلة في تقييم مدارس أبنائهم ومدى استحقاقها للزيادة.وتركز الجهات المعنية في مختلف المناطق التعليمية، والهيئات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، على الانتهاء من نظر طلبات المدارس الخاصة في زيادة الرسوم، لاسيما أن اعتماد الزيادة يخضع لضوابط ومعايير، تختلف بحسب ظروف كل مدرسة.في وقت تعكف وزارة التربية والتعليم على توحيد القوانين واللوائح والتشريعات المنظمة لعمل التعليم الخاص في الدولة، بالتعاون مع شركائها، إذ إن إجراءات تعديل قانون التعليم الخاص، تتضمن ضبط الرسوم الدراسية، فضلاً عن آليات المحاسبة والتقييم، ليأتي القانون شاملاً لجميع أطراف العملية التعليمية.«الخليج» تناقش مع فئات الميدان التربوي كافة معايير زيادة الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، وكيفية التعرف إلى مدى استحقاق المدرسة للزيادة، وإلى أي مدى تضع الجهات المخولة باعتماد الزيادة الظروف الحياتية لأولياء الأمور في الاعتبار؟ أرباح ومكاسب البداية كانت مع «أبطال» هذا المشهد المتكرر سنوياً، حيث التقت «الخليج»، عدداً من أولياء الأمور للوقوف على كيفية التعامل مع حراك زيادة الرسوم الدراسية للعام المقبل، لاسيما أن التعديلات التي تطرق على الرسوم بالزيادة أو البقاء بدون تغير، تنعكس بلا شك على أوضاع وترتيبات الأسر كافة.إن المدارس الخاصة تلعب دوراً مهماً في مسيرة التعليم والتنمية، وبناء أجيال المستقبل، ولا يجوز أن يتجه تركيزها فقط نحو ابتكار مسارات جديدة سنوياً لتحقيق مكاسب وأرباح من وراء أولياء الأمور والطلبة، فهذا لا يتماشى مع رسالة العلم والمعرفة، هذا ما ذهب إليه ولي الأمر محمد طه، ومضى يؤكد أن الفكر المادي يسود مسارات معظم المدارس الخاصة، التي تحرص سنوياً على طلب زيادة الرسوم الدراسية، وتبدع في ابتكار سبل ووسائل الحصول عليها.وأضاف أن الأسر تستقبل هذا الأمر سنوياً بحالة انزعاج لترتيب أوضاعها المالية والأسرية، لاسيما الأسر التي لديها أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة، مشيراً إلى أن هناك بعض المدارس الخاصة التي لا تقدم برنامجاً تعليمياً يوضح خطتها الدراسية، من مصروفات ورسوم ونظام للجودة على مدار العام، وتكتفي بالعمل على اختراع بنود ونشاطات جديدة لالتهام المزيد من الأموال. دوامة لا تنتهي وترى ولية الأمر عبير عبد الحميد أن إدارات المدارس لديها العديد من السبل لجني الأرباح سنوياً، وتتقن الوسائل التي تنجح من خلالها في الحصول على الموافقة لزيادة الرسوم، فإدا نجحت الجهات المعنية بالتعليم في الدولة، من ضبط إطار الرسوم المدرسية، نجد الزيادة تأتي في رسوم إضافية للحافلات أو الكتب أو الزي المدرسي، أو من خلال الرحلات والأنشطة اللاصفية خلال العام الدراسي، لنجد أنفسنا في دوامة لا تنتهي واستنزاف يربك ظروفنا الحياتية.ومن جانبها طالبت ولية الأمر ميادة حسن، ولديها 3 أبناء يدرسون في مختلف مراحل التعليم، الجهات المختصة بمراعاة أحوال الأسر محدودة الدخل، وقدرتها على تحمل أعباء الزيادة التي تحدث سنوياً في الرسوم، وقيامها بإجراء استبانة سنوية في بداية العام الدراسي ونهايته، لمعرفة رأي الأهالي في الأداء ومستوى الخدمة والملاحظات والسلبيات، والمشكلات التي شهدها العام الدراسي بكل مدرسة، على اعتبار أن ولي الأمر شريك رئيسي في العملية التعليمية، لاسيما أن هذه الاستبانة تحل كافة المشكلات، وتقدم خريطة واضحة المعالم، عن أداء كل مدرسة، بما يجعل الجهات قادرة على اتخاذ إجراءات إيجابية لمصلحة المدارس الحائزةِ تقديراً من أولياء الأمور وعقاب المدارس محل الشكوى والانتقاد. مبررات الزيادة جمعنا أوراقنا وحملنا معها معاناة أولياء الأمور السنوية، بسبب الزيادات غير المبررة في بعض المدارس الخاصة، والتقت «الخليج» عدداً من مديري المدارس للتعرف إلى ماهية طلبات زيادة الرسوم وأسبابها، إذ أكد الدكتور فارس الجبور مدير المدرسة الأهلية الخيرية، أن الرسوم المدرسية لا يتم زيادتها بحسب رغبات المدارس كما يعتقد بعضهم، وإنما هناك 5 مبررات للزيادة منها التوسع في المباني، واستقطاب هيئات تدريسية جديدة وزيادة المختبرات، والجودة في التعليم التي تحتاج إلى صرف مادي، معتبراً أن الاتهامات التي توجه لكل المدارس الخاصة مجحفة.وأضاف: ندرك ونتعاطف مع أولياء الأمور، ولدينا تسهيلات في الدفع وتخفيضات على الإخوة ومنح للمتفوقين، ونستشعر بالمعاناة التي تعيشها بعض الأسر، خاصة من لديها أعداد كبيرة من الأبناء، ونعطي فرصاً للدفع ولم يسبق أن تم منع طالب من الدراسة، بسبب عدم قدرته على التسديد. ودعت التربوية سمر أبو مرسه، إلى عدم تعميم ظاهرة عدم الالتزام بقوانين ضبط الرسوم، فهناك مدارس خاصة تعمل في صمت، وبالتزام تام، وتسعى دائماً لتقديم مخرج تعليمي عالي الجودة، مؤكدة أن الزيادة في الرسوم تخضع، لاعتبارات عدة ولا توافق الوزارة إلا في ظل وجود مبررات، ووفقاً لدراسة شاملة يقوم بها فريق متخصص في كل منطقة تعليمية، موضحة أن إدارة المدرسة تعمل من منطلق وطني، نابع من مسؤولية كبيرة، قبل أن يكون الموضوع ربحاً مادياً، فواجبنا يحتم علينا تكثيف الجهود لبناء أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة، وقادرة على مجابهة تحديات المستقبل. زيادة على الورق ولما كان المعلمون أحد المبررات التي تدفع إدارات المدارس الخاصة لزيادة رسومها، التقت«الخليج» كلاً من «عمر.م - محمد.أ - خميس.م - أحمد.س - بهاء.ش» المعلمون في مدارس خاصة مختلفة، حيث أكدوا أنه ليس من الضروري أن يستفيد المعلمون من الزيادة التي تحصل عليها المدرسة، فهناك بعض المدارس تعدل رواتب المعلمين أو بعض الكوادر الإدارية بالزيادة، ولكن على الورق فقط، كوسيلة للحصول على الموافقة على زيادة رسومها، فضلاً عن زيادة الغرف الصفية والخدمية بشكل وهمي، لحين الانتهاء من زيارة اللجنة المختصة من المنطقة التعليمية، أو الجهات المعنية.وأكدوا أهمية تركيز اللجان المنوط لها التأكد من البيانات التي اشتملت عليها طلبات الزيادة، وتكرار الزيارة ولقاء جميع المعلمين والإداريين، الذين حصلوا على زيادة في رواتبهم حسب ما قدمته المدارس من بيانات، وأسباب طلب الزيادة، موضحين أن رواتبهم لم يتم تعديلها منذ 7 سنوات على الرغم من حصول مدارسهم على زيادة في الرسوم مرتين خلال تلك المدة.. لجنتان وعلى جانب آخر، علمت «الخليج»، أن مناطق تعليمية مختلفة أوشكت على الانتهاء من نظر طلبات زيادة الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة التابعة لها، واعتماد الرسوم الجديدة خلال مارس الجاري، حيث وفرت إدارات المناطق استمارات طلب زيادة الرسوم الدراسية، لجميع المدارس الخاصة التي تتبع المنهاج الوزاري والأجنبي، حتى 31 يناير الماضي، بحسب تعميمات حصلت «الخليج» على نسخة منها.وأكد عدد من القيادات في المناطق التعليمية «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، أن كل منطقة تشكل لجنتين، الأولى لتقييم المدارس المتقدمة بطلبات زيادة الرسوم حسب 4 مجالات تحددها اللائحة الخاصة بزيادة رسوم الدراسة في المدارس الخاصة، وتشمل المبنى المدرسي، والكادر التعليمي والإداري والوظائف المساعدة، والخدمات التعليمية، والخدمات المجتمعية، ومن الضروري حصول المدرسة على 70 % كحد أدنى في المجالات الأربعة، لكي تحصل على الموافقة بالزيادة، أما اللجنة الثانية فتقوم بتحديد أحقية المدرسة في الزيادة من عدمه، بناء على تقرير اللجنة الأولى.ووفقاً لإجراءات زيادة الرسوم، تقيم لجنة التفتيش على المدرسة المتقدمة بطلب لرفع رسومها، المبنى المدرسي من حيث الصيانة، وعقود الصيانة، ودورات المياه، وعددها حسب كثافة الطلبة بالمدرسة، بحيث تكون بها دورة مياه لكل 30 طالباً، فضلاً عن انفصال مبنى البنين عن البنات، ووجود غرف مناسبة للإداريين والمعلمين، وغرف تعليمية كالمعامل والمختبرات والمكتبة بما تحتويه من كتب تناسب المراحل العمرية المختلفة لطلبة المدرسة، فضلاً عن توافر أمناء مختبرات وأمناء مصادر تعلم، وقاعات أنشطة مثل المسرح والتربية الموسيقية والفنية، ومصلى وعيادة مدرسية، وما إذا كان لديهم طبيب مقيم أو زائر٬ وممرضة. الكادر التعليمي أما عن الكادر التعليمي والإداري والوظائف المساعدة، فاللجنة تقيم رواتبهم، مقارنة بمتوسط الرسوم المدرسية، فضلاً عن انتظام المدرسة في دفع الرواتب٬ وتقيم الدرجة العلمية لدى الهيئة الإدارية والهيكل التنظيمي للمدرسة٬ فضلاً عن وجود مشرفين تربويين٬ وخطة لتدريب الكادر التعليمي٬ وأنصبة المعلمين من الحصص حسب اللائحة.وتركز لجنة دراسة طلبات زيادة الرسوم على معرفة أسباب الزيادة ونسبتها، حيث يتم الموافقة وفق ضوابط ومعايير وضعتها الوزارة لقبول أو رفض طلبات زيادة الرسوم للمدارس الخاصة٬ بحيث لا تتعدى نسبة هذه الزيادة ال10 % سنوياً، وتستلم المدارس الخاصة نسخة من تلك المعايير، لتكون على اطلاع بآليات العمل إلى جانب إشراك جهات أخرى في تقييم المدارس كالبلدية والدفاع المدني٬ والزيادة في الرسوم ينبغي أن تكون لأسباب كالانتقال لمبنى جديد أو زيادة المختبرات العلمية والتطبيقية والهيئات التدريسية.وتتفاوت الزيادة من مدرسة لأخرى٬ فمن بين المدارس ما يتم زيادة رسومها الدراسية، وأخرى زيادة رسوم الكتب أو رسوم المواصلات، أو يتم اعتماد رسوم لم تكن معتمدة لبعض المدارس من قبل، مثل الرسوم الصحية ورسوم الكتب. قوانين واشتراطات ومن جانبها تنفذ هيئة المعرفة والتنمية البشرية، في دبي، آلية جديدة، لإجراءات تقديم طلبات زيادة رسوم المدارس الخاصة بدبي، إذ يتم إرسال طلبات زيادة الرسوم للمدارس، عقب الانتهاء من تقييمها وتصنيفها مباشرة، حيث إن إطار عمل ضبط الرسوم المعتمد من المجلس التنفيذي لإمارة دبي، وإطار معايير الرقابة والتقييم المدرسية في الدولة، فإنه يسمح للمدارس الخاصة فئة «متميز»، بتعديل رسومها بنسبة زيادة تعادل ضعف مؤشر تكلفة التعليم، والمدارس في فئات «مقبول» و«ضعيف» و«ضعيف جداً»، بما يعادل قيمة مؤشر تكلفة التعليم.وقالت الهيئة إنها تستند في اعتماد طلبات الزيادة إلى نتائج الرقابة المدرسية كل عام دراسي، حيث إن هناك لجنة مختصة تعمل على قدم وساق لنظر تلك الطلبات، وتقييم مدى استحقاقها للزيادة وفق إطار عمل ضبط الرسوم المدرسية.وأضافت: لدى الهيئة «فريق الالتزام»، الذي يقوم بدور الرقابة والمتابعة لمدى التزام المدارس الخاصة في دبي بقوانين واشتراطات الهيئة، والتأكد من التزام كل مدرسة بنسبة الرسوم التي حصلت عليها وفق الإطار الجديد للرسوم، بعد مطابقته بنتائج الرقابة المدرسية. مدارس ترفض على الرغم من استحقاقها زيادة رسومها الدراسية، إلا أن بعض المدارس في دبي رفضت فرض أية زيادة على الرسوم الدراسية للعام الدراسي الجاري، مبادرة منها في مساندة أولياء الأمور ورفع المعاناة عنهم فيما يخص تعليم أبنائهم، لاسيما الأسر التي لديها أكثر من طالب في المدارس. مهارات خاصة أكد الأهالي أن هناك مدارس خاصة، لديها قدرات ومهارات خاصة في ترتيب أوراقها للحصول على زيادة في رسومها، ولكنها تفتقر إلى الخدمات التعليمية، التي تناسب تلك الزيادة، مطالبين جهات الاختصاص التي تنظر طلبات زيادة الرسوم للمدارس الخاصة، أن تضع في الاعتبار مستوى الخدمات التعليمية التي تقدمها تلك المدارس، ومدى استفادة الطلبة منها، في وقت حصلت عدد من المدارس على الموافقة للزيادة، ولكنها لا تملك الخدمات التعليمية الجيدة التي تقدمها للطلبة. ربط الزيادة بالتقييم تساءل عدد من التربويين وأولياء الأمور عن مدى إمكانية ربط زيادة الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، بالتقييمات الأخيرة التي قامت بها فرق الرقابة والجودة في وزارة التربية والتعليم، لضمان تحقيق الجودة في المخرجات وتقديم نظام تعليمي رفيع المستوى ينعكس على مجتمع التعليم الخاص بعناصره كافة.
مشاركة :