انتشر مقطع فيديو لشابة أمريكية تتعرض لعدد كبير من حالات التحرش في شوارع نيويورك انتشار النار في الهشيم. لكن هذا الفيديو كشف في الوقت ذاته أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة ظاهرة التحرش عالمياً. ووفقا لموقع "دويتش فيله"، كشفت دراسة حديثة لمنظمة "إيقاف التحرش في الشارع" غير الحكومية، أن 65 في المائة من النساء الأمريكيات المشمولات بالدراسة اعترفن بتعرضهن للتحرش في الشارع لمرة واحدة على الأقل في حياتهن. وفي الآونة الأخيرة، ازداد عدد النساء اللواتي يتحدثن علناً عن تجاربهن مع التحرش. وباتت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة للنقاش حول هذا الموضوع، إذ نُظم كثير من الحملات في هذا الصدد على الشبكة العنكبوتية. ويقول كثير من ضحايا التحرش "إن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدتهن على التقليل من شعورهن بالوحدة وبالخجل". ومن خلال موقعي "فيسبوك" و"تويتر"، بات من الممكن للنساء اليوم التواصل من مختلف أرجاء العالم، تدفعهن الرغبة في الحديث عن الموضوع بدون مخاوف. وأحدث الأمثلة على التحرش هو الفيديو الذي نشرته شوشانا روبرتس، البالغة من العمر 24 عاماً، التي ظهرت فيه خلال تجوالها في شوارع مدينة نيويورك. ويُظهر الفيديو المختصر إلى دقيقتين أكثر من 100 موقف خلال عشر ساعات، تعرضت فيها روبرتس للتحرش من أشخاص غرباء، ما بين إطلاق تعليقات لاذعة بشأن هيئتها، وصولاً إلى قيام البعض بملاحقتها لعدة دقائق. وبعد نشر الفيديو في موقع "يوتيوب" بفترة قصيرة، حصل على أكثر من 23 مليون مشاهدة وعلق عليه أكثر من 60 ألف مستخدم. أصحاب بعض هذه التعليقات انتقدوا روبرتس بالقول إن ما تعتبره تحرشاً هو مجاملات في حقيقة الأمر، أو أنه يوضح أن بعض الرجال يبدون اهتماماً بها. كما قام البعض بكتابة تهديدات لروبرتس بالاغتصاب. لكن لم تكن كل التعليقات بهذه السلبية، فمنذ أن نشرت الفيديو حصلت أيضاً على كثير من الدعم والتشجيع. أما لورا بيتس، بعد أن تعرضت للتحرش في إحدى حافلات العاصمة البريطانية لندن وصُدمت من عدم قيام أي أحد بمساعدتها، قررت مواجهة التحرش اليومي بقوة. وتعتقد بيتس أن هذه الظاهرة باتت مقبولة اجتماعياً في كثير من أرجاء العالم. وأرادت بيتس أن تحول دون أن تشعر النساء بأنهن يتحملن سبب التحرش بهن أو الصمت على هذا التحرش بدافع الخجل. لذلك، أنشأت موقعاً إلكترونياً تُدرج فيه تجارب النساء مع التحرش اليومي. ويهدف مشروع "التحرش اليومي"، الذي بات موجوداً في 19 بلداً، إلى الكشف عن حجم انتشار ظاهرة التحرش في العالم أجمع. وبعد أن تحدثت وسائل الإعلام عن بيتس وصفحتها، تلقت الفتاة البريطانية تهديدات بالقتل والاغتصاب، إلا أن هذه التهديدات لم تفقدها عزيمتها. وفي هذا السياق، تقول لورا "إن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور حاسم في تسليط اهتمام الرأي العام على هذه المشكلة"، مضيفة أنه "لا يمكن إجبار شخص على الصمت حين يكون خلفه 25 ألف صوت آخر تقول (أنا أصدقك، فقد حدث هذا الأمر لي أيضاً)". وفي ألمانيا، تم إطلاق مشروع مشابه عام 2013، بادرت إليه الناشطة النسوية على الإنترنت آنه فيتسورك، ويتعلق بجملة مفتاحية (هاشتاق) "الصرخة"، لتشجيع النساء على عدم قبول التحرش اليومي ببساطة ودون أي اعتراض. وتحت هذا الهاشتاق، يمكن للنسوة إخبار الآخريات عن معايشتهن للتحرش. واستلهمت فيتسورك هذه الحملة من مقال في مجلة "شتيرن" الألمانية صدر في الرابع والعشرين من يناير 2013، وكتبته الصحفية لاورا هيملرايش حول تحرّش السياسي في الحزب الديموقراطي الحر والوزير السابق، راينر برودرله، بها أثناء حديث معها على هامش مأدبة عشاء رسمية.
مشاركة :