المصمم العراقي حسين علي حربة… عاشق الفن والروح

  • 3/12/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بريشة وقلم: علي المندلاوي إنه ابن بابل، الرجل الذي أعتز بصداقته، الفنان حسين علي حربة عضو المجلس الاستشاري لمتحف التيت غاليري الشهير، وصاحب شركة التصميم الإيطالية (La Triart pubblicità) الذي ومنذ العام 1994 صمم وأنتج أكثر من 150 ألف قطعة «أوبجكت آرت»، والتي تستخدمها الكثير من الشركات العالمية الكبرى لعرض إنتاجها، وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار أعماله في مختلف القارات. إنه واحد من الذين قادتهم المحبة العميقة للفن إلى أن يكون ضمن أبرز جامعي الأعمال الفنية في المنطقة العربية، وربما أيضا في العالم، وضمن ربع قرن من الحرص على استكمال مجموعة فنية مقتناة، ستشكل اليوم عينة مهمة، تسلط الضوء على مغامرة الإبداع العراقي لأكثر من قرن من البحث والتجريب، ضمن حقب امتدت من بداية القرن العشرين وحتى يومنا الراهن. يقول حربة عن تجربته: «أول لوحة اقتنيتها كانت لفائق حسن، وعمري كان حينها لا يتجاوز الخامسة عشرة، حين جلبها والدي لي من بغداد، صور الفنان فيها مجموعة من الأحصنة، وقد كانت إيذانا لي ببداية جمع الأعمال الفنية». ويضيف: «لقد تم تصميم الشكل المعماري لبيتنا في محافظة بابل من قبل معماري عراقي كان من خريجي الهندسة المعمارية في لندن، وهو الذي اقترح على والدي تزيينه باللوحات، الأمر الذي جعلني منذ الطفولة أعيش في أجواء بيت هو أشبه بالمتحف الصغير، والدي كان يحب الجمال وخصوصا جمال الخيل الأصيل وكان يمتلك عددًا من الأنواع الأصيلة، وكان يبدو أنيقا في غالب أوقاته محبا لامتلاك الأشياء النادرة. دفعني هذا المناخ إلى أن أتبنى مشروعًا شخصيًا ظل ملازما لي إلى الآن وهو اقتناء الأعمال الفنية». بيد أن ما بلور في نفسه ذلك المشروع، هو تشكل الأول لطبيعته كصبي، إذ يقول إنه لم يكن ليهتم كثيرا باللعب مع أصدقاء الطفولة ويميل إلى العزلة «التي كانت طقسا نافعا عزز لدي شعورا بالتمتع في جمع الأشياء النادرة المتميزة بالفرادة والاستثنائية». وفي العام 1980 وبعد إنهاء الدراسة الثانوية في إعدادية الحلة قرر السفر إلى إيطاليا راغبا في دراسة الهندسة المعمارية على نفقة العائلة، وهناك تسنى له أن يتخصص في التصميم المعماري في مدينة تورينو الإيطالية، وبعد تخرجه عمل في واحدة من أهم الشركات الإيطالية في التصميم المعماري. عمل فيها لمدة أربع سنوات ثم قرر أن يفتح مكتبًا للتصميم مع شركة (إيطالية). ومنذ العام 1994 صمم وأنتج حربة أكثر من 150 ألف قطعة «اوبجكت آرت»، والتي تستخدمها الكثير من الشركات العالمية الكبرى لعرض إنتاجها وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار أعماله في مختلف القارات، كما يقول. ويضيف حربة أنه «منذ بدايته العملية جعله طموحه المستمر أن يؤمن بأن التفوق ليس حكرا على مجموعة بشرية محددة وإنما هو نتاج عامل الاجتهاد والجدية في العمل وتحصيل المعرفة وقد تكلل هذا العمل الدؤوب بحصول شركته الإيطالية (La Triart pubblicità) على جائزة تقديرية هي جائزة (Italia che lavora) كشركة متميزة في اختصاصها وذلك في سنة 2001. بعد إنهائه لدراسته وانخراطه في أجواء العمل كمصمم وصاحب شركة تصميم، بدأ يتبلور هدف إنشاء أول متحف خاص بمجموعته الفنية وبجانبه مركز للتصميم في مدينة بابل، وكنت أطمح أن يكون على شاكلة نظام مدرسة «الباوهاوس» في ألمانيا، الهدف منه خلق مركز تصميم وإنتاج عالمي في بابل واستقطاب المبدعين للمساهمة فيه. ويؤكد حربة في حوار مع عمار سلمان داود نشره في صحيفة «العالم» العراقية أنه «شرع ببناء المتحف، لكن لسوء الحظ توقفنا لظروف العراق الصعبة في ذلك الوقت»… يقول حربة: «كنت ولا أزال أعتقد أن الفنانين العراقيين في القرن الماضي أنتجوا الكثير من الأعمال الإبداعية المتميزة، والتي أعتقد أن مستواها يضاهي الإنتاج المعاصر العالمي، ولكن لسوء الحظ ظروف العراق المأساوية بما شملته من حروب وحصار اقتصادي، أسهمت بشكل ملحوظ في شل حركة الفن العراقي وإعاقة مسيرته»، لكنه مؤمن أن العراق سيعود بقوة وبسرعة ليأخذ مكان الريادة في عالم الفن مرة أخرى، «وإني أعتقد أن اقتناء الأعمال الفنية العراقية هو من أهم الاستثمارات، حيث الأسعار ما زالت مناسبة جدا ولا أعتقد أنها ستستمر طويلا هكذا». ويتفرد الفن العراقي عن الفن العربي من جهة كونه قد تعامل مع الحداثة بصيغة جدية ومنذ بدأ البعثات الأولى لدراسة الفن في أوروبا. وهنا يقول حربة: «من يصدق على سبيل المثال أن الفنانة الرسامة مديحة عمر أقامت أول معرض شخصي لها في أميركا في العام 1948 (…) ولو وجد تقييما عادلا وجديا للفن العراقي، لكان في مصاف الفن العالمي». لهذا يحرص حربة في حواره هذا على تأكيد أن «الفن العراقي يشكل كنزا وطنيا يجب المحافظة عليه محليا وعالميا، وعلينا أن لا ننسى أن الوجه الحضاري هو من أهم ما تقدمه الأمم لتعزيز هويتها الوطنية وذاتها التي تميزها وتطبعها بطابعها الخاص، وأنا أفخر كثيرا بجيل الرواد لأنه كان يعبر عن الوجه الأجمل للعراق». وعن منجزه الفني الجديد يقول حربة: «إنه كتاب عن مجموعتي الخاصة التي ناهزت 450 عملا فنيا وتعاون الآن معي حشد من المختصين والكتاب على إنجازه، وهو جهد شخصي بحت، وتم طبعه في شركة (سكيرا) العالمية المعروفة».

مشاركة :