جنيف: «الخليج» أطلق أبناء قبيلة الغفران القطرية، من مقر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، صرخة استغاثة؛ أملاً في ممارسة ضغوط على الدوحة؛ كي توقف الانتهاكات ضدهم، وتعيد إليهم حقوقهم.وقال وفد من القبيلة، في ندوة نظمتها الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان بالمجلس في جنيف، أمس الاثنين، إن استعادة جنسية وطنهم القطرية ليست هي المطلب الوحيد.وخلال قرابة الساعة ونصف الساعة، استعرض الوفد قصصاً مأساوية إنسانية تعكس محنة الغفرانيين سواء الذين يعيشون داخل قطر أو هؤلاء الذين أُجبروا على مغادرة البلاد.وقال ناصر جابر المري، إن السلطات القطرية أسقطت جنسيته وعائلته وهو في سن السادسة خلال إجازة لهم في الخارج، ومنعتهم السلطات من العودة إلى وطنهم، وفصل والده من عمله؛ وهو مهندس في شركة قطر للبترول. وشكا من أن السلطات القطرية «لم تستجب لمساعي والده للتواصل معها؛ للتعرف إلى سبب قرارها أو للبحث عن سبيل للعودة». وتساءل ناصر: «لماذا حُرمنا من وطننا وصودرت منازلنا وحقوقنا؟!».أما جابر راشد الغفراني، فقد أسقطت جنسيته، كما قال، وهو في ال11 من عمره، وحرم والده من كل حقوقه المستحقة؛ بعد أن خدم في القوات المسلحة القطرية 23 عاماً.وبنبرة ألم واضحة، قال جابر: «إن ثلاثة من إخوته ولدوا في المهجر، وليس لديهم حتى شهادات ميلاد؛ بعد أن حرمتهم حكومتهم في قطر من الوطن». وقال: «إنه عندما طلبنا من السلطات القطرية إصدار الشهادات، أجابتنا بأننا لسنا من المواطنين القطريين!».بل إنه شكا من أن السفارة القطرية في السعودية صادرت جوزات السفر والوثائق القطرية التي قدمت لها لتجديدها في محاولة لشطب تاريخنا وعلاقته ببلدنا.وقال: إنه لم تكن لأبيه أي انتماءات أو أنشطة سياسية على الإطلاق. وخلال الندوة، التي نظمت على هامش اجتماعات الدورة ال37 لمجلس حقوق الإنسان في مقر الأمم المتحدة، بعنوان: «حقوق الإنسان في قطر: مأساة التهجير وإسقاط الجنسية والتهجير القسري»، تساءل صالح محمد الغفراني: «لماذا أسقطت جنسيتنا بدون سبب؟». وتابع قائلاً: إن السلطات القطرية أسقطت جنسيته وعائلته عام 1996.وأضاف أنه «ولد في أمريكا لأب وأم قطريين أباً عن جد، وبذلك أصبحنا بلا وطن أو جنسية بجرة قلم».وشكا من أن السلطات القطرية أمهلت والده 72 ساعة فقط لمغادرة البلاد، وإلا زُج به في السجن، ورفضت كل التماساته حتى تمديد المدة لترتيب أموره والحصول على مستحقات نهاية الخدمة بعد فصله من عمله.ولا يزال صالح يتساءل بحسرة وحزن: «كيف تجنس قطر الأجانب من كل مكان بينما تجرد القطريين الأصليين من جنسية وطنهم؟».وأشار إلى أن «الغفرانيين أصل قطر تاريخياً حتى قبل أن تأتي الأسرة الحاكمة الحالية إلى البلاد، فكيف يحرمون من وطنهم»؟.ووجه سؤالاً آخر إلى العالم: «كيف يتباكى القطريون على حقوق الإنسان في أنحاء العالم بينما يمارسون هذه الانتهاكات بحق أبناء قطر؟».وطالب صالح المنظمات والجمعيات الحقوقية الأممية والدولية بتدخل عاجل؛ لإيجاد حل سريع لقضية الغفرانيين.ورداً على سؤال من عبد العزيز الخميس، مدير الندوة، عن سبب بقاء الغفرانيين في قطر رغم كل هذه المعاناة الإنسانية الهائلة، قال صالح إنهم يخشون من أنهم لو خرجوا لن يتمكنوا من العودة مرة أخرى.قصة محمد صالح الغفراني تبدو أكثر مأساوية. فقد اعتقل والده 4 أشهر في سجن المخابرات القطرية عام 1996، وخرج بعدها وهو معتل نفسياً؛ بسبب ما قاساه خلال الاعتقال. وخلال فترة اعتقاله شردت الأسرة المكونة من 9 أفراد أصغرهم في سن 7 أشهر وأكبرهم في عمر 10 سنوات.وعبّر محمد عن حزن والده؛ لأنه خدم في الجيش القطري، وشارك في حرب تحرير الكويت والقبض على إرهابيين، وتلقى شهادات تقدير رسمية، ثم لقي هو وعائلته هذا الجزاء. وأضاف أنه في 28 مايو/أيار 1996 هجرت أسرته قسراً ونزعت جنسيتها.وسأل محمد عما إذا كانت الأسرة قد لجأت إلى لجنة حقوق الإنسان القطرية، فانتقد سلوك اللجنة. وقال إنهم لم يسمعوا منها إلا الكلام الذي لا يعكس حتى إدراكاً لحجم مأساتهم. وشكا من أنه في الفترة الأخيرة لو تجرأ أحد على الشكوى أو الاتصال باللجنة، تلاحقهم الأجهزة الأمنية القطرية وتهدده وترهبه.وطالب بمعرفة سبب اعتقال وتعذيب والده وحرمانه والأسرة كلها من الوطن لا لشيء إلا لأنه غفراني. وسرد جابر عبد الهادي المري مأساة عائلته قائلاً: إن السلطات القطرية أسقطت الجنسية عن والده المتوفى، الذي كان قد ولد في قطر عام 1923. وقال إن هدف الدوحة هو سحب الجنسيات من نسل والدي لاحقاً. واستغرب جابر أن تكون هناك دولة في هذا العالم الآن تسقط جنسيات عن الموتى.واعتبر أن ممارسات الحكومة القطرية هي عقاب جماعي مُجرم دولياً بحق قبيلة الغفران الذي تصور الدوحة كل واحد من أبنائها على أنه خائن وعميل ومتواطئ. وقال: إنه حتى لو أخطأ شخص فإنه يجب أن يحاكم محاكمة عادلة، ولو أدين فإنه يتحمل الذنب وحده، وليس كل عائلته وقبيلته.ولخص جابر عبد الهادي المري مطالب قبيلة الغفران قائلاً، إنه لا يمكن اختصار قضيتها في مجرد استرداد الجنسية والعودة إلى قطر فقط؛ لأن هذا الحق لا يسقط بالتقادم. وطالب بالتعويضات المالية والمعنوية عما لحق بالغفرانيين من أضرار إنسانية واجتماعية واقتصادية بالغة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه المأساة، ووقف الاضطهاد بشكل تام.وناشد جابر مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالكشف عن نتائج متابعتها لشكوى الغفرانيين التي قدمتها الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.واستغرب ما وصفه بهذا الصمت على الشكوى، وطالب بمعرفة رد السلطات القطرية عليها لو كانت قد نوقشت معها فعلاً. ولفت إلى أن عدم حدوث أي تحسن؛ بل واستمرار المعاناة والانتهاكات القطرية يشير إلى أن الدوحة لم تنصت إلى الشكوى ولم تأخذها بجدية.
مشاركة :