أصعب أنواع الإدارات في الوقت المعاصر هي الإدارة الجامعية الحكومية وأقصد بها الإدارة العليا في الجامعات ومرد ذلك الحكم أمور كثيرة منها مستوى التأهيل العلمي للمرؤوسين وكثرة التخصصات العامة والدقيقة داخل الجامعات وتنوع الثقافات والخبرات ومستوى الطموحات للفئات المستهدفة الخارجية. وحتى الداخلية من الجنسين الأساتذة والطلاب والموظفين وطبيعة التنافس بين الوحدات الأكاديمية الغير متجانسة وتضخم الهياكل التنظيمية للجامعة ومتطلبات المجتمع من الجامعة ومتطلبات الجهات الرسمية العليا التي تخضع لها الجامعات وتتماشى مع سياساتها لإحداث التطوير المستمر والتغيير الداعم لجهود التنمية المستدامة وغيرها كثير . واعتقد جازماً أن مدراء الجامعات يعانون كثيراً من واقع الجامعات ممثلاً في ضعف المخرجات وعدم ملائمتها لسوق العمل وفي أنماط بعض الثقافات التنظيمية السلبية ومستويات الكفاءة للقيادات المرؤوسة والعاملين ووعيهم بالأدوار المناطة بهم وتقليدية البحث العلمي ونمطيته وتركيزه على تحقيق الطموحات الشخصية لأغراض الترقية وخلافه ومستوى التفاعل من ومع مؤسسات المجتمع لأغراض خدمته وتنميته وغيرها من القضايا التي تعيق أداءهم الشخصي والمؤسسي . ولم يعد بوسع مدراء الجامعات النجاح في إدارة الجامعة بنمط الإدارة التقليدية المعتمد على الانغماس في الأعمال البيروقراطية والانشغال الدائم بالمهام اليومية والمشكلات الإدارية البسيطة ومواجهة الجمهور بشكل مستمر . مدراء الجامعات اليوم هم صناع التغيير ورواده في ضوء التحولات الوطنية والآمال الكبيرة على الجامعات في تحقيق تطلعات القيادة ومتطلبات الرؤية الوطنية ، ومهامهم التي تستحق التركيز والعناية صياغة الرؤية المستقبلية لجامعاتهم وصناعة السياسات العليا وممارسة الإدارة الاستراتيجية والاستثمارالحقيقي للموارد البشرية والمالية والمادية والبحث عن الميزة التنافسية لجامعاتهم والابتعاد قدر المستطاع عن العمل الروتيني اليومي . وبتصوري الشخصي يجب أن يقضوا معظم وقتهم خارج مكاتبهم في عملية الاتصالات واللقاءات مع قادة المؤسسات والهيئات العامة ورؤساء مجالس الشركات الخاصة والمدراء التنفيذيين والعملاء المؤثرين بهدف صناعة ورسم سياسة الجامعة وعمل الشراكات الفعلية التي تحقق الغايات الوطنية. وتفويض الصلاحيات للمرؤسين بشكل كبير مع الاكتفاء بملف إنجاز المرؤوسين الشهري أو الأسبوعي ، واستثمار نقاط القوة والفرص في أنظمة ولوائح الجامعات وبالذات الجماعية في صناعة القرارات ومرورها بعدة مراحل على مستوى مجالس الأقسام والكليات واللجان المساندة ومجالس الجامعات . وهذه الأدوار المنتظرة من مدراء الجامعات لا يكفي فيها خبراتهم السابقة ومميزاتهم الشخصية وسماتهم القيادية التي بُني عليها اختيارهم وإن كانت مهمة للغاية وإنما تتطلب العمل على إعدادهم قبل أو بعد توليهم مناصبهم من خلال برنامج أو برامج تدريبية خارجية على مستوى عالي من الكفاءة. وفي أرقى مؤسسات التدريب العالمية يتم تصميمها في إطار الاحتياجات التدريبية الحقيقية لممارسة مهام مدراء الجامعات في ضوء المهارات المطلوبة للمرحلة. وحسن اختيار القيادات الجامعية وفرق العمل التي تساعدهم في إنجاز الأدوار المنتظرة منهم والعناية الفائقة بالتدريب المستمر للمرؤسين من القيادات الأكاديمية والإدارية على رأس العمل في برامج قصيرة ونوعية .
مشاركة :