واقع التعليم لدينا أقل من المأمول بكثير رغم كل الخطوات التطويرية التي تقوم بها الدولة مشكورة .. الشواهد كثيرة .. منها المباني المدرسية التي تستنزف ميزانية الدولة دون تحقيقها للمطلوب ؛ .. وعقود الترميم وإعادة التأهيل الخيالية التي تلتهم الجزء الأكبر من مخصصات التعليم . مع ذلك يقضي الكثير من فلذات أكبادنا يومهم الدراسي في مباني مستأجرة لا تصلح للاستخدام الأدمي .. المناهج التعليمية التي تَخَلَّق لنا بيئة جاذبة للطالب وللمعلم على حد سواء وتحفزهما على الابتكار والإبداع .. غائبة عن المشهد تماماً.. أيضاً لا زالت تطبخ في كل يوم الكثير من القرارات الارتجالية التي تُنقص من قيمة المعلم وتُقزمه أمام طلابه ومجتمعه.. بل هناك من ينتظر بشغف الإجهاز عليه بالضربة القاضية بتقليص راتبه وتحويل جزء منه لبدلات تستقطع بعد التقاعد حتى يضطر عند نهاية خدمته للكد بسيارته الخاصة لتوفير لقمة عيشه من توصيل المشاوير .. هؤلاء الطباخين يقتلون الطموح في أنفس كل المعلمين المبدعين بأطباقهم الهندية المفلفلة ويرددون ونحن معهم مقولة أن التعليم أصبح مهنة من لا مهنة له وكأننا وهم خارج هذا التقييم .. رغم العناوين البراقة في الأساليب وطرق التدريس المبتكرة إلا أننا للأسف الشديد لا زلنا نُعلم بالتلقين ونبتعد عن الاستنتاج والاستقراء والتحليل .. أيضاً لم نستغل شغف أبنائنا بالتقنية الحديثة ونوظفها في التعليم .. لم نُفعل النشاط اللا صفي ونستعيد دوره في صقل شخصية الطالب وأكتفينا بالتصفيق لبعض السخافات المسرحية التي تظهر حمق أبنائنا وسطحية المدربين . تجاهلنا أيضاً الوضع المأساوي الذي تعيشه القيادات الطرفية رغم علمنا اليقيني أنها لا زالت خارج التغطية . يردد أصحاب القرار بأن الاستثمار الحقيقي في الإنفاق على التعليم مع ذلك لا نرى من أثاره سوى القليل لسماحنا للخباز والسائق والجن الأزرق بأكل ثلاث أرباع الخبز ويصرخ موفدنا المبجل لتلك الديار وفمه محشو بالأرغفة أين نحن من التعليم في اليابان والصين وبلاد واق الواق . كثير من الوزراء تعاقبوا على الوزارة إلا أن الحال بقي كما هو لأننا تجاهلنا أن التغيير الحقيقي لا يكون باستبدال رأس الهرم فقط وإنما بغربلة شاملة تبعد الحرس القديم المتحكم في كل المفاصل وتستبدله بقيادات شابة طموحة تواكب العصر وتقضي على البيروقراطية وتملك الأدوات لإحداث النقلة المطلوبة فتغيير الوزير في كل مرة لا يفيد إن لم نتخلص من الُمزيفين . هم كبير يؤكد أننا لازلنا في حاجة لفعل الكثير والكثير للإرتقاء بتعليمنا وتغيير هذا الواقع المرير .. في النهاية ينبغي تكريس جهود كل الوزارات والهيئات والجمعيات لوضع استراتيجيات علمية تنهض بالتعليم والمعلم وتبتعد بهما عن السياسة المالية للدولة ــ مهما كانت الأسباب ــ بدل التعامي عن الواقع والانشغال بالتزييف . الرأي حامد الشريف كتاب أنحاء
مشاركة :