تعد الخطوة الأولى في معالجة المشاكل التي تواجه الدول في خططها التنموية هو الاعتراف بهذه المشاكل اولاً ثم تقدير حجمها ووضع الحلول المناسبة في القضاء عليها. الفساد المشكلة الاكبر والمعطل الرئيس لخطط التنمية في كثير من دول العالم ولم تنهض دولة في العالم اقتصادياً إلا بعد القضاء عليه. المملكة أقرت بهذه المشكلة منذ فترة وتوج هذا في صدور الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ثم تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد(نزاهة) ومضى على هذه الإجراءات أكثر من ٧ سنوات إلا أنها لم تحقق المأمول منها لعدة أسباب منها ما هو مرتبط بالنظم التي تحكمها ومنها ما هو مرتبط بقيم وثقافة المجتمع التي تشرعن مفهوم الواسطة التي تعد أحد أوجه الفساد. وترى أنها شفاعة مباركة على الرغم أنها في واقعها سلب لحق مواطن ومنحه أخر! كما أن هذا العمل يتوقف عند نخب اجتماعية معينة لا يمكن البحث والتقصي عن أوجه الفساد في ممارساتها. عهداً جديد ومواجهة جرئية دشنت في يوم السبت ١٤٣٩/٢/١٥ بأعلان تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد والتي كانت تتويجاً لمقولة خالدة (لن ينجو أى شخص دخل في قضية فساد أيا كان سوء وزير أو أمير أو أيا كان )والتي كانت من أولى خطواتها القيام في مطلباً كثر ترديده من العامة والمختصين وهو البدء في مكافحة الفساد من قمة الهرم لا قاعه. هذه اللجنة تمكنت من استعادة (١٠٠) مليار دولار للخزينة العامة للدولة خلال فترة وجيزة وهذا ليس الأهم المتحقق بل أن هناك ما هو أهم منه وهو اختراق قلاع الفساد المحصنة من المسائلة والذي بأختراقها جعلت كل مفسداً في المستقبل يتردد في ارتكابه وبهذا تحقق الجانب الوقائي في مكافحة الفساد. بالأمس صدر أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في أنشاء عدداً من الدوائر المختصة في مكافحة الفساد في النيابة العامة وهذا التوجيه يعكس أن الدولة ماضية في مواجهة الفساد ومكافحته بصفة دائمة واقراراً منها بأن الفساد اصبح ممارسة متواجدة في الدولة. الغريب والعجيب أن هذه الخطوات قوبلت بحملة انتقاد قوية لها من أفراد وجهات كانت في السابق تطلب بالقيام بالإجراءات التي قامت بها الدولة في الفترة الاخيرة لمواجهة الفساد مما يعكس أن النقد في كلتا الحالتين له أهداف اخرى؟ من المؤكد أن الدولة ماضية في حربها على الفساد بحزم القيادة وبالعمل المؤسستي الحكومي الذي يعترف به ويعلن عنه ويشكل أجهزة تحقيق دائمة له وبوعي وتفهم المجتمع. والله ولي التوفيق.
مشاركة :