هل مشكلاتنا مع العمالة لغوية؟

  • 3/15/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

من يدقق النظر في حياة المجتمعات الخليجية وتعاملهم مع كثير من الجاليات الأجنبية، يدرك أن هناك مشكلة جذرية تتعلق بطريقة التعامل، والهدف من وجودهم بيننا، ونظرتنا إلى إنجازاتهم ووسائلها المختلفة. لكن قبل كل شيء، أود التنبيه إلى أن الجاليات المقصودة هي تلك الآسيوية وبعض العمالة الأفريقية، التي انضمت إليها مؤخرا، حيث إن التعامل مع الجاليات الغربية أو الاسترالية والجنوب أفريقية من ذوي المهن العليا يتم عادة باللغة الإنجليزية، وليست هناك أي مشكلة في التفاهم معهم. أما فئة الحرفيين والسائقين والخدم، وبعض أصحاب المهن الدنيا، فإن التفاهم اللغوي معهم لا يتم بسلاسة. ونتيجة لتلك الفجوة الكبيرة في التواصل، فإن نسبة كبيرة من أوقات العمل تضيع في إيصال المقصود، وإعادة شرحه وتوضيحه بالحركات المصاحبة، وترديد بعض العبارات غير الدقيقة من اللغة المكسرة (الهجينة من مفردات عربية مصوغة بألسنة أعجمية ومضاف إليها كلمات أو أدوات لا تتناسب مع تراكيب العربية وأصواتها في بعض الأحيان). ثم تضيع أوقات وجهود أخرى في إعادة العمل الذي جرى إنهاؤه بطريقة مخالفة لما هو مرغوب، أو إصلاح ما جرى تخريبه من أجهزة أو أدوات منزلية أو مواد بناء أو مناحي زراعية وغيرها من الأشياء المعرضة للتلف أو الخراب بسبب سوء الاستعمال نتيجة عدم الفهم الجيد. وربما يكون الأسوأ في كل ذلك، إذا تعلق الأمر بمنشآت صنع طعام أو تقديمه، أو بخدمات صحية أو تقنية، قد تكلف المجتمع خسائر في الأرواح أو في المستوى العام لتلك الخدمات، أوتدنٍ في مستويات التقنية المقدمة. كنت في فترة من الفترات قد استدعيت عمالة آسيوية لصيانة أجهزة تكييف، لا تتقن إلا نتفا من العربية، ولا تستطيع التفاهم بالانجليزية، فعانيت معهم كثيرا لإفهامهم المطلوب منهم عمله، فإضافة إلى ضعف أخلاقيات العمل، وعدم الالتزام بمواعيد بدء العمل المتفق عليها، وبطء وتيرة العمل، والانقطاع عنه لأسباب غير وجيهة، فإن ما فاجأني أنهم غير مؤهلين للعمل، وغير قادرين على الإفهام، بأنهم لا يستطيعون إنجاز ما رغبت في إنجازه. كما أنه لا يمكنني الادعاء بأن العمالة العربية أكثر مهارة في إنجاز الأعمال وفق ما اتفق عليه، غير أن المرء يستطيع تبين قدرة العامل ومهارته من خلال التواصل الجيد بلغة مشتركة بين الطرفين. وفي أقل الأحوال يستطيع صاحب العمل إفهام العامل، بأن الخلل يلحق بأشياء أو بأناس جراء الاستخدام الخاطئ لبعض الأدوات، أو التقنيات التي قد يلجأ إليها العامل في إنجاز المطلوب منه. فالفكرة التي أود أن أشرك القراء فيها في ختام هذه المقالة، هي أن إنشاء مراكز للتدريب الأولي أو الاختبار الشامل لبعض المهن المحتاج إليها المجتمع، سيكون مفيدا في تجنيب الناس تلك المخاطر، التي تحدثت عنها أعلاه. مثلما أن الاهتمام بمستوى يمثل الحد الأدنى من التواصل بلغة البلد الذي يحتضن تلك الجاليات، سيحقق -في نظري- ارتفاعا في قدراتهم الذهنية في فهم المطلوب مباشرة، وربما التفريق بين ما ينجزونه في بلادهم، وما يريده الناس في بلدان الخليج المختلفة عن بلدانهم في كثير من مناحي الحياة والظروف المناخية والمعيشية. وكل ذلك سيسهم في ارتفاع أداء القطاع الخاص، الذي يؤثر دون شك في الاقتصاد بوجه عام، وفي أوضاع الناس النفسية، وأوقات راحتهم واستمتاعهم.

مشاركة :