مشكلة سياسية لغوية

  • 1/14/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عبد اللطيف الزبيدي هل السياسة مشكلة لغوية؟ يبدو ذلك، والساسة أعلم. لنأخذ مثلاً وننطلق. جمع، حشد، جمهور من الأشقاء الفلسطينيين في ملتقى، مؤتمر، منتدى، بعد جلسات، اجتماعات، يصدرون قرارات، توصيات، لا قرار لها ولا توصي أحداً بشيء، تقرع طبلة أذنك فيها جملة، عبارة، شطحة، خيال شعري سياسي في أهم قضية لدى العرب، بدليل أنها وراء كل ما حدث ويحدث لهم. تقول التحفة البلاغية البيانية: مواجهة التحديات وإنهاء الاحتلال. كلام كبير. من يسمعه مدققاً أول مرة، بالرغم من سماعه آلاف المرات عبر عشرات السنين، يظن أن المسألة جد في جد. الكلام في حد ذاته لا أهمية له، فالأهم هو مدى دقته وصدقيته، وما وراءه من قابلية للتطبيق، وأهلية للتصديق، بعد التحقيق. لا أحد يتحدث، إن كان عاقلاً، عن مواجهة التحديات وإنهاء الاحتلال، إذا لم يكن يعرف ما يقول. إذا كان النص قرارات، فما الذي يسندها من تخطيط عملي قابل للتنفيذ؟ وإن كانت توصيات فإلى من هي موجهة ومرسلة؟ منذ احتلال فلسطين وتهجير أهلها، والمنظمات، وفي مقدمتها أو في مؤخرتها الجامعة العربية، وعبارة مواجهة التحديات يطير بالوناتها الناس في الهواء والخواء، من دون أن ينبري شخص جاد صادق فيقول إن التحديات هي: واحد، اثنان، ثلاثة، مئة، وإن سبل المواجهة هي: واحد، اثنان، ثلاثة، عشرة. ماذا كانت النتيجة؟ قضم المحتل الأرض ألف مرة، حتى عادت كسمكة العجوز والبحر، وصارت القيادات الفلسطينية تحلم بإحياء عملية السلام ببخور المفاوضات، وتتوسل إلى المجتمع الدولي، الذي يصر على تفوق إسرائيل على مجموع الدول العربية، أن يوقف تسونامي بناء المستوطنات. ما معنى إنهاء الاحتلال بعد هذه التدحرجات السيزيفية؟ هل يعلم هؤلاء ما يقولون؟ ولماذا يتوهمون أن العرب جميعاً لا يفهمون ولا يتساءلون عن سبب الاستغباء؟ تجربة عملية بسيطة وسهلة. اليوم لدى الشعوب شبكة عنكبوتية، فمن اليسير إعداد استطلاع للرأي العام العربي، والسؤال الوحيد: هل تأخذ كلام القيادات الفلسطينية على محمل الجد؟ من قال: نعم، فهو إما غافل وإما غير عاقل. ما أروع اللغة العربية في الخط: كيف يمكن نقل نقطة الغين إلى الفاء ليصبح الغافل عاقلاً؟ نحن أمام معضلة وعي عام، إدراك شامل، وإلا ما كان العالم العربي ينحدر إلى الدرك الأسفل، لتمسي القضايا المصيرية مجرد مفردات جوفاء، يلوكها الناس علكة بلا طعم، بينما رحى الطحن لا تنفك عن الدوران وحنطة الشعوب تتناثر دقيقاً، ولكن في سلة مهملات التاريخ. لزوم ما يلزم: النتيجة العكسية: هل اللغة مشكلة سياسية؟ يبدو ذلك، والساسة أيضاً أعلم! abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :