على الرغم من الصدمة التي حققتها الدعوة لإقامة دولة كردية مستقلة في الأوساط الإيرانية والتركية والعراقية على حد سواء إلا أن هذه الدعوة لم تلق التأييد الكافي من المجتمع الدولي ولا حتى من داخل المجتمع الكردي. فهناك عوائق أمنية ومخاوف دولية ومعارضة داخلية. فالشعب الكردي وسط المتغيرات التي تجري من حوله والأزمات التي تحيق بالعراق، ازداد تطلعه إلى دولة كردية مستقلة خصوصا أنها تتمتع بثقافة موحدة فشلت الحكومات العراقية السابقة في صهرها ضمن البوتقة الوطنية، كما فشلت كل من تركيا وإيران وسوريا. ومع كل هذا، فإن هناك انقسامات في صفوف الأحزاب الكردية تقف حائلا دون التوصل إلى اتفاق حول الاستقلال الذي يشكك البعض في كونه خيارا قابلا للتطبيق، ففي الوقت الذي يتطلع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعودالبرزاني، وحركة التغيير، إلى الاستقلال ويلوح به، نجد في المقابل أن الاتحاد الوطني الكردستاني يلتزم الصمت ويتفاعل مع العراق كجزء من مكوناته، ومع هذا فإن حركة التغيير تبدي مخاوفها من هيمنة أسرة البارازاني على كردستان مما قد يعيق المؤسسات الديمقراطية التي تعتبر الأساس لتشكيل دولة كردية قوية. أما في الجوار الاستراتيجي، فإن تركيا لا تدعم رسميا قيام دولة كردية مستقلة لأن ذلك قد يصبح سابقة تشجع الأكراد في تركيا على المطالبة بالاستقلال مع أن حزب العمل الكردستاني في تركيا لا يحبذ إقامة دولة كردية مستقلة خشية أن تجد هذه الدولة الكردية نفسها مضطرة لخوض حرب لا هوادة فيها. أما الأكراد في إيران فإنهم وبسبب الاضطهاد الذي يعيشونه والتحجير على مدارسهم النقشبندية وإغلاقها، يتطلعون إلى قيام دولة كردية مستقلة في العراق تدعمهم وتشد من أزرهم، خصوصا أن القوة النقشبندية التي قاتلت مع «داعش» واحتلت الموصل تأتمر بأمر القائد البعثي عزت الدوري الكردي الأصل النقشبندي المشرب. أما على الصعيد الدولي، فإن الاتحاد الأوروبي لن يقبل بدولة كردية إلا إذا التزمت بالديمقراطية خصوصا أن موقف كردستان العراق من الديمقراطية لايبدو واضحا حتى اليوم، لكن إسرائيل عبرت على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن دعمها لقيام دولة كردية مستقلة معللا ذلك بتشكيل قوة متوازنة في المنطقة وهذا ما أصبح يشكل قلقا لإيران. ولكن يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحدد موقفها من ذلك، ففي الوقت الذي منعت سفينة محملة بالنفط الخام من كردستان العراق من تفريغ حمولتها في تكساس كانت تدعم بقوة قوات البيشمركة التي أثبتت ضعفها أمام «داعش» مما جعل الولايات المتحدة تقصفها وتعيدها على أعقابها عن المدن الكردية وعن سد الموصل. وعندما طرح أحد السعوديين من أحد المراكز الاستراتيجية فكرة كردستان الكبرى في مؤتمر دولي ضم مشاركين من 18 دولة لم يلق اعتراضا من الحضور، وعندما سئل عن ذلك قال بأن هذا هو الوضع الطبيعي في حالة استمرار التدخل الإيراني والتركي في شؤون الدول العربية.
مشاركة :