أظهر تقرير لوحدة التحريات المالية في وزارة الداخلية، أن الوحدة تلقت 2294 بلاغاً، تتعلق بغسل أموال وتمويل إرهاب في العام 2012، منها 2077 بلاغاً تتعلق بغسل الأموال، و217 بلاغاً لتمويل الإرهاب. وبحسب التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، بلغ عدد الجهات التي تلقت وزارة الداخلية بلاغات منها أربع جهات، منها 1845 بلاغاً من المؤسسة المالية، و217 بلاغاً لتمويل الإرهاب، وثلاثة بلاغات من جهة الأعمال. وسجل عدد طلبات كشف الحسابات من مؤسسة النقد العربي السعودي 588 طلباً، كما تلقت وزارة الداخلية في العام 2008 نحو 1019 بلاغاً، و1230 بلاغاً في عام 2009، ونحو 1368 بلاغاً في 2010، وفي العام 2011 تلقت 2044، أما في العام 2012 فكانت 2294 بلاغاً. وأفاد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات في العام 2011 بأن الشبكات الإجرامية استطاعت غسل 1.6 تريليون دولار عام 2009 من تجارة المخدرات، مشيراً إلى أن محاربة غسل الأموال على المستوى العالمي ما زالت متدنية، وعالمياً يبدو أن أقل من 1 في المئة من تدفق الأموال غير المشروعة يتم تجميده ومصادرته، وركز التقرير على تجارة الكوكايين باعتبارها الأكثر ربحاً، إذ جنى المهربون من هذه التجارة نحو 84 مليون دولار عام 2009. وكانت قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السعودية تعالجها لجان مشكلة من جهات حكومية عدة، ونظراً إلى تطور وانتشار الجرائم المنظمة، صدر نظام مكافحة غسل الأموال الذي نص في مادته الـ11 على «إنشاء وحدة لمكافحة غسل الأموال، تسمى «وحدة التحريات المالية». وحاولت «الحياة» الحصول على رأي مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في الأمر، لكنها لم تتلق رداً. بدوره، ذكر الاقتصادي الدكتور فضل البوعينين أن «ضعف الرقابة في القطاع المصرفي ومؤسسة النقد العربي سبب في نمو قضية غسل الأموال، ما قد يمكن تجار المخدرات من إقحام أموالهم في المصارف، وهذا سيكون له عوائد سلبية في سلامة القطاع المصرفي، كما أن مؤسسة النقد العربي السعودي تتحرك ببطء، فهي لا تمارس دورها كما ينبغي، بينما نجد في الجهات الأمنية قوة واحترافية في تمكنها من القبض على الأموال القذرة والكشف عن تجار المخدرات». وأضاف البوعينين في حديثه لـ«الحياة»: «غسل الأموال هو الجانب الأكبر والخفي في الاقتصاد السعودي، وأثره ضخم في تشويه الأرقام الخاصة ببيانات السيولة والاقتصاد السعودي، وهدف مروجي المخدرات النهائي إقحام الأموال في القطاع المصرفي، وتأتي مرحلة غسل أموال المخدرات في المرحلة التي تلي تجارتها، والسيطرة عليها كتجارة يقضي على جانب كبير منها، وقد تقحم القطاع المصرفي في مشكلات داخلية وعالمية». وعزا الاقتصادي أسباب نهوض تجارة المخدرات وما يتبعها من غسل أموال إلى «ضعف الرقابة المصرفية»، نافياً اتخاذ المصارف جانب «التستر». واعتبر أن «وصف دور المصارف في ما يخص غسل أموال المخدرات بالتستر غير ممكن، لأن ذلك يفضي بشراكتها في الجرم، لكن الواقع يؤكد ضعف رقابتها، وضعف الكفاءات البشرية التي تعمل بها عن اكتشاف غسل الأموال، كما تتفاوت الأنظمة المصرفية بين مصرف وآخر وبعضها لا يستخدم التقنية بشكلٍ عال الدقة، ما يؤثر سلباً»، واصفاً أداء المصارف بـ«المتراخي». وتابع: «أستغرب أن يكون مصدر كشف بعض جرائم غسل أموال المخدرات من خلال وزارة الداخلية، فيما يفترض أن يكون ذلك دور المصارف ومؤسسة النقد العربي»، لافتاً إلى أن «نسب غسل أموال المخدرات تعلنها الأمم المتحدة ولا يمكن البت بها، إلا من خلال البيانات الرسمية، وللأسف ليست لدينا بيانات رسمية توضح حجم غسل الأموال، كذلك لا يوجد لدينا حصر بعدد القضايا التي حدثت في السعودية بهذا الجانب». وأكد الدور الإيجابي للسعودية من الناحية القضائية، موضحاً: «قامت بدورها من خلال سن القوانين والجزاءات المتعلقة بجرائم غسل الأموال، ويقوم القضاء بالحكم عليهم من خلال المرافعات القضائية التي أثبتت جديتها في بعض القضايا التي اتخذت في ضوئها أحكام». وقال إن القدرة على غسل أموال سبب رئيس في توسع التجار، وسيطرة الجهات الأمنية والرقابية على الأموال ستقطع دابر المخدرات محلياً، لكون هذه الأموال سبب في تشوه الاقتصاد المحلي، وإشاعة الفساد في المجتمع، ونشر الجرائم الأخرى ذات العلاقة بالمخدرات، وكذلك تشويه البيانات الرسمية، لذلك يجب ألا تضخ هذه الأموال ويلقى بالقبض عليها، وتتم مصادرتها لأنها تنمو بشكل فاضح».
مشاركة :